جلال دويدار إذا كنا صادقين في السير علي طريق الديمقراطية فإنه ليس أمامنا سوي الوقوف احتراما وتبجيلا لما أفصح عنه صندوق الانتخاب باعتباره يمثل ارادة الغالبية التي تتطلع إلي هذا الهدف وإلي تفعيل حقها في الحرية والحياة الكريمة. وتقاس عملية الايمان بهذه الديمقراطية بمدي الالتزام بالمصداقية والشفافية التي تجعل الجميع يقبلون بنتيجة الصندوق حتي لو كانت الارقام التي تفوق بها الفائز لا تتجاوز أقل من 5.2٪ من عدد أصوات الناخبين الذين شاركوا في العملية الانتخابية. وحتي نثبت للعالم بأننا جديرون بهذه الديمقراطية فإنه ليس أمامنا سوي ان نطوي صفحة كل ما جري قبل واثناء المعركة الانتخابية ونوجه اهتماماتنا إلي المستقبل. هذا يتطلب مراعاة المصلحة الوطنية واهمها وحدة الشعب. ويمكن النظر الي ما سوف تشهده فترة أول رئاسة في الجمهورية الثانية بأنه اختبار لحقيقة تقبلنا للديمقراطية الصحيحة. وفي هذا المجال أقول انه ليس خافيا علي احد الاوضاع المأساوية التي تعاني منها مصر حاليا والتي تجعل أي رئيس في موقف لا يحسد عليه. ليس مبالغة القول بأن مهمة الرئيس الجديد بالغة الثقل ويحتاج لمعجزة لعبور هذا المأزق. وان أي تأخير في التوافق والانحياز للمصلحة الوطنية سوف يقود الي المزيد من التعقيدات والمشاكل وتعاظم حالة عدم الاستقرار التي مازلنا نعيشها. من المتوقع ان تكون المهلة الممنوحة لهذا الرئيس قصيرة للغاية ولا يتعدي ما تحتاجه عملية استيعاب نتيجة الانتخابات وما أحاط بها. ان المعضلة الحقيقية ستبرز بعد انتهاء هذه الفترة وتقدير الاطراف المعنية لمدي فاعلية خطوات الحل والاحساس بها ميدانيا. من ناحية أخري فلا جدال ان الانظار والمراجعات سوف تتركز علي ما تم طرحه من وعود وعهود ومدي الالتزام بها خاصة ما يتعلق منها بالاحوال المعيشية للمواطن وما تتعرض له البلاد من أزمات اقتصادية.. وسياسية.. واجتماعية. ولا يمكن ان نتغافل ونحن نستعرض هذه الازمات المعقدة ما تمثله من مشكلة وما يحيط بالامكانات المتاحة لتلبية المطالبات الفئوية. وفي هذا المجال لا يمكن التغاضي عن التداعيات الناتجة من توقف المصانع وتراجع التدفقات الاستثمارية. الصعوبة تتمثل هنا في ان مصر دولة كبيرة يتجاوز عدد سكانها حاليا ال 58 مليون نسمة. هذه القوة البشرية ليست المشكلة بشكل عام ولكن المشكلة الحقيقية تكمن بشكل خاص في ان ما يزيد علي نسبة 04٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر وان ما يقترب من هذه النسبة يعاني من الامية بالاضافة الي وجود نسبة لا يستهان بها من العمالة تفتقر للتدريب وانخفاض في الانتاجية. ولا ننسي امام هذا الكم من الازمات والمشاكل قضيتي القصور في التعليم والرعاية الصحية. وعلي مستوي السياسة الخارجية فإن الشهور الأخيرة اظهرت ان هناك اتفاقات وصفقات يُشم فيها شبهة التسلط علي توجهات مصر السياسية داخليا وخارجيا. وعلي ضوء ما يجري علي الساحة تدور الشكوك حول امكانية استقلالية القرار مما قد يمس الإرادة الوطنية.. استنادا إلي هذه الشكوك فإن من تناولتهم لابد وان تكون لهم اجندة مطالب لخدمة مصالحهم. هنا نجد ان الارادة والمصلحة الوطنية أصبحت المحك فيما يمكن اتخاذه من اجراءات وقرارات. من المؤكد ان ما سوف يحدث سوف تكون له انعكاسات سلبية علي مكانة هذا الوطن ودوره الذي يأمل الشعب في استعادته. ليس من طريق للخروج من قتامة المستقبل سوي ان يتكاتف الشعب وان يكون في حالة صحيان واستنفار ومتابعة لما يجري حتي يضمن حماية الوطن من المخاطر التي تحيط به. عليه ان يؤكد للعالم ان تقدمه وازدهاره يمكن تحقيقه بالديمقراطية بشرط الاقتناع بأنها أخذت الطريق الصحيح وقائمة علي الاختيار السليم.