في ظل صعود الجمهوريين مجددا في الساحة الأمريكية، فإن السؤال المطروح في الساحة السياسية الأمريكية، وفي الدوائر العالمية هو : هل ستعود الولاياتالمتحدة تدريجيا إلي نوعية السياسات التي كانت مطبقة في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش؟، وهل تلاشت نهائيا " الرؤي الملهمة " التي صاحبت وصول الرئيس باراك أوباما إلي البيت الأبيض؟ ويأتي طرح هذه التساؤلات في ظل مؤشرات لها مغزاها. فمن ناحية، بدأت عمليات " الضغط" التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتأثير علي مستقبله السياسي، والتحضير لانتخابات الرئاسة المزمعة في 2012، وذلك بإعلان كل من سارة بالين المرشحة الجمهورية السابقة، وميجان ماكين ابنة السيناتور الجمهوري المخضرم جون ماكين، عزمهما الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، فيما أطلق عليه في الأوساط الأمريكية الدور المرتقب " للجيل الجديد من المحافظين الأمريكيين الجدد ". ومن ناحية أخري، يشرع الحزب الجمهوري، وتيار المحافظين، وحركة حزب الشاي، في عرقلة " أجندة " الرئيس الأمريكي، وإبراز تضارب المصالح، واختلاف الأفكار والسياسات، بعد اجراء انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، في شهر نوفمبر الماضي، وحصول الجمهوريين علي 239 مقعدا من أصل 435 في مجلس النواب، وتوجيه انتقادات صريحة لسياسات أوباما، في سياق مشهد وصفه السيناتور الجمهوري المحافظ جيم دمنيت بأنه " مؤشرات حرب تلوح في أفق الساحة الأمريكية "، فيما يقول المحلل اليساري الأمريكي " إن ثمة حربًا طبقية أمريكية، يقودها أصحاب النفوذ والأثرياء ". وإذا كان " تيار المحافظين " الأمريكيين الجدد بتجلياته المختلفة قد ظهر بقوة علي المسرح السياسي الأمريكي خلال الأعوام الماضية، وأصبح له الآن مؤيدون بالملايين بين الأمريكيين، فإن بلورة هذا التيار في صورة احتجاجات اجتماعية جاءت في سياق سياسي ثقافي لتيار يرفض تدخلات الحكومة الفيدرالية في كل صغيرة وكبيرة، وشرائح أمريكية لاتريد حكومة تتحول إلي " أخ أكبر " يتولي العلاج والتعليم والصناعة والتجارة، فيما وصفه البعض بحركة المعارضة الجديدة في صفوف الطبقة المتوسطة الأمريكية. أما علي الصعيد العالمي، فإن صعود تيار المحافظين الجدد، ومؤيديهم في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وسط اهتزاز شعبية الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يثير المخاوف بشأن توجهات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم، علي الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، في خضم مرحلة " اشتباك " قوية بين أمريكا والعالم، في العراق، وأفغانستان، وباكستان، وإيران، وسباق النفوذ مع روسيا والاتحاد الأوروبي والصين، ومشكلات الشرق الأوسط، وصراع الأساطيل في المحيط الهندي، وصولا إلي تسخين الموقف الراهن في شبه الجزيرة الكورية. تجليات المحافظين الجدد تدل الشواهد علي أن فكر المحافظين الجدد لم ينته مع وصول الرئيس باراك أوباما إلي سدة الرئاسة الأمريكية، ذلك أن تيار المحافظين له مؤسسات فاعلة، وصحف ومجلات شهيرة، ومراكز بحثية، ومعاهد تعبر عنه وتجسد أفكاره،فهناك مؤسسة " التراث" ( هيرتدج )، معهد هدسون، ومشروع القرن الأمريكي الجديد، ومجلة ناشيونال ريفيو، وويكلي ستاندرد، كما أن لديهم الكتاب الذين يؤيدون أفكارهم ومنهم ماكس باوت، وروبرت كاغان، ولهم عدد من المؤيدين