[email protected] اليوم أحتفل، وأدعو كل القراء الأعزاء للاحتفال معي بواحد من أعظم أيام مصر في تاريخها الحديث. اليوم تحل الذكري الخامسة والخمسون لانتصار مصر في حرب 56 وقهرها للعدوان الثلاثي الذي شنته إسرائيل مع بريطانيا و فرنسا علي أمل استعادة قناة السويس التي كانت قد عادت لحضن الوطن بقرار التأميم التاريخي الذي أعلنه الزعيم الراحل عبد الناصر قبل شهور، ومن أجل منع مصر من بناء السد العالي واستكمال بناء قوتها الذاتية وضرب حركة التحرير التي قادتها مصر في كل أنحاء الوطن العربي من المحيط إلي الخليج. في مثل هذا اليوم انسحب آخر جندي أجنبي من ارض مدينة بورسعيد التي أصبح اسمها أنشودة يرددها الأحرار في العالم كله. فشل العدوان وبقيت القناة لمصر، وبنينا السد، وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ مصر والعرب .. بل في تاريخ العالم كله، عنوانها هو حق الشعوب في حريتها وفي استعادة ثرواتها المنهوبة وفي دفن الاستعمار إلي الأبد ومع ذلك فإن ما حدث علي مدي سنوات من محاولة تدمير ذاكرة الوطن قد أدي إلي إهمال الاحتفال بهذا اليوم العظيم مع غيره من أيامنا المجيدة وأدي إلي أن أجيالاً جديدة تنشأ وهي لا تعرف تاريخ الوطن، ولا تؤدي واجبها نحو الشهداء الذين كتبوا بدمائهم أجمل صفحات التاريخ، ولا تستمد من هذا التاريخ العظيم الإرادة لتحدي الصعاب والإيمان بقدرة هذا الوطن علي تحقيق المعجزات حين يمتلك الرؤية والإرادة وحين تتوحد صفوفه وراء الهدف العظيم. وليست هذه هي المرة الأولي التي اكتب فيها مطالباً بالحفاظ علي ذاكرة الوطن والاحتفال بأيام انتصاره، وبالتأكيد.. فلن تكون هذه هي المرة الأخيرة، ما دام البعض يصر علي تجاهل الأمر وترك الأجيال الجديدة معرضة لضياع هويتها الوطنية والجهل بتاريخ الوطن، والانبهار بثقافات وافدة أو أفكار تريد إعادتنا للقرون الوسطي او الغرق في فتنة طائفية تتناسي كيف اختلطت دماء المصريين جميعاً وهي تصنع النصر في حرب 56 ثم وهي تسترد الأرض وتحقق الانجاز العظيم في 73 . إنها مصر التي تحتفل اليوم أو نحتفل بالنيابة عنها بواحد من انتصاراتها العظيمة ولو كره المتآمرون علي ذاكرة الوطن. وتشاء المصادفات أن تأتي الذكري الخامسة والخمسون لانتصارنا في حرب السويس، مع النجاح الكبير لأجهزة الأمن الوطني في كشف حلقات جديدة من محاولات التجسس الإسرائيلي علي مصر والتي لم تتوقف يوماً رغم اتفاقيات السلام باعتراف قادتهم، وآخرها هو الجنرال عاموس يادلين الذي أعلن أخيراً وهو ينهي عمله كرئيس للمخابرات العسكرية الإسرائيلية أن "مصر هي الملعب الأساسي لنشاط المخابرات العسكرية، وأن العمل تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979 " .. أي منذ انتهاء حالة الحرب بين البلدين (!!)