لم يأت ترشيح وليس »ترشح« عمر سليمان »نائب الأيام العشرة الأخيرة في عهد حسني مبارك« لرئاسة الجمهورية بعد أقل من 51 شهراً من انفجار ثورة 52 يناير 1102م، إلا حلقة في سلسلة التآمر علي الشعب والثورة ممن ساعدتهم الظروف أو استغلوها لتحقيق مصالحهم السياسية التي تنحصر في هدفين أساسيين، هما: 1- استمرار نظام مبارك والحيلولة دون إسقاطه، 2- إجهاض الثورة فالذين استولوا علي السلطة في 11 فبراير 1102 بعد إعلان عمر سليمان، نائب الرئيس آنذاك. تخلي مبارك عن الحكم، ورفضوا مشاركة أحد لهم، وانفردوا بالسلطة كاملة، وأعدوا العُدة لإدارة الفترة الانتقالية بما يحقق أهدافهم، والمتاج الدقيق لكل تصرف من المجلس العسكري الذي نصب نفسه »رئيسا مؤقتا« بدلا من حسني مبارك الذي »خلع أو انخلع أو أجبر علي الانخلاع«، يعرف تماما أنهم رفضوا أن يشاركهم أحد وأجهضوا فكرة »المجلس الرئاسي« لإدارة الفترة الانتقالية وزعموا أن الشعب هو الذي نصبهم علي خلفية حب الشعب للجيش، وأوهموا الجميع أنهم حموا الثورة والثوار، وأن تصرفهم هذا كان سيعرضهم للمحاكمة والإعدام حال فشل الثورة نتيجة مساندتهم للثوار! وأتي هؤلاء ببعض التصرفات السينمائية والتي انكشف زيفها بعد ذلك من ذات الأشخاص، عندما وقف اللواء الفنجري في كلمته ليؤدي التحية العسكرية للشهداء الأبرار! ثم اكتشفنا بعد ذلك المطاردات والاعتقالات والمحاكمات العسكرية والقتل بالرصاص الحي والكشف العذري والبلطجة.. الخ للثوار وخصوصا الشباب والرموز، بأسلوب »الفتنة« بهدف إحداث فجوة بين الشعب والثوار علي طريق إجهاض الثورة ولعل في انتهاج مسار التعديلات علي دستور أسقطه الشعب والاستفتاء عليها وبمساندة ودعم فصيل »الاخوان المسلمون« تحديدا، بدلا من تشكيل هيئة تأسيسية للدستور الجديد، كان المسمار الأول في نعش الثورة المصرية، وعلي هذا وبعد انكشاف كل أوراق اللعبة التي كشفناها أولا بأول في مقالاتنا وأحاديثنا - أنا وغيري من الغيورين علي الوطن والثورة والشعب - فإن أول من توجه له تهمة »إجهاض الثورة والتآمر عليها« هما: المجلس العسكري والإخوان المسلمون ومعهم السلفيون، وكل من تعاون معهم أو تولي مناصب كبرت أم صغرت، باعتبار أن هؤلاء جميعا ساهموا في جريمة القتل العمدي للثورة.. فالغريب انه خلال الأيام السابقة ومع حدوث أزمة الجمعية التأسيسية للدستور، سارع المجلس العسكري للاستقواء بالقوة الثالثة »الأحزاب المتناثرة«، وذلك في مواجهة الاخوان الذين ارتفع صوتهم بالتجبر والاستعلاء، وإصرارهم علي ما فعلوه، فما كان من المجلس العسكري أن سكت وطرح بعض الأفكار الهزيلة لمعالجة الموقف، وناشد بعض »الانتهازيين« المعتادين علي ذلك، بطرح ضرورة لجوء »القوة الثالثة للمجلس العسكري ولجوء الشباب ورموز الثورة الحقيقيين إليه، لدعمه في مواجهة الاخوان، دون ادراك لمغبة ذلك علي الثورة مستقبلا وتجاهلا للدور السييء والتآمري للمجلس العسكري وعقد