نجح الأستاذ الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية المنتخب، في أن يؤكد للشعب المصري، ولشعوب العالم العربي والإسلامي، من خلال خطبه السياسية والميدانية، ولقاءاته مع أبناء وطنه، أنه رجل دولة وسياسي من الطراز الأول، وأنه واحد من أبناء مصر العظام، الذين تفخر وتعتز بهم الأمة، وبقدر ما يتحرك في بساطة وتواضع، بقدر ما يحمل من الشموخ والهيبة. هذا مثال للتربية السياسية في مدرسة الإخوان المسلمين، وهذا هو واحد من النماذج التي تقدمها هذه الجماعة للوطن الحبيب، بعد أن قدمت من قبل الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس أول مجلس نيابي بعد الثورة، وما تميز به من رصانة وسلاسة وسعة صدر في إدارة المجلس، والدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري، وما تميز به أداؤه من جدية وإتقان ونزاهة، إنها صورة حقيقية لرجالات من مدرسة الإخوان، وهناك الكثير والكثير ممن صنعتهم هذه المدرسة العظيمة. وسوف نكتشف في قادم الأيام بإذن الله تعالي نماذج رائعة أخري، عندما يتولي البعض منهم مسئولية تنفيذية، سواء في الوزارة أم في المؤسسات والهيئات والمراكز، لندرك حينها أن هناك نوعية أخري من البشر، تتعامل مع المسئولية باعتبارها تكليفا وأمانة سوف يحاسب عنها أمام الله أولا، وليست تشريفا أو أبهة أو استفادة في الثروة أو الجاه، وسوف نلمس أثر هذا الأداء الواعي والأمين، وندرك أن هناك حقائق ناصعة، لا تستطيع وسائل الإعلام الفاسدة أن تتجاهلها. مشكلة الإخوان المسلمين في مصر الآن أن النظام البائد حاول حصارهم سياسيا، وتدميرهم نفسيا واجتماعيا، وإرهاقهم ماديا واقتصاديا بكل وسيلة، وساعده في ذلك طبقة علمانية ويسارية وماركسية لم تكن تملك شرف الخصومة، سيطرت علي منابر الثقافة ومنافذ الإعلام وساحات الفن ردحا طويلا من الزمن، ومارست بعد الثورة الرائعة، ولا تزال، نفس الدور والطريقة والأسلوب، بل أشد عنفا وضراوة، بهدف تفزيع الناس وترويعهم وإخافتهم من الإسلاميين عموما والإخوان خصوصا. وفي نفس الوقت لا يملك الإخوان وسائل الإعلام الجماهيرية التي تدافع عنهم، وتكشف الحقائق وتفضح الأكاذيب التي يطلقها ضدهم صباح مساء من لا ضمير لهم، وحل هذه المشكلة هو أن يسعي الإخوان أو القريبون والمحبون لهم لامتلاك وسائل إعلام جماهيرية (صحافة وإذاعة وتليفزيون) تدار بمهنية عالية، وتناقش بموضوعية وأمانة الرأي والرأي الآخر، وتواجه حرب الأكاذيب والشائعات التي تؤثر بوضوح علي البسطاء من أبناء شعبنا، خصوصا في الأرياف والنجوع. أيضا مشكلة الإخوان المسلمين الآن تتمثل في أن الأجواء السياسية التي يمر بها الوطن الحبيب ليست إيجابية تماما، وأن الأرض ليست مهيأة بشكل كبير، لتقديم نموذج حقيقي للحكم الرشيد، نموذج مغاير لما اعتاده الناس في رجال السلطة، بسبب الضغوط السياسية من التيارات الأخري، التي تسعي إلي حصار الإخوان سياسيا بدعوي التوافق وعدم (التكويش!) وهي لغة غريبة في فقه الديمقراطية، وأخشي أن يستجيب السيد الرئيس للضغوط، فتظهر لنا حكومة باهتة الملامح! يجب أن يكون رئيس الوزراء الجديد مؤمنا تماما بمشروع النهضة، الذي طرحه السيد رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي، وأن يكون حاملا للفكرة الإسلامية التي تمثل هوية الأمة، وأن يكون له دور واضح في اختيار الوزراء الذين سيعمل معهم لتحقيق الانسجام والتوافق، حتي يمكن تحقيق الإنجاز السريع، وتتمكن حكومته من إقناع الشعب بجهودها في الإصلاح وحل المشكلات. كنت أتمني أن يشكل حزب الحرية والعدالة الحكومة المقبلة، وأن يتصدي رجاله لهذه المسئولية الوطنية، خصوصا والأوضاع في مصر في حاجة إلي من يتحمل المسئولية بأمانة.