في وسائل الإعلام الأمريكية، الأمر الذي يساهم في نشر طروحاتهم فيما يخص السياستين الداخلية والخارجية . ولعل النقطة الأساسية في مسيرة المحافظين الجدد الأمريكيين أنهم يجيدون حشد الجماهير، وإثارة السخط العام، واللعب بعواطف الناس وحماسهم، ومع صعوبة الإقرار بالتطابق التام بين المحافظين والحزب الجمهوري، وحركة حزب الشاي التي تكتسب يوميا قوة ونفوذا في الساحة الأمريكية، فإنه لابد من ملاحظة نقاط التقارب فيما بينها . فالرسالة التي يجتمع عليها المحافظون حاليا هي الدعوة لما يسمونه إنقاذ أمريكا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والتحذير من أن "الأمة الأمريكية تسير نحو الكارثة " علي حد تعبير السيناتور الجمهوري المحافظ جيم ديمنيت، ومن الملاحظات الفارقة، أن حركة حزب الشاي تسعي للتمايز في مواقفها عن الحزبين الكبيرين، ولكنها توصف عموما بأنها الجناح الأكثر تحفظا في الحزب الجمهوري، ذلك الحزب الذي يركز علي تقليص الضرائب، ومحاولة إلغاء قانون إصلاح نظام الرعاية الصحية، وتقليص دور الحكومة، بينما تعلن حركة حزب الشاي بدورها أنها " قوة محورية في الكفاح الجماهيري " المتصاعد في مواجهة الإنفاق الحكومي، والضرائب، والعجز، ولايخفي أن هذه هي المطالب التي ساعدت علي فوز الجمهوريين بأغلبية مجلس النواب. ويؤكد جون فورتيير الخبير في معهد الريادة الأمريكي أن نقطة الخلاف الرئيسية بين الجمهوريين وإدارة أوباما في المرحلة المقبلة ستتركز علي " قانون الإعفاءات الضريبية " الذي وضعه الرئيس السابق جورج بوش، وتنتهي صلاحيته بداية عام 2011، ويعتزم أوباما تمديد الحد من الضرائب علي الأمريكيين ذوي الدخل المحدود أو المتوسط، وينوي إنهاء الإعفاءات الضريبية علي الأمريكيين الذين يفوق دخلهم 250 ألف دولار، ومن المتوقع أن يشعل ذلك حربا بين أوباما والجمهوريين لارتباط قضية الإعفاءات الضريبية بالاقتصاد والميزانية، الأمر الذي يعني مواجهة مرتقبة بين الجانبين، مما يثير الشكوك حول احتمال اقدام الجمهوريين علي شل عمل الحكومة وعرقلة ميزانية العام القادم كما حدث في عام 1995 عندما رفض الكونجرس تمرير الميزانية، الأمر الذي يعني تكراره في 2010، في ظل الأزمة الاقتصادية في الولاياتالمتحدة كارثة بكل المقاييس . ومن المفارقات أن مجموعة جديدة تطلق علي نفسها اسم "مليونيرات وطنيون من أجل الدعم الضريبي " طالبوا الرئيس أوباما بزيادة الضرائب المفروضة عليهم، وإنهاء التخفيضات الضريبية مع نهاية العام الحالي، لرفع العبء عن دافعي الضرائب . شئون معلقة يبدو الشأن السياسي والاقتصادي الأمريكي في المرحلة الراهنة معلقا علي مسار عملية التنسيق (غير المؤكدة) بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وبالكاد، يسعي الرئيس أوباما إلي ما يسميه التعاون والتفاهم بين الحزبين، ودعوتهما إلي وضع التنافس الحزبي جانبا، ومحاولة تحقيق الأهداف الأمريكية العليا . وفي لقائه مع ممثلي الحزبين مؤخرا، دعا أوباما إلي مواجهة تحديات الفترة القادمة، في إشارة إلي إعطاء دفعة قوية للاقتصاد الأمريكي، وحل المسألة الضريبية، والاقتطاع من الانفاق الحكومي، وتعزيز سوق العمل عبر توسيع التجارة، ودعم الانتاج المحلي للطاقة، وانقاذ الاتفاقية الموقعة مع روسيا حول خفض الأسلحة النووية ( ستارت ). ويقال إنه بوصول الجمهوري مارك كيرك إلي المقعد السابق الذي كان يشغله الرئيس أوباما كعضو لمجلس الشيوخ عن ولاية ايلينوي