مؤمن خليفة من الطبيعي أن الصحفي مواطن عادي ليس علي رأسه ريشة ولا يستحق امتيازا عن سائر المواطنين المصريين. علي واضعي الدستور أن يراعوا كرامة المهنة التي أهينت وجري التنكيل بها منذ أيام الرئيس عبد الناصر ومرورا بالرئيس السادات ثم مبارك.. لم تتنفس الصحافة المصرية حريتها إلا بعد ثورة 25 يناير.. ولعلنا لا نزال نتذكر معركة الصحفيين ضد القانون 93 الذي وقف جميع الصحفيين ضده وجمعيتهم العمومية التي كانت خير مثال وقتها علي أن الصحفيين طفح بهم الكيل وتراجعت الحكومة وقتها وانتصرت المهنة.. ومن غير المنطقي أن يجري التلاعب في المواد التي تضمن استقلال الصحافة وعدم التنكيل بها ونحن نؤسس لدستور مصر الجديد بعد ثورة عظيمة بكل المقاييس.. لا أحد يتصور أن تعود الصحافة إلي الوراء مرة أخري ولا أحد مع وجود مواد معيبة في الدستور ضد حريات الأفراد.. وفي الوقت نفسه لا أحد مع ترك الحبل علي الغارب للصحفي لكي يسيء إلي الآخرين تحت دعوي الحرية لأن الحرية لها حدود لا يجب أن تتخطاها.. وما ذكره الكاتب الكبير جلال عارف الاثنين الماضي في مقاله " في الصميم " يجب أن يؤخذ في الاعتبار في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور.. قال نصا: "نفسه اللجنة تعمل بكل إخلاص لكي يكون الدستور الجديد هو الطريق إلي أزهي عصور اغتيال الصحافة وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات بعد نشر »الأخبار« الخميس الماضي مسودة أول بابين من مشروع الدستور . لا أحد ضد حبس الصحفيين في جرائم النشر ولكن السؤال الذي أوجهه للأستاذ جلال وهو سؤال منطقي وملح مع الانفلات الأخلاقي لبعض العاملين في المهنة.. ماذا تفعل إذا تم تحريف تصريح لك ولم يقم رئيس التحرير بنشر التكذيب الذي أرسلته.. وماذا أنت قائل فيما ينشره بعض الصحفيين من أخبار ملفقة وكاذبة تسيء إلي الآخرين.. وماذا يفعل الشخص المتضرر إزاء تعنت المسئول في عدم تصحيح ما نشر.. أنت تعلم وكنت نقيبا للصحفيين وقضيت سنوات طويلة في مواقع المسئولية أن كثيرا من الردود التي تصل إلي الصحف لا يتم نشرها كاملة رغم أن القانون نص علي ذلك وفي نفس المكان وبنفس البنط ولم يحدث مطلقا أن التزم أحد بها.. لقد مررت بتجربة مع احدي الصحف المستقلة حينما حرفت كلامي في مناسبة ما فجعلتني أسئ إلي بعض الزملاء وحينما أرسلت تصحيحا لم تقم بنشره.. كان من الممكن أن ألجأ لنقابة الصحفيين ولكنك تعلم قبلي أن النقابة تتحفظ في مثل هذه المواقف وتتقاعس وينتهي الموضوع.. كيف نعالج هذا القصور الذي يجعل الآخرين يتهمون الصحفيين بأن علي رأسهم ريشة.. فهناك أخبار متعمدة ومعيبة تنشرها بعض الصحف وهناك اتهامات غير موثقة في بعض المقالات وهناك رسوم كاريكتير علي النهج نفسه.. كيف نوقف هذا الانفلات في الصحف وكيف تقوم النقابة بدور حقيقي فاعل بعيدا عن سياسة الطبطبة.. يا أستاذ جلال.. مهنة الصحافة مثل مهن كثيرة تحتاج إلي تطهيرها من العناصر الفاسدة ولعلك تعرف أن هناك من يستغل قلمه للحصول علي مكاسب ويبيع ضميره من أجل منفعة.. هؤلاء يسيئون لحرية الصحفي وهؤلاء علي رأسهم ريشة !