علي رغم بساطة وسهولة الاستنتاج الا أنني وجدت أن هناك اختلافات عميقة حول اللغة الأًم في الكون , فالبعض يعتبر اللغة الآرامية التي تعود الي ما بين القرنين الثامن والعاشر الميلادي هي اللغة الأصل ومنها اشتقت السوريانية ثم العبرانية ثم العربية وهكذا . ولم يحاول أحد أن يتصدي لهذه الفكرة ويفندها من قبل. وفي اطار الأيام والليالي الرمضانية النورانية وببعض من التفكر يمكننا أن نكتشف كم هو الأمر يسير . ولنعد سويا الي أول الأسماء التي سمي بها مخلوق علي وجه الأرض وهو آدم عليه السلام . الله سبحانه وتعالي خلق آدم من تراب من طين من حمأ مسنون من صلال كالفخار ثم نفخ فيه من روحه . وعلي قدر خلقه من قبضة من التراب قبضها من جميع الأرض كان اسمه . يقول الرسول الأعظم محمد صلي الله عليه وسلم : ان اللّه خلق ادم من قبضة قبضها من جميع الارض , فجاء بنو ادم علي قدر الارض , جاء منهم الاحمر والاسود و الابيض و بين ذلك , والسهل و الحزن والخبيث و الطيب . فالاسم آدم مشتق في الأساس من "الأديم" ومعناه تراب الأرض أو ما ظهر منها ومن "الأدمة" أي شدة السمار . ومن المؤكد أن آدم عليه السلام لابد أنه كان شديد الاسمرار فاللون الأسمر شديد الاسمرار وحده هو الذي يمكنه ان ينتج باقي الألوان كالخمري والأسود والأحمر والأصفر والأبيض وهي الوان مختلفة للبشرة الانسانية فيما لا يمكن للون آخر ان يخرج منه مثلا اللون الأسود . وهكذا نري العلاقة الوثيقة بين هذا الاسم و معني التراب - الاديمة- من مصدر أديم و معناه تراب الأرض بالعربية و هذه الصفة لاسمه تطابق معناه بالعربية ، حيث أن جميع الكتب السماوية تتفق في أن آدم خلق من تراب من طين . وقيل ان آدم وزنه فاعل مشتق من أديم الارض وجمعه ادمون وأوادم . والحقيقة أنني أتفق مع قول آخر بأن آدم مشتق من الأدمة ولا ينصرف لوزن الفعل وأصله أأدم بهمزتين ألا أنه تم قلب الهمزة الساكنة الثانية لسكونها وانفتاح ما قبلها علي نحو آخر التي أصلها أأخر . وأضيف الي هذا امكان أن يكون الفعل من الأدمة هو أدم وأن يكون أأدم - وتم قلب الهمزة الساكنة الي الألف الممدودة - كصيغة أفعل التفضيل بمعني الأكثر ترابية وطينية واسمرارا وهكذا كانت خلقته . وهنا يبقي السؤال : ومن الذي أطلق علي آدم هذا الاسم ؟ .. هل يمكن أن يكون أحد آخر غير خالقه سبحانه وتعالي هو الذي أسمي آدم آدما ؟. والاسم كما أسلفنا لايوجد له معني علي الاطلاق سوي في اللغة العربية فيما لايوجد له معني ولا تقسيم ولا أساس اشتقاقي في أية لغة أخري علي رغم ان كل اللغات واللهجات تنطق الاسم كما ننطقه نحن فيما هي لا تعرف معني لاسم آدم سوي القول انه أبو البشر أو أول الكائنات البشرية . وما دام المنطق البسيط يؤكد ان الله سبحانه وتعالي فقط هو صاحب التسمية اذن لابد أن تكون العربية هي لغة المولي جل وعلا . وعليه أيضا يصبح الأمر المؤكد أن آدم الذي خلقه الله كبيرا كان بالطبع يفهم معني اسمه الذي ينادي به باللغة العربية وبالتالي يصبح الأمر المؤكد أن أن لغة النبي آدم ( عليه السَّلام) حينما كان في الجنة كانت العربية ، حيث أنها لغة أهل الجنة ، و ستكون العربية لغتهم التي يتكلمون بها في الجنة . ومن هنا يصبح صحيحا الحديث الذي رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( أنا عربي ، والقرآن عربي ، ولسان أهل الجنة عربي ). واذا كان هذا هو الاسم الذي اطلقه المولي سبحانه للنبي آدم أبي البشر منطبقا مع أسلوب خلقه فانني تعجبت من هؤلاء الذي قالوا ان اسم حواء هو في الأصل عبراني ومعناه أم الأحياء . فالحقيقة شديدة الوضوح أن حواء اسم مشتق من الفعل حوي والاسم حياة والفعل حوي بمعني احتوي وسام الفاعل منه حاوي 0 الذي نطلقه علي ذلك الذي يقوم بأفعال الحواة الذين يستخرجون الأشياء من مناطق يخفونها فيها فنجد الحاوي الذي يخرج أرنبا من طاقيته أو دجاجة من جيبه وهكذا ) وصيغة المبالغة من حاو هي حواء كثيرة الاحتواء ومادام الاسم المشتق هو الحياة فذلك يعني انها كثيرة الاحتواء للحياة . وبنظرة بسيطة ندرك ان حواء في جميع المراحل تحتوي الحياة فهي بويضة تحتوي النطفة الذكرية للرجل دون أدني دور في تحديد الجنين حتي يحدث الانقسام ثم نمو الجنين في الرحم وهي في العلاقة الجنسيه تحتوي الذكر الي أن يطلق نطفه الذكرية وبعدها تحتوي الجنين الي أن يكبر في بطنها وتحتويه بعد خروجه وهي تطعمه من صدرها وهي في علاقتها مع زوجها وبيتها أيضا حاوية للحياة وصانعة للحياة والدفء . وعلي رغم ان اسم حواء لم يرد في كتاب الله الا أنه ورد في السنة المطهرة . اللغة العربية هي أصل وأساس كل الأسماء القديمة وهذا موضوع سنتحدث فيه فيما بعد . لكن دعونا نتساءل : هل يمكن أن يتحدث أهل الجنة لغة أخري غير العربية في مكان يخضع للادارة الالهية من قبل مالك الملك والملكوت جل شأنه ؟ . ونطرح سؤالا آخر : عندما يقرر الله سبحانه أن يرسل الرسالة الخاتمة للأديان كلها فبأي لغة يكون الوحي فيها غير لغته سبحانه ؟ .. وهنا يبدو الحديث عن الاعجاز اللغوي في القرآن الكريم المعجزة الكبري لرسول الاسلام محمد عليه الصلاة والسلام في غير حاجة الي تأكيد أنه ليس مجرد اعجاز مبدع للغة لكنه اعجاز صانع الحرف والكلم وصاحب اللغة. أقول قولي هذا مؤكدا أن الله سبحانه وتعالي أعلم .. أليس هو سبحانه العليم فوق كل ذي علم ؟ ..وفي انتظار المزيد ان كان في العمر مزيد.