صفقاته مع الاخوان.. كما انه من الغريب أيضا ان يرفع البعض شعارا بضرورة عودة التحالف مرة أخري من قوي الثورة مع »الاخوان« وذلك لدعمهم في مواجهة المجلس العسكري، بعد أن طرحوا مرشحا بوزن عمر سليمان »ممثل النظام السابق« في مواجهة مرشحي الاخوان المسلمين »خيرت الشاطر - محمد مرسي)! وتجاهل أصحاب هذا الرأي مدي ما ارتكبه الاخوان المسلمون من جرائم سياسية في حق القوي السياسية والثورة والثوار! إذن نحن أمام منعطف خطير للغاية، وهو أمر متوقع، تؤكده كتاباتي، وسلوكي السياسي حيث اعتذرت للشعب المصري عن الترشح في الانتخابات البرلمانية، لأنني أدركت بحكم »العلم والخبرة«، أننا داخلون علي نفق مظلم بهدف العودة إلي انتاج النظام القديم مرة أخري، وهو الأمر الذي يحدث بالفعل الآن. والسؤال هنا: ماذا يعني ترشيح عمر سليمان لرئاسة الجمهورية؟! لاشك ان الإجابة واضحة تتمثل في الإصرار علي استمرار نظام مبارك، تحقيقا لمصالح القابضين علي السلطة نتيجة عدم الاعتراف بأن ما حدث في 52 يناير 1102 هو ثورة شعبية. كما أن الإصرار علي ترشيح عمر سليمان، هو أفضل الخيارات للذين تآمروا علي الثورة، حتي يتحقق هدفهم في إجهاض الثورة. كما ان الإصرار علي ترشيحه أيضا هو حصاد لجميع الخطوات التآمرية طوال 51 شهرا، فلازالت جميع خيوط اللعبة في أيدي من استولوا علي السلطة جبرا أو تفويضا من حسني مبارك، وهو تفويض باطل أصلا، ومن ثم فإن تحريك هذه الخيوط يتم عبر التحالفات والصفقات وأدواته الفتنة السياسية. ويتحمل هؤلاء مسئولية الخراب الذي حدث. فقد أجاب ترشيح عمر سليمان، علي كل الأسئلة المسكوت عنها والتي رفض المجلس العسكري الإجابة عليها أو التفاعل بشأنها. فقد أجاب علي الاسئلة التالية: لماذا لم تشكل محكمة ثورة لمحاكمة رموز النظام السابق؟!.. لماذا لم يتخذ قرار بالعزل السياسي لرموز النظام السابق؟!.. لماذا لم يعين نائب جديد ليتولي ملف الفساد بدلا من النائب العام الحالي؟!.. لماذا لم توضع جميع رموز النظام السابق تحت الحراسة وقطع الاتصالات عنها؟!.. لماذا تم ترك سوزان مبارك حرة طليقة دون محاكمتها علي جرائمها؟! .. لماذا قبل جهاز الكسب غير المشروع التسوية مع سوزان مبارك؟ وحارب الآن التسوية مع زوجتي علاء وجمال مبارك؟!.. لماذا تم ترك بعض رموز النظام السابق يغادرون القاهرة؟!.. لماذا تم تهريب أصهار حسني مبارك والمتورطين في جرائم؟ (الجمال وراسخ)؟.. لماذا لم يحاكم منير ثابت شقيق سوزان عن جرائمه وهو المسئول عن شركة توريد الأسلحة والمفوض عنها حسني مبارك شخصيا؟!.. لماذا لم يتم عزل رموز مبارك من المناصب العليا في الدولة، أمثال رئيس هيئة قناة السويس (عسكري منذ عام 5991 حتي الآن؟!)