شمال، فإن ذلك يعني اختلال توازن القوي لمصلحة خصوم الرئيس في المجلس، فلم يعد للديمقراطيين سوي 58عضوا، عبر التعويل علي عضوين مستقلين، بينما للجمهوريين 42 عضوا. أمريكا والعالم يقول الكاتب ديفيد بروكس " إن حركة حزب الشاي " انتقت أسوأ ما أفرطت فيه الثقافة الأمريكية الحديثة وهو: الشعور النرجسي بأنها ضحية، والإيمان الأناني بصواب الذات ونقائها، والرغبة في تحريف الحقائق حتي يصبح كل " صراع " منافسة بين الخير الخالص والشر الخالص " . ويؤكد الكاتب ناعوم شيميل الباحث المقيم في لندن والمتخصص في مجال حقوق الإنسان إن حركة حزب الشاي اتجاهها محافظ، وتقوم فلسفتها علي رفض التعايش مع الجناح المعتدل، وهي تعبر عن روح الفكر الأمريكي المحافظ، وتتصاعد انتقادات الحركة نحو الرئيس أوباما إلي حد وصفه بأنه " شيوعي خفي " . وفيما تتضخم قوة حركة حزب الشاي، وسحبها تدريجيا لأعضاء جمهوريين، فإن بعضهم يستخدم عبارة " ثورة الشاي " في محاولة لإثارة عواطف الأمريكيين وحماستهم نحو أهداف الحركة .وعلي سبيل استخدام الخطاب المتطرف يطالب بعضهم بوضع الحاصلين علي الرعاية الاجتماعية في السجن لتعليمهم مهارات النظافة الشخصية، وقد قامت افكار مرشحي حزب الشاي علي توجهات متعصبة طبقيا وجنسيا، وعرقيا، ومنهم كارل بالادينو الذي قال إن مخططات أوباما للرعاية الصحية ستقتل من الأمريكيين عددا يفوق قتلي 11 سبتمبر . ويشكك هؤلاء في ظاهرة الاحترار العالمي، ويعارضون كثيرا من حقوق المرأة، ولا تبدو الساحة الأمريكية حاليا ممهدة لحركة ليبرالية قوية في مواجهة هذا التيار، اللهم إلا حركة حزب القهوة التي تقل كثيرا في قوتها ونفوذها. ويؤكد شيميل أن حركة حزب الشاي تدفع يوميا بزيادة الاتجاه المحافظ، وتجذب اهتمام وسائل الإعلام، وتتمثل المشكلة في أنها تذكي نيران التطرف في السياسات الداخلية والخارجية، ويبدو حديثها مشوبا بجنون العظمة ضد أوباما، ويقوم برنامج حركة حزب الشاي علي نزع الشرعية عن الحكومة، والامتناع عن تمويلها، ولايوجد لديهم خطة لزيادة فرص العمل، ومع هذه الحركة " غير الملهمة " يتحول غضب الأمريكيين إلي " ديماغوغية "، وهم عموما يكرهون التعاون بين الحزبين الكبيرين. وفي الوقت الراهن، فإن فكر المحافظين الأمريكيين آخذ في الانتشار عبر طيف واسع من السياسيين في الحياة السياسية، الأمر الذي يجعل من توجهات السياسة الخارجية الأمريكية خليطا من السياسات القديمة والحديثة، فهناك من يطالب بالتشدد مع الصين وروسيا، والتحضير لضرب إيران، وزيادة القوات الأمريكية في أفغانستان، وضرب السودان، وحشد المعارضة ضد البشير، وتقسيم العراق إلي ثلاثة أقاليم، وصولا إلي رؤي أمريكية متطرفة تقضي بإنشاء 56 كيانا في المنطقة الممتدة بين أفغانستان، حتي سواحل المحيط الأطلنطي . وتبدو هذه التوجهات استمرارا لثمان سنوات من حكم الرئيس السابق بوش الذي طبق بإخلاص روح الفكر الأمريكي للمحافظين الجدد، عندما أعلنت أمريكا حربا عالمية علي ( الإرهاب ) وواكبها اعتداءات سافرة علي حقوق الإنسان والحريات المدنية . واليوم، وياللمفارقة، نجد بين محافظي حركة حزب الشاي من ينادون الحكومة الأمريكية برفض التدخل العسكري الأمريكي في الخارج، والانسحاب من الشأن العالمي، وتخفيف العبء عن النفقات الحكومية، وصولا إلي دعوة البعض بتقليص الالتزامات العسكرية الأمريكية تجاه اسرائيل ضمن توجه عام بتقليص المساعدات الأمريكية للخارج، مع الطلب بانسحاب