ثورة 52 يناير كانت علي المحك، وفي اختبار شعبي حقيقي. فعندما يمنع الشعب أو غالبيته، صوته عن »أحمد شفيق« أحد رموز النظام السابق، ويعطيها لأي شخص آخر كان ضد النظام السابق، يكون بذلك قد انتصر لثورته العظيمة السلمية التي أبهرت العالم كله. ولو كان قد تم »انجاح« شفيق، لكان ذلك اعلانا بانتهاء الثورة وفشلها. فقد قال شفيق بنفسه ذلك: »ان الثورة انتهت وليست مستمرة«، ولوح بالعقاب »العباسي« -من العباسية- الذي قادته الشرطة العسكرية ضد متظاهري العباسية مؤخرا، حال اعتراض احد علي نجاحه!! وقد سبق ان كتبت مقالا »أحمد شفيق سجينا.. لا رئيسا«، في خضم معركة الرئاسة، وكانت كل المؤشرات والإجراءات والقرارات، تؤكد علي ان هناك محاولات جادة من جانب سلطات البلاد لانجاح شفيق حفاظا علي نظام مبارك واستمراره برموزه وسياساته وقواعد عمله. وكنت أدرك مخاطر ما كتبت وأكتب وسأظل أكتب، عليَّ شخصيا وعلي حياتي، ان لم يمتد الأمر إلي أسرتي، ولكنني تعودت علي قول الحق في وجه سلطان جائر. فقد سبق ان تقدمت ب»12« بيانا عاجلا في مجلس الشعب في الفترة من 5002-0102، ضد الممارسات غير الدستورية لجمال مبارك وحزبه الوطني الفاسد والمستبد، ولم أخش جبروت مبارك الأب، ومبارك الابن، رغم كمية التهديدات التي كانت تصلني مباشرة وعبر التليفونات وتعودت ألا أشكو، أو أقدم بلاغات للنائب العام ولا غير ذلك. فقد كنت أعتقد ولازلت حتي بعد الثورة، ان الشخص العام الذي يعمل من أجل هذا الشعب، عليه ان يهب حياته للوطن ولا يخاف من أي شيء دنيوي علي الاطلاق، ويعتبر ان جهده العام هو رسالة سامية من أجل حاضر ومستقبل أفضل لهذا الوطن، وان حياته ليست أغلي من أي شهيد راح ضحية نجاح الثورة، داعيا الله دائما ان أحظي بشرف الشهادة من أجل الوطن الغالي مصر العزيزة. ولكن يبقي السؤال: لماذا كان انجاح شفيق خطرا علي الثورة؟ والاجابة الحاسمة تتركز في ان شفيق، هو أحد رموز النظام السابق »مبارك وعصابته«. فقد كان احد وزراء مبارك لسنوات طويلة، ثم شغل منصب رئيس الوزراء خلال أيام الثورة علي خلفية الاسلوب الناعم »البونبوني والبلومز« لاحتواء الثورة والثوار ومحاولة ادماجهم مرة اخري في نظام مبارك بعد هدوء العاصفة!!. ومن مصادر معلوماتي الدقيقة ان أحمد شفيق كان داعما لمشروع التوريث وأحد اثنين من الشخصيات المقربة لمبارك الأب »عمر سليمان/ أحمد شفيق«، سيدعمان نقل السلطة من مبارك الأب إلي مبارك الابن، وقبلا ان يكون احدهما »الكوبري« لنقل السلطة كمحلل، بحيث يظل الآخر احتياطيا!! كما ان مسئوليته السياسية -وقت شغله لمنصب رئيس الوزراء عن موقعة الجمل وضرب المتظاهرين واخفاء المعلومات عن محكمة الجنايات التي حاكمت مبارك ومساعديه عن قتل المتظاهرين، حتي تم تبرئتهم جميعا!! وفي خضم جولة الانتخابات الرئاسية، زعم ان موقعة الجمل وقتل المتظاهرين في التحرير من تدبير الاخوان وميليشياتهم!! كما ان النائب عصام سلطان وجه له اتهاما تحت قبة البرلمان -قبل حله- بانه باع أرضا لجمعية الطيارين لنجلي الرئيس المخلوع مبارك، »جمال وعلاء« بلغت »04« ألف متر مربع بسعر المتر »57« قرشا باجمالي 03 ألف جنيه، في أغلي بقاع مصر، وكانت عربون المحبة لتصعيد شفيق للفريق، ثم قائد الطيران ثم وزيرا ثم رئيسا للوزراء حتي تم