جلال عارف نحن أحرص الناس علي العلاقات المصرية السودانية، ولكن هذا لا يعني مطلقا السكوت علي جريمة اختطاف الابنة والزميلة الصحفية شيماء عادل وهي تؤدي واجبها الصحفي في الخرطوم، واعتقالها، ومنع الاتصال بها علي مدي اسبوعين حتي الآن! لا أظن أن شيماء كانت تحمل سلاحا، ولا أنها كانت تستعد لتفجير مؤسسات، أو قتل أحد.. ربما كانت تحمل كاميرا للتصوير، ولابد أنها كانت تمتلك قلما تحاول به أن تنقل صورة للأحداث إلي الصحيفة التي تعمل بها. ليس ذنب شيماء أن البعض يخاف من كشف الحقيقة، وأن البعض يتصور أن إغلاق الأبواب والنوافذ سوف يمنع رياح الحرية من أن تصل إلي كل مكان، وسوف يرغم الناس علي وأد أحلامهم وقتل أشواقهم للعدل والحرية. يخطئ الإخوة المسئولون في الخرطوم إذا تصوروا أن مشكلتهم مع شيماء عادل، أو مع كل صحفيي العالم، هم يعرفون جيدا أن المشكلة في الداخل وأن الحلول في أيديهم وفي أيدي القوي السياسية الأخري، وأن القرار في النهاية للشعوب، وليس لمسئول يخاف من نشر الحقيقة، أو يتصور أن الحبس أساس الملك! ولسنا هنا في وارد الحديث عن تدخل لا نقبله في الشئون الداخلية للسودان، ولكننا في صدد واقعة محددة هي اختطاف صحفية مصرية وإيداعها السجن، وعدم السماح لسفارتها بالاتصال بها أو توكيل محام يعرف ما هو الاتهام الموجه لها. هذا كله كلام خارج النص، وخارج القانون، وخارج علاقات الأشقاء التي تسود بيننا في كل الظروف. لو ادرك الذين وضعوا شيماء رهن الحبس كما أساءوا لأنفسهم وللحكم في السودان الشقيق.. لما فعلوا ما فعلوه. ولو أدرك هؤلاء ان كل دقيقة تمر علي شيماء في سجونهم هي شهادة جديدة علي ضعفهم.. فالأقوياء لا يخافون من كشف الحقائق، ولا يلجأون لحبس الصحفيين والصحفيات! الحرية لشيماء عادل.. والعار للذين مازالوا يتصورون أنهم قادرون علي مصادرة الحقيقة وحصار الحرية، وللذين يتهاونون في مواجهة هذه الجريمة أو يطالبون بالتعامل معها باعتبارها مجرد حادث مؤسف! العار لهم.. والحرية لشيماء.