استعرض امس الفقيه الدستوري الدكتور عاطف البنا الانظمة المختلفة في الحكم في الدساتير المختلفة علي مستوي الانظمة الثلاث للحكم وهي النظام الرئاسي والبرلماني والمختلط . واوضح البنا خلال الجلسة العامة للجمعية التاسيسية لوضع الدستور الجديد برئاسة المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية . وقال ان النظام البرلماني هو نوع من انواع الحكومات النيابية ويقوم علي وجود مجلس منتخب يستمد سلطته من سلطة الشعب الذي انتخبه ويقوم النظام البرلماني علي مبدأ الفصل بين السلطات علي أساس التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. واشار الي ان السلطة التنفيذية تتكون في هذا النظام من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء ويلاحظ عدم مسؤولية رئيس الدولة أمام البرلمان أما مجلس الوزراء أو الحكومة فتكون مسؤولة أمام البرلمان أو السلطة التشريعية ومسؤولية الوزراء اما أن تكون مسؤولية فردية أو مسؤولية جماعية بالنسبة لأعمالهم. واوضح ان هذا النظام يؤخذ به في الدول الجمهورية أو الملكية لأن رئيس الدولة في النظام البرلماني لا يمارس اختصاصاته بنفسه بل بواسطة وزرائه , مؤكدا انه في حين ان السلطة التشريعية لها وظيفة التشريع يكون للسلطة التنفيذية الحق في اقتراح القوانين والاشتراك في مناقشتها أمام البرلمان كذلك فيما يتعلق بوضع السياسات العامة من حق السلطة التنفيذية لكنها تمتلك الحق في نقاش السياسات وابداء الرأي فيها كما تمتلك السلطة التشريعية الحق في مراقبة اعمال السلطة التنفيذية والتصديق علي ما تعقده من اتفاقيات. واكد انه في هذا النظام تكون العلاقة بين السلطتين مبنية علي التوازن والتعاون . ولفت الي انه فيما يتعلق برئيس الدولة في النظام البرلماني فدوره سلبي ويكون مركزه مركزاً شرفيا ومن ثم ليس له ان يتدخل في شؤون الادارة الفعلية للحكم وكل ما يملكه في هذا الخصوص هو مجرد توجيه النصح والارشاد الي سلطات الدولة لذلك قيل ان رئيس الدولة في هذا النظام لا يملك من السلطة الا جانبها الاسمي اما الجانب الفعلي فيها فيكون للوزراء. وقال ان رئيس الدولة يترك للوزراء الادارة الفعلية في شؤون الحكم وهو لا يملك وحده حرية التصرف في أمر من الأمور الهامة في الشؤون العامة أو حتي المساس بها وهذا هو المتبع في بريطانيا وهي موطن النظام البرلماني حتي صار من المبادئ المقررة ان (الملك يسود ولا يحكم). فالوزارة هي السلطة الفعلية في النظام البرلماني والمسؤولة عن شؤون الحكم أما رئيس الدولة فانه غير مسؤول سياسياً بوجه عام فلا يحق له مباشرة السلطة الفعلية في الحكم طبقاً لقاعدة (حيث تكون المسؤولية تكون السلطة). واوضح ان رئيس الدولة في هذه الحالة هو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء ويقيلهم ولكن حقه مقيد بضرورة اختيارهم من حزب الأغلبية في البرلمان- ولو لم يكن رئيس الدولة راضياً- فالبرلمان هو الذي يمنح الثقة للحكومة وتختلف الحكومات في النظام البرلماني بقوة اعضائها والاحزاب المشتركة في الائتلاف حيث تسود الثنائية الحزبية عند وجود التكتلات المتوازنة في البرلمان. كما اشار البنا الي ان رئيس الدولة هو الذي يدعو لإجراء الانتخابات النيابية وتأتي بعد حل المجلس النيابي قبل انتهاء فترته أو عند انتهاء الفترة القانونية الي جانب أن بعض الدساتير تمنح لرئيس الدولة الحق في التعيين في المجلس النيابي أومجلس الشوري أو حل البرلمان. ثم استعرض د. البنا النظام الرئاسي موضحا انه يتخذ مبدأ الفصل بين السلطات المعيار لتمييز صور الأنظمة السياسية الديمقراطية النيابية المعاصرة.و يكون رئيس الدولة هو صاحب السلطة التنفيذية بشكل كامل لانه لا يوجد مجلس وزراء في النظام الرئاسي كما هو كائن في النظام البرلماني او في النظام النصف رئاسي ولا توجد قرارات تخرج عن ارادة غير ارادته و يتولي الرئيس حماية الدستور وتطبيق القوانين واقتراح مشروعات القوانين. ويكون من المهم جداً في الانظمة الجمهورية التقيد دستورياً في النظام الرئاسي ان يتولي الشعب انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام سواء كان مباشراً او غير مباشر ومن هنا تأتي مكانة وقوة رئيس الدولة الذي يتساوي فيها مع البرلمان شرعيته الديمقراطية والشعبية. واكد البنا انه علي الرغم من القاعدة الشعبية التي تستند اليها مشروعية اختيار رئيس الدولة إلا ان نجاحه في مهامه وصلاحياته يتوقف علي حكمته وكياسته في القيادة بل وقدرته علي كسب المؤيدين في البرلمان فهو يعتمد بشكل كبير علي انصاره حزبياً في البرلمان والسعي الي تكوين اغلبية برلمانية تدعمه في سياساته وقراراته. وتطرق د. عاطف البنا الي الانظمة النصف رئاسية ( المختلطة ) مؤكدا ان النظام المختلط هو النظام الذي ارساه الاصلاح الدستوري في فرنسا في عام 1961م باقرار انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع الشامل دون الغاء الاطار البرلماني . وكشف البنا ان هذا النظام يطبق في دول اخري مثل المانيا والنمسا وقال ان النظام النصف رئاسي اقرب الي النظام البرلماني منه الي النظام الرئاسي مشيرا الي انه في هذا النظام نجد ان السلطة التنفيذية منقسمة بين رئيس دولة ووزارة يرأسها رئيس حكومة، الوزارة هي مسؤولة سياسياً امام البرلمان اي ان هذا الاخير يحق له ان يرغم -عبر التصويت علي حجب الثقة- رئيس الحكومة علي الاستقالة مع مجموع وزارته وللسلطة التنفيذية الحق في حل البرلمان مما يزيد من نفوذها علي الاخير. الفارق الاساسي يتعلق باختيار رئيس الدولة الذي في هذا النظام لايكون منتخباً من قبل البرلمانيين ولكن يكون هو رئيس منتخب بالاقتراع الشعبي كما في الولاياتالمتحدة الامريكية