تأتي الذكري السابعة والثلاثون لانتصارات اكتوبر رمضان 37 لكي ننعم بأعطر وأجل ذكري للشهداء والاحياء الذين قدموا لهذا الوطن اعظم انتصاراته. ومن المهم في هذه المناسبة ان نسلط الضوء ونشحن الذاكرة الوطنية باستدعاء النماذج الوطنية التي ينبغي ان تستلهم وتستقي منها الاجيال الجديدة مفاهيم البطولة والفداء والتضحية وايثار واعلاء القيم العليا. ولقد رأيت ان اركز في هذا المقال علي شخصيتين غاليتين كانا من ابطال الحرب والدبلوماسية معا، حيث ادت كل من المؤسسة العسكرية ممثلة في سياقنا هذا في شخص المشير احمد اسماعيل وزير الحربية الاسبق.. الذي انتقل إلي رحمة الله الواسعة عقب انتصار اكتوبر رمضان 3791.. والمؤسسة الدبلوماسية ممثلة في سياقنا هذا في شخص وزير الخارجية احمد ماهر الذي انتقل إلي رحمة الله الواسعة منذ ايام قليلة مضت ادوارا متكاملة وبطولية ساهم فيها كل الشعب المصري معهما. اما فيما يتعلق بالمشير احمد اسماعيل فلابد ان نقدم اولا التحية الواجبة بداية إلي برنامج العاشرة مساء الذي خصص حلقة كاملة عن هذه الشخصية العظيمة التي لم يعشق صاحبها الاضواء بل عشق العمل الدؤوب والمثمر في صمت وكد كبيرين. لقد امدتنا التفاعلات بتلك الحلقة بمادة ثرية تحتاج إلي مزيد من التحليل عن مكنون شخصية البطل احمد اسماعيل، خاصة انها قد تضمنت شهادات ومقولات لم نستمع اليها ولم نعرفها بالقدر الكافي.. من قبل خاصة وانها من شخصيات لها وزنها مثل زوجته الفاضلة التي تعتبر نفسها من الاسرة الكبيرة للقوات المسلحة والتي شاركته تفاصيل حياته المفعمة بصور البطولة ونكران الذات وكذلك ساهم ابنه السفير محمد اسماعيل وابنته المربية الفاضلة د. نرمين اسماعيل في اخبارنا بتفاصيل مهمة، كما شارك في تلك التفاعلات الثرية صديق العائلة الصديق والزميل د.محمد الجوادي الكاتب والمؤرخ الذي كتب كتابا عن شخصية بطلنا وكان كعادته متدفقا ومتميزا، وكان يتحدث بشعور وطني خالص استشعره من سمعه وكأنه ابن يتحدث عن اب لكل المصريين حيث حضر إلي ذلك اللقاء رغم ما ألم به من اصابة، نسأل الله العلي القدير ان يعافيه منها. واود ان اقدم هنا لقطات سريعة تعبر عن معادلات النصر ولنا ان نعتبرها دروسا عظيمة مستفادة وهي: 1- معادلة العمل الجماعي الخلاق الذي يعطي لكل ذي حق حقه، حيث اشار الرئيس السادات رحمه الله إلي المشير احمد اسماعيل في خطاب النصر الشهير 61/01/37 قائلا ان قواتنا المسلحة هي درع وسيف لهذا الوطن وشكر القيادة التي خططت فوقف احمد اسماعيل ليرد علي تحية كل المصريين الذين صفقوا في قاعة المجلس وخارجها في تلك اللحظات الرائعة.. كان يمكن للسادات وهو القائد الاعلي للقوات المسلحة ان يتحدث هو فقط عن النصر بصفته القائد الاعلي ولكنه ابي وفضل في لقطة تفاعلية رائعة ان ينسب الامر إلي القيادة التي خططت وكان يمثلها المشير احمد اسماعيل.. وهنا يأتي دور بطلنا عندما افتتح معرض الغنائم الذي تضمن عددا من الدبابات الاسرائيلية التي تمكنت قواتنا الباسلة من اسرها بأطقمها.. فإذا به ينادي علي الشاويش عبدالعاطي »صائد الدبابات« الذي دمر بسلاحه الخفيف 32 دبابة اسرائيلية ليفتتح ذلك المعرض مؤكدا في ذلك لقطة تعبر عن كيف تكون قائدا من هؤلاء الذين يعطون لكل ذي فضل أو حق حقه. 2- معادلة الجدية وحمل المسئولية.. ولهذا امثلة عديدة ولكن كان من اطرفها ان طلب احد الجنود صورة تذكارية منه وعندما اعطاه اياها بادره بالقول بأنه يريد ان يحصل علي اخري يبتسم فيها ليعبر فيها عن فرحة نصر اكتوبر وهنا يذكره العسكري بأنه لم يره مبتسما بل كانت ملامحه تحمل هموم الوطن ومسئولية رد الاعتبار لمصر.. وهنا نتذكر ان صلاح الدين الايوبي سئل لماذا لا تبتسم.. قال : كيف والاقصي اسير؟ اما فيما يتعلق بوزير خارجيتنا السابق احمد ماهر فلقد تعرفت عليه اول الامر عندما كان سفيرنا في واشنطن وشاركت ندوات مركز الحوار بواشنطن حيث كان محاورا دبلوماسيا متميزا ويذكرنا السفير عبدالرؤوف الريدي في مقاله بالاهرام عن اسهاماته كعضو في فريق الامن القومي اثناء حرب اكتوبر رمضان.. لقد تشرفت بأن اشاركه لقاء تفاعليا مهما في ساقية الصاوي حيث شارك مع سفراء بريطانيا والنرويج وهولندا النقاش حول ازمات الاسلاموفوبيا وأهمية التحلي بأدوات واساليب وقف التوتر والانفعالات السلبية من اجل وقف وتدهور الازمات واستباقها ولقد حظيت مداخلاته بإعجاب جمهور كبير حضر تلك الندوة وادعو هنا كل المعنيين بالدخول علي ال U TUBE تحت اسم كاتب هذه السطور ليشاهدوا وقائع هذه الندوة ولنتذكر معا كيف كان احمد ماهر رمزا معطاء لمصر في الدبلوماسية الرسمية وكذلك في الدبلوماسية الشعبية رحم الله كلا من احمد اسماعيل واحمد ماهر وادعو شبابنا أن يتعلموا منهما كيف يكون الكد والمثابرة والكفاح لاخر لحظة في العمر.. والله ولي التوفيق.