الاستعدادات التركية على الحدود السورية تعزز احتمالات الحرب من بادية الشام حتي يلامس حدوده مع تركيا ثمة مؤشرات تجعل احتمالات حرب كبري أمرا واردا بينما تتنافس عدة مراكز لإطلاق شرارتها!. التصعيد العسكري علي الجبهة السورية / التركية ليس المظهر الوحيد الذي يثير مخاوف التعجيل باندلاع حرب اقليمية واسعة، فثمة مشاهد تؤكد ان السيناريوهات المطروحة قد تغادر الاوراق لتتحول من مجرد افتراضات إلي عمليات حربية حقيقية. الشواهد تمتد من الاردن جنوبا إلي اقصي شمال سوريا حيث التوتر المستمر، والتعزيزات التركية تتدفق، والتهديدات تتجاوز انقرة، ليدخل »الناتو« علي الخط، ويعلن أمينه العام ان حلف الاطلنطي مستعد للدفاع عن تركيا!. بالتوازي مع كلام راسموسن الذي يؤكد دعم حلفه لحق سوريا في الدفاع عن نفسها، ينطلق تأكيد آخر أمريكي ايضا من جانب وزير الدفاع ليون پانيتا بوجود قوات امريكية في الاردن لمواجهة تبعات الأزمة السورية كاشفا عن ان بلاده ارسلت قوات عسكرية للحدود الاردنية / السورية لمساعدة القوات الاردنية حال مواجهة مخاطر تتعلق بالاسلحة الكيماوية. ليس هذا فقط رغم ان پانيتا لم يشر بالاسم الي دول بعينها، إلا انه لم يتوان كاشفاً عن وجود تعاون مع دول الجوار السوري لمراقبة الاسلحة الكيماوية والبيولوچية التي بحوزة نظام بشار الاسد. الاهتمام الامريكي خاصة والدولي عموما بتداعيات الأزمة السورية علي محيطها، انعكس علي الصعيد اللبناني في صورة الاعلان عن ضرورة تزويد الجيش اللبناني بمعدات لمراقبة الحدود مع سوريا، والذريعة جاهزة ، فالخروقات من جانب الجيش السوري تتزايد ولابد من دعم اللبنانيين لتعظيم قدراتهم علي حفظ الحدود المشتركة. واذا كانت دمشق تستهدف توتير الاجواء مع تركيا لدفع الموقف إلي حافة الهاوية فان سقوط قذائف من القوات التابعة لنظام الاسد داخل الحدود الاردنية واللبنانية يصب بقدر ما في ذات السياق، في اطار رؤية يتبناها النظام السوري مفادها ان رفع مستوي الصراع الداخلي ليتخذ ابعادا إقليمية ذات انعكاسات دولية، من شأنه تعقيد حسابات التدخل الحاسم، وتأجيل انهيار التوازن الهش، ومن ثم استبعاد فرضية الحسم العسكري للأزمة بتدخل قوي اقليمية مدعومة دولياً، لاسيما من جانب أمريكا. لكن بالمقابل فان السؤال الأخطر: ماذا يعني اذا افلتت الامور، وخرجت عن السيطرة حال فقدان التحكم في درجات التوتير المحسوبة؟. هل يدفع ذلك في لحظة مجنونة إلي اشتعال حرب اقليمية تكون ساحتها الشام الكبير لتشمل سوريا والاردن ولبنان لتتمخض عن رسم خرائط جديدة تصب في خانة تعميد الشرق الاوسط الجديد؟. ان النكهة الطائفية للصراع في سوريا ثم لعب الورقة الكردية، عبر دعم نظام الاسد للاكراد الاتراك المناهضين للحكومة المركزية يعيد في هذه اللحظة فكرة الدولة الكردية الكبري داخل سياق فك وإعادة تركيب خرائط المنطقة، ثم اصداء ذلك في لبنان بتركيبته الديموجرافية الدقيقة !. ثم يأتي توالي اعلانات القلق »الغربي« من خطورة التداخل بين طرفي النزاع في سوريا، ودعم اطراف لبنانية لأحدهما في اشارة واضحة لوقوف حزب الله عسكريا مع نظام الاسد، وتقاطع ذلك مع اطلاق تهديدات لإسرائيل، ثم قضية الطائرة دون طيار التي حلقت فوق اسرائيل ومسئولية حزب الله عنها، لتزيد من الحساسية المحيطة بوضع لبنان وإمكانية استهدافه حال اشتعال حرب في سوريا. وسط هذا المشهد الملتهب المعقد تنطلق اكبر مناورة مشتركة بين الجيشين الامريكي والاسرائيلي للتدريب علي مواجهة الصواريخ والطائرات تحت سيناريوهات تتعلق بالتعامل مع أوضاع معقدة وغير مسبوقة علي الاطلاق، وبأعداد كبيرة مقارنة مع آخر مناورة مشابهة، لتحمل رسالة مفادها ان الامر يتجاوز مجرد التحذير لأطراف بعينها، لتؤكد ان ما يدور في اقصي الشمال علي الحدود السورية التركية، وكذلك ما تشهده الحدود السورية مع كل من الاردن ولبنان لا يمكن ان يكون بمعزل عن حسابات واشنطن وتل ابيب، وان مغزي توقيت المناورة المشتركة لايبتعد بأي حال عن كل ما تشهده التفاعلات الاقليمية للازمة السورية من جهة، وتفعيل مشروع الشرق الاوسط الكبير وإعادة رسم خرائطه بالنار والدم من جهة أخري!. ما يحدث في سوريا ليس صراعا داخلها أو فوقها، انما إنطلاقا منها واستهدافا لكل ما حولها.