مرور بضعة أيام لي في نيويورك أدركت أن أوباما نجح في أن يتفادي معظم الأثار السلبية علي حملته الانتخابية الناجمة عن الهجوم الذي تعرضت له السفارات الامريكية في منطقتنا العربية في اطار الاحتجاجات التي اندلعت ردا علي الفيلم البغيض المسئ لرسولنا الكريم.. وحدث ذلك رغم ضراوة الحملة التي شنها الجمهوريون ضد الرئيس الأمريكي محملين اياه وادارته مسئولية هذا الهجوم لفشله في التعامل مع الانتفاضات العربية، وعدم القدرة -كما تقول ليز تشيني ابنة نائب الرئيس السابق- بين الحلفاء والأعداء فيما يتعلق بالمصالح الاستراتيجية الامر الذي افقد امريكا حلفاءها وجعل اعداءها لايهابونها.. وقد ترجم نجاح أوباما هذا في احتفاظه بفارق النقاط بينه وبين منافسه الجمهوري رومني. لكن مناقشاتي في مدينة ناطحات السحاب كشفت لي ايضا أن أوباما رغم هذا النجاح الانتخابي المرحلي لم ولن يتخلف من اثار وتداعيات هجوم السفارات علي سياساته.. ونظرا لان هذا الهجوم كان بمثابة الصدمة له فان آثاره سوف تطبع فكره ورؤاه وسياساته التي سينتهجها اذا ما فاز بفترة رئاسية ثانية.. وبوادر ذلك اخذت تظهر وتمثلت في اصوات ارتفعت من بين صفوف ادارته وحزبه فطالب بمراجعة السياسات الامريكية تجاه الانظمة السياسية الجديدة التي تمخض عنها الربيع العربي.. وذلك باستبدال السياسات الداعمة او الودية معها بسياسات اخري حازمة وصارمة، لانها ليست انظمة حليفة او حتي صديقة.. ويستند هؤلاء الي ان الموقف الصارم الذي انتهجه اوباما وادارته تجاه هجوم السفارات أثمر في ادراك عواصم عربية في مقدمتها القاهرة ان واشنطن مصدومة وغاضبة مما حدث، وان من الحكمة تفادي غضبها من خلال الغاء الدعوي لمظاهرات جديدة كانت قد تمت الدعوة لها ووقف التحريض السياسي علي مزيد من الاحتجاجات. ولذلك.. لنا أن نتوقع حدوث تغير في العلاقة الرسمية بين مصر وامريكا اذا ما استمر اوباما في البيت الابيض لاربع سنوات اخري قادمة.. فهذا ما يطالب به صراحة عدد من اعضاء ادارته، الذين لم يصدمهم فقط تعرض السفارة الامريكيةبالقاهرة لهجوم المتظاهرين الغاضبين، انما صدمهم اكثر سكوت مؤسسات الحكم في مصر علي ذلك بعض الوقت وعدم التحرك لوقفه إلا بعد ان ابدت واشنطن ضيقها وغضبها.. واذا كان ذلك الحال هو المتوقع اذا ما فاز اوباما، فإن احتمالات حدوث تغير في العلاقات الرسمية بين مصر وامريكا سوف يتزايد اكثر اذا ما نجح رومني الجمهوري الاكثر تشددا وقربا من اسرائيل في الانتخابات الرئاسية الامريكية، خاصة وانه يعتمد الان في فريقه الانتخابي علي بعض رموز المحافظين الجدد، وهؤلاء لا يفرقون بين الاخوان والقاعدة. وهكذا.. سواء فاز أوباما الذي مازال متصدرا السباق الانتخابي الرئاسي او فاز رومني الذي يطارده بقوة، فان تغيرا ينتظر العلاقات المصرية الامريكية.. الفارق فقط سيكون في حجم هذا التغيير والذي يمكن تقديره بمقارنة تصريحات ليز تشيني الجمهورية ورايس المندوبة الامريكية في الأممالمتحدة.