مضيفاً أن نشاط المخابرات الإسرائيلية امتد في أكثر من مجال منها " تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي لتوليد بيئة متصارعة متوترة ومنقسمة".. وهو ما يستدعي منا جميعا ً أن نفتح العيون وأن نحصن شبابنا بالوعي بحقيقة الصراع الدائر في المنطقة لم يتخل مطلقاً عن أهدافه حتي بعد أن وقع علي اتفاقيات يفترض أن نفتح أبواب السلام !! ومن بين ما يثير الانتباه في محاولات التجسس الأخيرة.. التركيز علي قطاع الاتصالات بهدف تحقيق اختراق هام يسمح بجمع المعلومات والتجسس علي مكالمات شخصيات هامة . والأمر ليس جديداً، وقد تكشف أخيرا أن كل الاتصالات الهاتفية في لبنان كانت تحت الرقابة من أجهزة التجسس الإسرائيلية. أما في مصر فأظن أن هناك الكثير من الاحتياطات لمواجهة ذلك خاصة أن لنا تجارب مع دول اكبر قامت بمحاولات عديدة في هذا الشان منذ سنوات عديدة !! و المهم هنا ان ما يتكشف من أسرار يفرض الاحتفاظ بالهيمنة الوطنية الكاملة علي شركات الاتصالات وعدم ترك أي فرصة لاختراقها. أيضا من بين ما يثير الاهتمام في محاولات التجسس الأخيرة البعد العربي لهذه المحاولات، ودخول سوريا ولبنان في مجال نشاط احد المتهمين ربما لأسباب تتعدي الحصول علي معلومات إلي محاولة تفجير الموقف بين الدول العربية الشقيقة . وإذا كانت يقظة الأجهزة الأمنية في مصر قد أجهضت ذلك، فإن الأمر يؤكد مرة أخري أن العدو لا يفرق بين عربي و آخر، وأن علينا أن نواجه ذلك بتعظيم التعاون المشترك خاصة بين مصر وسوريا، و تخطي الخلافات بين القطرين الشقيقين ليكونا - كما كان الأمر دائما - الأساس في أي جهد حقيقي لحماية الأمن القومي العربي وردع العدو الإسرائيلي. ولا أظن أن الأمر كان ينتظر الكشف عن محاولات التجسس الأخيرة، لكي نتأكد من أن سيناء العزيزة ستبقي هدفاً للتآمر الإسرائيلي.. ليس فقط لضرب النشاط السياحي ولكن الأهم والأخطر محاولة تهديد أمن مصر وهو ما يفرض علينا جميعاً الوعي بمخططات العدو و كيفية مواجهتها. وهنا، ومع تكشف النوايا الإسرائيلية في الإضرار بمصر وخلق المشاكل التي تستنزف قواها، والنشاط المعادي لنا في دول حوض النيل وإفريقيا، وفي أروقة السياسة الأمريكية لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية . ومع استمرار حلقات التجسس و التخريب داخل مصر التي تتنافي تماماً مع الالتزامات التي قررتها معاهدة السلام.. مع كل هذا النشاط المعادي فإن المراجعة واجبة، والحفاظ علي أمن مصر القومي هو الأساس، والسؤال هنا مشروع عن استمرار التسهيلات لدخول الإسرائيليين الي سيناء بينما "دولتهم" تتآمر وتتجسس !! تساؤل أول ولكنه ليس الأخير، فأمن الوطن فوق كل اعتبار. آخر كلام لا أفهم لماذا هذا العجز الحكومي عن الحسم!! في قضية المقطورات الأمور ينبغي أن تكون واضحة وقاطعة .. لا تراجع عن تطبيق القانون في موعده لإنهاء الكوارث التي تسببت فيها هذه المقطورات. وفي نفس الوقت لا مجال لأعباء أو رسوم إضافية، بل التسهيلات كلها مطلوبة لانجاز المهمة وإنقاذ أرواح المواطنين. هل هذا صعب حتي تبدو أجهزة الدولة عاجزة عن التعامل مع المشكلة بالحسم المطلوب ؟! ما أنفقه المرشحون في الانتخابات يعود إلي جيوبهم دون تأخير، وعلي حساب الغلابة كما هو الحال دائما.. أنبوبة البوتاجاز وصل سعرها في السوق السوداء إلي ثلاثين جنيها، وكيلو السكر يباع بضعف سعره دون مبرر، وطن الحديد ارتفع 200 جنيه، وسيرتفع مثلها بعد أيام وفقاً للتوقعات في السوق، و الدنيا حظوظ.. وانتخابات !! الكابتن الحضري ذهب للسودان ليلعب في "المريخ".. باقي المنتخب الذي انهزم من قطر سيلعب في.. "زحل"!! وصل الحال باللغة العربية عندنا، أن أولادنا يذهبون لأخذ الدروس الخصوصية عند .. "المستر بتاع العربي"!!