، ورئيس مكتبة الإسكندرية، ورؤساء البنوك ومحافظ البنك المركزي، ورئيس أكاديمية الفنون، ورئيس هيئة الاستعلامات، وغيرهم كثيرون؟!.. لماذا لم يتم تطهير القضاء، ولعل في تهريب الأمريكيين عبر القضاء ووفقا لأوامر المجلس العسكري، خير دليل علي حتمية التطهير من رموز مبارك في القضاء؟.. لماذا لم يتم تطهير الأجهزة الرقابية (الرقابة الإدارية/ الجهاز المركزي للمحاسبات/ الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة/ مباحث الأموال العامة/ الإحصاء.. الخ)؟.. لماذا لم يتم البدء بالدستور أولا حتي تستقيم أمور الثورة؟!.. لماذا لم يتم حتي الآن وضع الحد الأدني والأقصي للأجور (1-51) تحقيقا للعدالة الاجتماعية المنشودة والتي طالب بها الشعب؟! .. لماذا لم تستكمل تحقيقات واقعة الجمل، ولازال المستشار السبروت متقاعسا حتي الآن، ولديه نحو (05) بلاغا موثقا إضافيا؟!.. لماذا حوكم حسني مبارك علي أدني الجرائم وليس أقصاه مثل الفساد السياسي؟!.. لماذا تركتم خارج المحاكمة في موقعة الجمل »مرتضي منصور ونجله وابن اخته، وكذلك محمد أبوالعينين«؟!.. لماذا تركتم عدلي حسين محافظ القليوبية الفاسد يشغل منصب ممثل مصر في منظمة الأورمتوسطية ويعمل الآن في مكتب رسمي، وأجرت الأخبار حوارا معه بهذه الصفة؟!.. لماذا التباطؤ في ملفات تحقيق الفساد التي وصلت إلي نحو 02 ألف بلاغ؟!.. لماذا يتم الإسراع بمحاكمة ملاحقة واعتقال وقتل الثوار في شوارع محمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها؟! وهناك اسئلة بلا حصر في هذا السياق؟ أيها السادة القراء، أيها الشعب الذكي، أردت أن أوضح لكم باعتباري صاحب قلم أمين، وصوت حر طوال عمري وشريك أساسي في التمهيد للثورة وفي تنفيذها وفي حمايتها حتي الآن، اعترافا مني بشكل صريح حتي عندما يأتي اليوم الموعود!، أردت ان أجيب علي تساؤل: لماذا تم ترشيح عمر سليمان وليس ترشحه الشخصي، فهو رمز من نظام مبارك، جاء علي خلفية حماية النظام واستكمال إجهاض الثورة، ولا بأس من محاكمتنا بتهمة قلب نظام الحكم، الذي حماه المجلس العسكري ومخابرات عمر سليمان. وحسبما قال لي أحد الرموز العربية المستقلة، انه طالما عمر سليمان وأمثاله أحرارا، فإن الثورة المصرية لم تنتصر بعد، ويأتي ترشيحه لتأكيد ذلك بكل أسف! ولذلك كنت آمل ألا تكون صحيفة الأخبار التي كانت في طليعة المؤيدين للثورة من الصحافة القومية، ولأجل ذلك استجبت لدعوة رئيس تحريرها بالمشاركة في الكتابة، ألا تتورط بنشر أول حوار لمرشح نظام مبارك، وبمعرفة الكاتب مصطفي بكري الذي أصبح المتحدث الرسمي للمجلس العسكري بعد أن كان صوتا لحسني مبارك وأسرته، في سياق مجموعة »المتحولين« ولذلك ليس بغريب ان نقرأ لمصطفي بكري في جريدته الاسبوع الخاصة، ولكن ان نقرأ الحوار في جريدة الأخبار وفي الاسبوع معا وفي يوم واحد، فهذه مأساة وأطلب من رئيس التحرير مراجعة ذلك، وأكاد أنصح مصطفي بكري بأن يكون مديرا لحملة عمر سليمان، بعد أن دشنها بأول حوار وكأنه سبق، لكنه سبق ضد الثورة والثوار. وأخيرا، أناشد الشعب اليقظة وحماية ثورته فهي ورقة الحاضر والمستقبل، ولازال الحوار متصلا ومستمرا.