اقالته بعد الثورة وخلع مبارك في الاسبوع الأول من مارس 1102، ثم عاد للترشح للرئاسة مدعوما من المجلس العسكري وقوي النظام السابق ورجال أعماله، ليكون الواجهة الناعمة التي يستعيد نظام مبارك حيويته وقوته وتأثيره تمهيدا لاجهاض الثورة تماما ورسميا وعلي خلفية نتائج الصناديق والديموقراطية والارادة الشعبية. ويكذب علي الشعب ويتلاعب بارادته ويزيف وعيه كل من يقول ان شفيق ليس هو من النظام السابق، حيث ان حراكه الوظيفي واسهاماته في دعم مشروع التوريث وطرحه في أيام مبارك الأخيرة ليكون رئيسا لوزراء نظام مبارك، تم كله خلال نظام مبارك، حتي اعتبره البعض انه نموذج يحتذي في الانتهازية والتسلق، مؤكدين بذلك ان بيع أرض الطيارين كانت مقدمة لهذا الصعود الوظيفي، وكان يمكن ان يكون رئيسا للجمهورية في غفلة من القوي الثورية بل ومن الاخوان المسلمين الذين شاركوا المجلس العسكري المسئولية السياسية في الوصول إلي مشهد الإعادة بين أحد رموز النظام السابق، في مواجهة احد رموز الإخوان المسلمين »أحد الشركاء في الثورة والذين أعطوا ظهورهم لها بعد خلع مبارك في 11 فبراير 1102، ولم يتحركوا لدعم الثورة إلا بعد شعورهم بالتهديد لمصالحهم السياسية المباشرة«!! فقد كان انجاح شفيق وليس نجاحه، هو مقدمة للانقضاض النهائي علي الثورة ومقدمة أيضا لعودة نظام مبارك للحكم من جديد، بكل رموزه وسياساته وقواعده. ولذلك اندفعت قوي المال والنفوذ من رجال الأعمال ورجال الحزب الوطني إلي دعم شفيق في أنحاء الجمهورية. وخرج هؤلاء من الجحور التي عاشوا فيها طوال الأشهر الماضية لكي يحشدوا أنصارهم بالمال واستعراض القوي بصورة علنية. وقد لاحظت ذلك في عدد من المحافظات حيث عقدت الاجتماعات ليتم حشد المندوبين ووكلاء للمرشح شفيق، والدعاية له، والانفاق عليها، واحضار الوجبات للمندوبين والموظفين في اللجان بصورة علنية. أمام كل الاعين وذلك خلال الجولتين الأولي والاعادة. وقدر بعض الخبراء دعاية شفيق بنحو مليار جنيه دون حسيب أو رقيب!! وقد اتصل بي أحد الأساتذة ممن ينتمون للنظام السابق، ليحدثني تليفونيا في أمر يخص شئون الجمعية العربية للعلوم السياسية بصفتي »الأمين العام« لها وأنتهز الفرصة لكي يهنئني بقراري عدم الترشح للبرلمان الأخير، ويهنئني كذلك بحل البرلمان، مؤكدا انها زوبعة في فنجان وانفضت وان شفيق راجع لاعادة النظام كاملا، وان الإخوان اصبحوا في خبر »كان«!! ولم أعلق، وشكرته علي الاتصال أدبا واحتراما. كما لاحظت تصرفات قيادات سابقة في أماكن مختلفة، تشير إلي عودتها إلي الحياة الطبيعية لما قبل الثورة دون خجل، وبدأوا يتعاملون بنفخة الحزب المنحل مرة أخري باعتبارهم »عائدون«!! وما لم يمكن تصوره، ان يعود نظام مبارك علي يد شفيق مرة اخري، لذلك فان كل محاولات انجاحه قد فشلت، نتيجة ارادة الثورة، ويا ليت الدكتور محمد مرسي -رئيس مصر الآن يدرك حقيقة ما كان يرتب ضدنا، لكي ينتصر للثورة، حتي لا يضطر الثوار بإعلان »الرحيل« لمرسي مثل مبارك وشفيق. كما نحذر من موجة النفاق الجديدة في اعلانات مدفوعة تؤيد وتبارك مرسي من رجال أعمال معروفين بفسادهم، وبرجال اعلام معروفين بالمتحولين دائما والانتهازيين ابدا، وعاشت الثورة مستمرة حتي النصر باذن الله. ولايزال الحوار مستمرا ومتصلا..