كم من نافخ للكير في البلد؟ اصبح الجليس الصالح كبيضة الديك.لذلك أحاول قدرإستطاعتي تجنب المجالسة، فما إجتمع مصريان الا كانت النميمة ثالثهما. لم يعد احد يتكلم عن أحد بخير أبدا.يخرج أحدهما ليغتاب فورا من كان يجالسه منذ لحظات، ولا يكون الاخر أفضل حالا فاذا لم ينم عن زميله إغتاب ثالثا. حتي أصبحت أحاديث السوء هي الاصل واصبحت ثرثرات الغيبة: ديجيتال ورقمية وعلي التليفون الثابت والمحمول والفضائي وعبر البريد العادي والاليكتروني والرسائل القصيرة ومن خلال الفيس بوك وتويتر والشات علي الماسينجر، فسخرنا وسائل التكنولوجيا الحديثة لخدمة الشيطان، نسينا ما كنا نتعلمه صغارا من أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم" مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك) وإما ان تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة«. ما أكثر اليوم من يحرقون ثيابك بالخوض في الاعراض وقذف المحصنات، وما اكثر من تشم منهم ريحا خبيثة وهم يأكلون لحم إخوانهم ميتا، ويذبحونهم بلغو الحديث.كله يتكلم عن كله، ولا ابرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء فكثيرا ما يستدرجك البعض- بسيف الحياء-لتجاريهم في هذا اللغو، ولذلك أحاول ان أدفع عن نفسي هذا الاثم بالتقليل-قدر الإستطاعة- من مجالسة الناس، فقليل منهم فقط من يدفعك الي الخير ويدعوك لإن يسابقك فيه، كما كان يفعل كثيرون في الماضي. زمان كثيرا ما كان البعض يخرس كل من يحاول ان يغتاب شخصا، علي العكس كانوا يذكرونك بأن فلانا مريض، تعالوا نعوده، أو أن آخرا يعاني من ضائقة مالية، هيا نساعده سرا دون من او أذي. تبدل الحال وإنقلب رأسا علي عقب، فأصبح الحديث عن إبتلاءات الاخرين فيه من الشماتة والتشفي أكثر مما فيه من الرحمة.بل ثارت معاناة الناس المالية والنفسية وابتلاءاتهم الصحية وسيلة لتندر وإستهزاء وسخرية كثيرين. اعتقد أن السبب وراء كل ذلك اننا لا نعمل، فالفراغ هو الثغرة التي ينفذ منها ابليس. كما ان كل شخص أصبح مشغولا بآخر، قد يكون زميلا في العمل أو قريبا في البيت أو صهرا في العائلة. هذا الانشغال بالآخرين يجعل كثيرين يتتبعون عورات الناس، ليعرفوها ويكونوا في قمة السعادة حين يشيعونها ويروجونها بين أكبر عدد من الناس في محاولة إغتيال معنوي لهؤلاء، ولو إنشغل كل فرد بعيوبه وحاول أن يصلحها لكنا مجتمعا من الاسوياء. يقول رسولنا الكريم:" طوبي لمن شغلته عيوبه عن عيوب الناس". الكارثة اليوم ايضا ان الجليس السوء لم يعد فقط إنسيا، رب برنامج"توك شو" يغمز ويلمز في الاعراض ، أسوأ من مجالسة الاشرار فهو يغتاب كثيرين ويتيح الفرصة لملايين من المشاهدين ليديروا هذه الغيبة بينهم، وقد يكون نافخ الكير مسلسلا يزين الشر والباطل للناس كعدم حرمة شرب الحشيش كما حاول مسلسل "العار" ان يمررها بين الناس. او فيلما يثير غرائز الشباب.هؤلاء هم جلساء السوء او نافخو الكير التكنولوجيون. وهم أشد خطرا وأعظم تأثيرا من نافخي الكير الإنسيين. نجانا الله واياكم من إبليس افندي نفخو.