عبدالحميد عيسى ستظل ذكري حرب اكتوبر محفورة داخل الوجدان ومكتوبة بأحرف من ذهب بين دفتي كتاب التاريخ، سأظل أتذكر شقيقي الذي استشهد في معركة رأس العش دفاعا عن كرامة مصر وعزتها لتظل والدتي حتي الآن لا تقوي علي تعليق صورته بالزي العسكري علي الحائط بل مازالت تحتفظ بها في دولابها الخاص الي أجل غير مسمي.مصر وهي تحتفل بعيد انتصارها ستظل دائما مرفوعة الرأس قوية مهما صادفها من عواصف وانواء ومهما اختلف ابناؤها ستظل واقفة صامدة تهديء من روعهم لتقرب بينهم المسافات مهما بعدت وفي النهاية قلب الأم يحتوي الجميع. أزمة بدون لازمة في الوقت الذي اقرأ فيه خبرا عن انفراجة في أزمة البوتاجاز أقابل اثناء عودتي من العمل بائع البوتاجاز الذي يحمل فوق عربته الكارو التي يجرها الحمار وعليها اكثر من عشرين انبوبة مليئة بالغاز لأسأله عن سعر الانبوبة فكان الرد ب 03 ارضي و53 علوي.. اظن انكم فهمتهم اجابة بائع البوتاجاز المتحكم الوحيد الآن في سعر الانبوبة، احترنا هل هناك ازمة ام انفراجة اذا كانت ازمة فدعونا نهييء انفسنا لها بالعودة الي الوراء واذا كانت انفراجة فاتركونا لكي نستمتع بشم رحيق البوتاجاز. اضراب الاطباء اتذكر عبارة كنت أقرأها دائما في الكتب المدرسية تقول: »البيت الذي تدخله الشمس لا يدخله الطبيب« أو لانها عبارة قديمة لا يدخله »الحكيم« تذكرت هذه العبارة وانا اسمع عن اضراب جزئي للاطباء علي مستوي الجمهورية تنظمه نقابة الاطباء فهل يعلم اطباء مصر ان معظم بيوت مصر لا تدخلها الشمس وبالتالي فهي في احتياج دائم لهم. هذه المهنة الانسانية تحتاج منا الي الاقتداء بالماضي حيث كان الطبيب يطلق عليه »الحكيم« فكان اسما علي مسمي فاذا ما استدعيناه في كشف خاص نظل واقفين في ترقب حتي ينتهي من الكشف ثم نسأله عن علة مريضنا فيقف دون ضجر او ملل طويلا ليجيب عن كل سؤال يوجه اليه في رحابة صدر ولا يرحل الا اذا بث فينا الطمأنينة وكتب الدواء اللازم ونحن لا ننكر ان »الحكيم« مازال موجودا حتي يومنا هذا ولكن مع مرور الزمن وسرعة الحياة قد لا يجد وقتا للاجابة علي الاسئلة القلقة من أهل المريض وهذا امر يجب ان نسلم بها ولكن عجبي ان تدعو نقابة الحكماء الي اضراب في قري ونجوع مصر ومستشفياتها الحكومية هي الملجأ الوحيد لاهل هذه القري، الذي كنت اتمني الا يكون اضرابا بقدر ما يكون يوما للتبرع بعدد من الكشوف.. كل حكيم في مسقط رأسه حتي يشعر بقدسية هذه المكانة. لماذا اختفت هذه الأشياء؟! اشياء كثيرة اختفت من حياتنا بداعي أنها من الزمن الماضي. عسكري الدرك: الذي كان يسهر طول الليل علي راحة المواطنين. مفتش المدرسة: الذي كان يفاجيء المدرسة والفصول ليقيس المستوي من خلال دخوله الي عدد من الفصول لاختبار التلاميذ عشوائيا حتي ان المدرس كان يشعر بالخطر فيقوم بتوزيع التلاميذ »الشطار« في انحاء الفصل حتي يشعر المفتش بارتفاع المستوي. عربية التسعيرة: تلك السيارة الخاصة بمفتش التموين التي كانت تفاجيء القرية وما ان يسمع التاجر أنها دخلت البلد حتي يسرع بغلق باب المحل حتي لا يكون عرضة للمساءلة القانونية بعد ان يقع البعض في قبضة السيارة. المسحراتي: كلنا يعرف هذا المسحراتي لانه اختفي منذ فترة قصيرة. حرامي البهايم: الذي كان لا يهتم بالسرقة بقدر ما كان يقضي وقته كله في نقب الحيط حتي يصل بعد زمن ليجد »البهيمة المنشودة« قد اختفت ويصبح »نقبه علي شونة«.