أمريكا من المشكلات المعقدة في منطقة الشرق الأوسط . ويبدو من تناقض هذه التوجهات، إن السياسة الخارجية الأمريكية تمر بأكثر مراحلها ( ضبابية ) في تاريخ هذه السياسة . ويلخص الكاتب توماس فريدمان معضلة هذه السياسة حاليا بقوله " .. نحن ندير السياسة الخارجية الأمريكية، ونخطط لعمليات إعادة البناء في الداخل في وقت أصبحت فيه مواردنا المالية وقوتنا الجغرافية السياسية أكثر محدودية من أي وقت مضي، بينما أصبحت التزاماتنا في الخارج، ووعود الاستحقاق في الداخل، أكثر توسعا وشمولا من أي وقت مضي ". أما علي الصعيد الاقتصادي العالمي، فإن صعود سلطة الجمهوريين في الكونجرس يثير المخاوف بالعودة إلي سياسات بوش الاقتصادية، مما قد يؤدي إلي إضعاف الدولار الأمريكي . ويقول فان آرك كبير الاقتصاديين في مؤسسة " كونفرانس بورد " التي تقيس المؤشرات الاقتصادية الأمريكية " إن بقية دول العالم، بما في ذلك آسيا، تراقب عن كثب الولاياتالمتحدة، من دون ملاحظة أي تدابير سياسية فعالة في إعادة الاقتصاد إلي المسار الصحيح، وهو ما يجعل الولاياتالمتحدة تفقد شرعيتها في المجتمع الاقتصادي العالمي، كرائد في تقديم الحلول " . العلاقات المصرية الأمريكية تنعكس " ضبابية " توجهات السياسة الخارجية الأمريكية ، علي النحو الذي شرحه توماس فريدمان علي تكييف واشنطن للعلاقات الأمريكية المصرية في المرحلة الحالية . ويبدو ذلك واضحا إلي حد كبير في ضخامة الدوائر والمؤسسات والهيئات المعنية بالشأن المصري، خاصة علي الصعيد السياسي والانتخابي، والتي تجمع بين أصحاب التوجهات المحافظة من أمثال روبرت ساتلوف بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، ودانيال كالينجرات بمؤسسة فريدوم هاوس، بالإضافة إلي ممثلي التوجهات الليبرالية من امثال توماس كاروزرس من معهد كارنيجي للسلام، هذا، فضلا عن ممثلين لمؤسسة التراث (هيرتادج) ذات التوجهات المحافظة الصريحة. وفي لحظة فاصلة للعلاقات المصرية الأمريكية، تشهد الساحة الأمريكية ما يطلق عليه " فريق العمل الأمريكي بشأن مصر " والذي يجمع ممثلين من كل هذه المؤسسات والهيئات علي اختلاف توجهاتها، بهدف الاستمرار في ممارسة " الضغط " علي النظام المصري، لصالح " إجراء تحولات ديمقراطية، ترضي عنها المؤسسات الأمريكية ". وليست هذه المرة الأولي التي تستخدم فيها الإدارة الأمريكية أسلوب "الضغط " بمبررات " الديمقراطية " علي النظام المصري، ذلك أن ممارسة هذا " الضغط " تستخدمه الإدارة الأمريكية بطريقة " موسمية " علي حسب مقياس الرضا الأمريكي علي سياسة مصر الخارجية، وتحديدا علي حسب الموقف المصري من اسرائيل وتطورات عملية السلام في المنطقة، ومدي الضغط المطلوب ممارسته علي مصر لإرضاء المطالب الإسرائيلية والأمريكية، وليس لمصلحة التحول الديمقراطي الحقيقي في مصر . وفي سياق تصعيد للنقد الأمريكي لمصر، وردود قوية مصرية في هذا الصدد، يمكن تلمس أبرز ملامح هذا التراشق من الجانبين علي الوجه التالي: 1- علي المستوي الأمريكي "الرسمي"، جاء الاهتمام بمتابعة الحالة السياسية في مصر في إطار عملية المراجعة التي يقوم بها أوباما ومستشاروه للسياسة الخارجية الأمريكية المتعلقة بملف الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، ومن هنا جاء اجتماع البيت الأبيض في بدايات شهر نوفمبر، مع ممثلي "فريق العمل الأمريكي بشأن مصر " الذي يطلق عليه Working Group on Egypt ومستشاري الرئيس أوباما