أولاً: كل عام وأنتم بخير فقد أطل علينا الشهر الفضيل ليحمل لنا فرصاً هائلة ليستعيد كل منا توازنه الروحي والنفسي، فنكتشف أخطاءنا التي باعدت بيننا وبين التزامنا الديني، ونعظم من سلوكياتنا ومواقفنا التي نرعي فيها الله عز وجل، ونسترشد خلالها بالسنة النبوية الشريفة وننطلق نحو تحقيق ما تنشده وتتمناه »مصر الثورة«، »مصر الجديدة«. ثانيا: كل عام وأنتم بخير فبعد ثلاثة أيام فقط تحل ذكري »ثورة32 يوليو من عام 2591«، وتحمل لنا الذكري العطرة دروسا بالغة الأهمية بدءا من تحولها من انقلاب عسكري إلي ثورة التف حولها الشعب كله بمجرد أن بدأت في تحقيق أبرز أهدافها- وهو العدالة الاجتماعية، والتحرر من الاستعمار، ووصولا إلي ما حظيت به مصر من مكانة عربية وأفريقية ودولية بصورة جعلت كل مصري يشعر بالعزة والكرامة. ولعل مشاركة الرئيس محمد مرسي- الذي حملته ثورة 52 يناير إلي كرسي الرئاسة- في القمة الافريقية التي استضافتها »أديس أبابا- قد ذكرتنا وذكرته بما حققه الزعيم الخالد جمال عبدالناصر من رصيد هائل لمصر في افريقيا، ذلك الرصيد الذي أهدره النظام السابق وبدأنا ندفع ثمن ذلك غاليا وباهظا، ويكفي ما نعانيه مع دول حوض النيل، ومادمت أتحدث عما حققته »ثورة يوليو« لمصر من مكانة فريدة في القارة السمراء، أذكر ان »رئيس وزراء كينيا« كان قد دعا الكنائس لتقيم صلوات الدعاء لمصر وهي تخوض »ثورة 52 يناير« وقد اتضح ان الرجل يحمل الجنسية المصرية إلي جانب جنسيته »الكينية« لان والده كان مناضلا ضد الاستعمار في بلده، ولجأ إلي مصر عبدالناصر، وتم منحه الجنسية المصرية التي انتقلت إلي ابنائه ومنهم رئيس الوزراء الحالي الذي يحمل لمصر كل العرفان والتقدير. وبهذه المناسبة أيضا أذكر أن الزعيم الأسطوري المناضل »نيلسون مانديلا« ما إن خرج من المعتقل وتولي رئاسة بلده جنوب افريقيا حتي قام بزيارة مصر اعترافا بفضلها، واعتزازا بقائدها الراحل جمال عبدالناصر. ولعل الرئيس محمد مرسي قد شاهد اثناء زيارته للعاصمة الاثيوبية صورة جمال عبدالناصر وهي تتصدر صور كبار الزعماء الأفارقة. وهذا ما يدعوني الآن إلي ان أسأله: هل تحتفل مصر الجديدة »مصر 52 يناير« بذكري ثورة 32 يوليو بما يليق بها؟! وهل يكون ذلك تجسيدا لمعني المصالحة الوطنية التي لا تقتصر علي المصالحة مع الأحزاب والقوي السياسية. بل تمتد إلي المصالحة مع ثورة يوليو التي كانت العلاقات بينها وبين جماعة الإخوان قد تعرضت لمطبات كثيرة؟!! تري هل يفعلها الرئيس مرسي مهما كانت ضغوط جماعته حتي يثبت انه علي مسافة واحدة من الجميع كما تعهد أكثر من مرة؟! انا شخصيا أثق في ذلك.. أو علي الأقل أتمناه. عمر سليمان الذي ظلمه علمه وإخلاصه رحل فجأة اللواء عمر سليمان الذي ظلمه مبارك عندما »حرقه« بتعيينه نائبا للرئيس عندما اندلعت ثورة يناير النبيلة، ولأن الرجل كان يقدس الالتزام، بما يسند إليه من مهام فقد تقبل المسئولية الحرجة وحاول ان يصل مع القوي الوطنية إلي تحقيق ما رفعته الثورة من شعارات وأهداف، لكن »موقعة الجمل« إياها أفسدت خططه وجهوده، بل وضعته في تناقض مع صورته لدي الجماهير التي كانت تود لو تولي موقع نائب الرئيس »قبل الثورة« بل كانت شعبيته ترشحه لرئاسة الجمهورية بدلا من الوريث!! وقد انسحب الرجل من الميدان بمجرد سقوط رأس النظام وإغلاق ملف ترشحه للرئاسة، وآثر ان يبتعد نهائيا عن الساحة ليخلد إلي الراحة، وربما لكتابة مذكراته التي سوف تحمل بالتأكيد الكثير من الأسرار والمواقف التي تكشف جوانب وأبعاد النظام السابق الذي كان علمه واخلاصه سببا في ارتباطه المباشر به عندما تمسك بان تحمل طائرة الرئاسة لدي توجهها إلي اثيوبيا- حيث كانت القمة الأفريقية- سيارة مصفحة، كما تصرف بسرعة بديهة وقوة اعصاب عندما تعرضت السيارة قبل ان تغادر مطار أديس أبابا لقذائف وطلقات المدفعية التي تربص بها المتآمرون، فأمر هو السائق بالعودة فورا إلي المطار والنجاة من المصير المحتوم، والمثير ان الرئيس السابق ادعي بعد عودته سالما إلي القاهرة انه هو الذي أمر السائق بذلك التصرف السريع الواعي!! كثير من المواقف والأسرار التي يمكن ان تكشفها مذكرات الراحل الكبير.. إن كان قد كتبها، أو تلك التي يسجلها اصدقاؤه ومن عملوا معه بغض النظر عما يحسب عليه لارتباطه بالنظام السابق!!