إذا ما فاز أوباما في الانتخابات الرئاسية القادمة، كما هو مرجح حتي الآن، سيكون ذلك بفضل منافسه رومني!.. فالمرشح الجمهوري لا يدخر جهدا في مساعدة أوباما انتخابيا بالاخطاء المتوالية التي يرتكبها سواء في حق نفسه أو في حق الناخبين. هذا ما تراءي لي بعد أكثر من أسبوعين تجولت خلالها في عدد من المدن الأمريكية، وتابعت عن كثب الحملات الانتخابية لكلا المرشحين الديمقراطي والجمهوري.. فإن رومني بعد أن وضع نفسه في خصام نحو نصف الناخبين »47٪« عندما اتهمهم بأنهم يعتمدون علي الحكومة ولا يدفعون ضرائب، لم يقدم للنصف الآخر من الناخبين ما يطمئنهم إلي أنه.. سوف يتخذ عندما يصبح رئيسا من السياسات التي تحرك الاقتصاد الامريكي وتنهي مشاكله.. ولذلك بدأ أوباما يتجاوز رومني في فارق نقاط استطلاعات الرأي الأخيرة. غير أن تزايد احتمالات فوز اوباما بفترة رئاسة قادمة لا يعني انه حسم معركته الانتخابية، لان مشاكل الاقتصاد مازالت تلاحقه، فضلا أن المحافظين الجدد يبذلون جهدا كبيرا في حشد أصوات اليهود الأمريكان. واذا استمر رومني يرتكب الأخطاء الانتخابية علي هذا النحو سوف تكون فرصة أوباما هي الأفضل للاحتفاظ بالبيت الأبيض لاربع سنوات قادمة.. لذلك علينا أن نتأهب الآن لمواجهة هذا الاحتمال المتزايد، لأن لنا علاقات مع الولاياتالمتحدة سوف يكون استخدام أوباما له تأثيره عليها. وقد يكون أوباما الآن يتحدث ويتصرف محكوما باعتبارات المعركة الانتخابية، لكنه اذا ما ظفر بالفوز في الانتخابات القادمة سوف يكون مقيدا بذلك، بل إنه سوف يكون أكثر تحررا في فترته الرئاسية الثانية.. وبالتالي ستكون الفرصة متاحة أمامه لفرض رؤاه وافكاره، ومن بينها رؤاه الخاصة بالعلاقات الأمريكية المصرية. وعموما من يتابع ما يقوله أوباما خلال حملته الانتخابية وايضا ما قاله في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سوف يكتشف ان الرئيس الأمريكي يرهن اقامة علاقات طبيعية وطيبة مع مصر بعدد من الالتزامات التي يطالب القيادة المصرية بها.. وتشمل هذه الالتزامات عدم معاداة بلاده وسياساتها، بل عدم معاداة الغرب كله، والحفاظ علي علاقات مصرية إسرائيلية عادية وغير متواترة، ومحاربة الإرهاب والتطرف الذي يصنعه، والمضي قدما في التحول الديمقراطي الذي يعمق حرية التعبير وحقوق الاقليات. وهذا يعني أن الإدارة الأمريكية اذا استمر أوباما علي رأسها، سوف تراقب عن كثب الأوضاع السياسية في مصر وتطوراتها، وستصيغ موافقتها تجاهنا في مصر وعلاقاتها معنا بناء علي ما سوف تنتهجه الإدارة المصرية من سياسات وما سوف تتخذه من مواقف ليس فقط تجاه الولاياتالمتحدة والغرب كله وحتي إسرائيل، انما بناء أيضا علي ما سوف تنتهجه الإدارة المصرية من سياسات داخلية ومواقف تعد شأنا مصريا داخليا. باختصار هذا هو ما يريده أوباما منا اذا ما فاز في الانتخابات الأمريكية، أما ما يريده رومني فهو مختلف لانه لا يقبل أساسا بالوضع السياسي المصري الحالي.