في مجلس الأمن القومي والمشرفان علي ملفات الشرق الأوسط دينيس روس ودان شابيرو، ومسئولي حقوق الإنسان وتحقيق الديمقراطية بالمجلس سامنتا باور وجايلي سميث، كما ضم اللقاء ممثلين عن المعاهد الأمريكية المهتمة بالشأن المصري ومنها " معهد بروكنجز " و" مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي " و" مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط " و" معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني " بالإضافة إلي إليوت أبرامز المسئول عن الشرق الأوسط والديمقراطية في عهد الرئيس بوش. وفي سياق هذا الاجتماع الموسع ورفيع المستوي، تمحور النقاش العام حول ما أطلق عليه " تأخر الإدارة الأمريكية في الضغط علي مصر " من أجل السماح بخطوات ديمقراطية، والمراقبة الدولية للانتخابات القادمة، وعدم وجود ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات . ومن المعروف أن السيناتور الديمقراطي عن ولاية ويسكونسن روس فينجولد قدم مشروعا لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر، وبالرغم من خسارة السيناتور في الانتخابات، فإن المشروع يحظي بتأييد 11 عضوا من الحزبين، وتتوقع مصادر أمريكية أن يتبناه مزيد من الأعضاء . ويطالب المشروع بإلغاء قانون الطوارئ، وأن يحل محله قانون لمكافحة الإرهاب لضمان أن تكون الانتخابات حرة وعادلة وشفافة ومعبرة عن إرادة الناخبين في الانتخابات التشريعية والرئاسية . ويتوقع تمرير المشروع بعد أن يبدأ الكونجرس الجديد أعماله في يناير المقبل. 2 - علي مستوي مراكز ومعاهد البحث الأمريكية والمعنية بالشأن المصري، تمحورت أفكارها وطروحاتها حول مطالبة الإدارة الأمريكية بسياسات حقيقية ومعتدلة تجاه عملية الديمقراطية والنظام السياسي في مصر. مع ممارسة الضغط القوي إذا لزم الأمر، وبدون أن يصل ذلك إلي قطع العلاقات أو التهديد بوقف المساعدات، وقد وجهت هذه الهيئات " انتقادات لاذعة " للإدارة الأمريكية مضمونها أن هذه الإدارة لا تمتلك استراتيجية محددة في هذا الصدد، وأنها موزعة ومنقسمة بين أمرين هما : الدعم الحقيقي لطموحات المصريين في ديمقراطية حقيقية، وبين التحالف مع النظام المصري الذي يدعم عموما المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. 3 - علي مستوي رد الفعل المصري " الرسمي " يجري وصف المواقف الأمريكية في مجملها علي أنها من قبيل " التطفل السياسي " و " التدخل في الشأن المصري الداخلي " ومن هنا يأتي الرفض الكامل لمسألة الرقابة الدولية علي الانتخابات " وفي هذا السياق جاء رفض مصرأيضا لتقرير الحريات الدينية الأمريكي لأسباب تتعلق برفض مصر للوصاية الدولية من قبل دولة لاتملك هذا الحق مع الاستعداد لقبولها من مؤسسات دولية مثل الأممالمتحدة . 4- علي المستوي الشعبي والحزبي ومنظمات المجتمع المدني في مصر فقد تكيف موقفها من " الضغط " الأمريكي من منطلق التشكيك في النوايا والمواقف الأمريكية، والطعن في مدي مصداقيتها، علي اعتبار أن الجرائم الأمريكية التي ارتكبت في العراق وأفغانستان، وعلي مدي التاريخ الأمريكي ، تثبت عدم مصداقية هؤلاء في دعم المطلب الديمقراطي الشعبي في مصر، واعتبار ما يطلق عليه الضغط الأمريكي يأتي فقط للاستهلاك المحلي هناك، ويستشف من مجمل الموقف المصري " الشعبي" أن المصريين لا يؤيدون ولاينتظرون، ولايتحسبون لدعم خارجي، أومدد أمريكي، لتعزيز نضالهم ومسيرتهم الديمقراطية، طويلة الأجل.