شرىف رىاض عندما تضطر وزارة المالية إلي تأجيل صرف مرتبات سبتمبر أسبوعا بسبب ظروف الموازنة فلابد أن نتوقع يوما قريبا تقول فيه الوزارة »آسفين.. مفيش مرتبات«! أوضاعنا الاقتصادية أسوأ مما يتصور أي انسان والموقف صعب جدا بعدما أصبحنا نأكل بالدين حتي سجل الدين العام معدلات غير مسبوقة وارتفع إلي نحو تريليون و683 مليار جنيه والتريليون هو ألف مليار لمن لا يعلم والسبب تزايد الاقتراض الحكومي عبر أذون الخزانة حتي أنه منذ تولي الرئيس مرسي السلطة زاد الدين الداخلي بمقدار 631 مليار جنيه خلال 56 يوما تقريبا حسب بيانات وزارة المالية المسجلة حتي 4 سبتمبر الحالي. المؤشرات المبدئية للحساب الختامي لموازنة (1102/2102) التي انتهي العمل بها في 03 يونيو الماضي تشير إلي تحقيق عجز كلي بلغ نحو 071 مليار جنيه تمثل 11٪ من الناتج المحلي الاجمالي بزيادة 63 مليار جنيه عن قيمة العجز المتوقع البالغة 431 مليار جنيه.. وهذا ليس كلامي لكنه كلام وزير المالية ممتاز السعيد في تصريحات صحفية. وارداتنا خلال العام المالي السابق ارتفعت أيضا بمقدار 23 مليار دولار فيما استقرت الصادرات عند 72 مليار دولار حسبما أعلن البنك المركزي وهذا معناه ارتفاع العجز في الميزان التجاري ولا علاج لهذه المشكلة إلا بخفض الإنفاق الاستهلاكي. الاسعار في ارتفاع مستمر خاصة أسعار المواد الغذائية.. اللحوم والدواجن والخضراوات والفاكهة والالبان والجبن والأرز والمكرونة والسكر والزيت.. لم يعد الانسان يستطيع أن يلاحق الارتفاع المستمر في الاسعار فتوقف عن السؤال ! في شهر أغسطس الماضي وحده زاد معدل التضخم وهو التعبير العلمي لزيادة الاسعار بمعدل 2.1٪ حسبما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء. مواجهة الازمة الاقتصادية لم تتم فقط من خلال الاقتراض الحكومي عبر أذون الخزانة.. لكن أيضا عبر السحب من الاحتياطي النقدي الأجنبي حتي تراجع من 53 مليار دولار الي 4.41 مليار دولار. ما الذي أوصلنا إلي هذا الموقف الصعب؟ الاستجابة للمطالبة الفئوية بعد الثورة كانت البداية حتي زادت الأجور بحوالي 21 مليار جنيه عن المتوقع إلي جانب انخفاض الموارد العامة للدولة خاصة الضرائب عما كان مقدرا لها بنحو 52 مليار جنيه بالاضافة إلي تراجع الانتاج والصادرات بسبب الاضرابات والاعتصامات والتي يبدو أنها لن تهدأ حتي ينهار اقتصادنا تماما وتسقط الدولة. لن اتحدث عن تراجع السياحة وهروب الاستثمارات بسبب انعدام الأمن فهذه مصيبة أخري تدرك الحكومة أبعادها لكن تحركها لمواجهتها مازال بطيئا جدا. في موازنة العام الحالي (2102/3102) موارد الدولة لا تغطي سوي 47٪ من مصروفاتها حسبما قال وزير المالية ولا توجد ايرادات لتغطية ال62٪ الباقية والتي تقدر ب531 مليار جنيه مما يضطرنا إلي الاستمرار في سياسة الاقتراض.. المصادر المحلية يمكنها أن تغطي نحو 57 مليار جنيه ويتبقي 06 مليار جنيه بما يعادل 01 مليارات دولار علي الدولة أن تسعي لاقتراضها من الخارج. معني ذلك ان القرض المتوقع من صندوق النقد الدولي (8.4 مليار جنيه) لن يغطي إلا نصف المبلغ المطلوب اقتراضه من الخارج.. وعلينا أن نبحث عمن يقرضنا النصف الآخر. صورة مؤلمة ومبكية للاقتصاد المصري أهديها لأصحاب المطالب الفئوية ولكل القوي السياسية المتصارعة علي الحكم ولهؤلاء الذين أداروا ظهورهم لهذه المصيبة وتفرغوا لتصفية الحسابات.