أكتب هذا المقال في الساعات الأولي من صباح الإثنين، بعد ظهور النتائج الأولية التي تؤكد فوز الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ومرشح الثورة بمقعد الرئاسة، وهي الأخبار التي أسعدت جموع الشعب المصري والعربي وأحرار العالم، باعتبارها الأمل الأخير في استمرار العمل من أجل تحقيق أهداف الثورة، في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. فهنيئا لكل مصري بانتخاب أول رئيس مصري بإرادة شعبية حرة.. هنيئا لكل الشهداء والثوار والشرفاء والأحرار، رجالا ونساء وشبابا وشيوخا، الذين خرجوا يشاركون في صنع مصر المستقبل، مصر التي لا مكان فيها لمظلوم أو مقهور أو مهمش، ولا حياة فيها لطاغية أو مفسد أو مستبد، ولا كرامة فيها لمنافق أو جبان أو متسلق، هنيئا لمن شاركوا في صناعة الحلم الديمقراطي الذي انتظرناه طويلا، وأكرمنا به الله رغم نفاق المنافقين وكيد الكائدين وحقد الحاقدين وتآمر المجرمين! لقد عاش الشعب المصري كله منذ حكم المحكمة الدستورية العليا يوم الخميس الماضي، الذي قضي ببطلان ثلث مقاعد أول مجلس شعب منتخب بنزاهة وشفافية في تاريخ البلاد، في كابوس مؤلم ومخيف، فتح الباب أمام كل الاحتمالات الكارثية، إذ اكتشفنا جميعا أن هناك مؤامرة تم الإعداد لها بليل، تهدف إلي انهيار مؤسسات الوطن المنتخبة، والأكثر مرارة أن مجلس الشعب الذي شارك في اختياره أكثر من ثلاثين مليون مصري، أصبح الآن في قبضة المجلس العسكري! هل كانت مصادفة أن يصنع المجلس العسكري إعلانا دستوريا مطعونا في بعض مواده ليستخدمه وقتما يشاء، وهل كانت مصادفة أن يتم تنفيذ ما هدد به رئيس الوزراء الدكتور الجنزوري رئيس مجلس الشعب الدكتور الكتاتني، بأن قرار حل المجلس في الأدراج يمكن تحريكه في أي وقت، وهل كانت مصادفة أن يتم حصار مقر مجلس الشعب بعد إعلان الحكم مباشرة، وأن يشيع البعض، كذبا علي غير الحقيقة، أن الحكم يتعلق بحل البرلمان بكامله، مع ما يمثله ذلك من تجاوز؟! إن كل هذا الذي يجري عبث بمستقبل الوطن، وهذا المخطط الذي تم الإعداد له بليل، بالتوافق مع النخبة المعزولة جماهيريا من العلمانيين وبقايا الماركسيين وفاسدي الحزب الوطني، لن يقبله الشعب المصري الحر، الذي قام بثورة سلمية عظيمة، ضحي فيها بدماء أبنائه الشرفاء من أجل الحرية والكرامة، أم أن الهدف هو تسليم مصر وهي علي حافة الانهيار الأمني والاقتصادي والدستوري، كي يتأكد فشل أي رئيس منتخب وأي حكومة تتسلم أمور الوطن في المرحلة الحالية؟! إن وجود رئيس مصري منتخب هو أمر مهم لاستقرار الوطن بعد غياب ستة عشر شهرا، لكن محاولة تلغيم الأرض من تحت أقدامه، وزرع الأشواك والمطبات في الطرق التي يسير فيها، وتنصيبه رئيسا عاجزا بلا صلاحيات أو مؤسسات دستورية، لا يمكن أن يؤدي إلي استقرار أو بناء أو تنمية، ولا يمكن أن يحقق مصالح البلاد والعباد. إنني أرفض الإعلان الدستوري الجديد جملة وتفصيلا، وأرفض حل (برلمان الثورة) بعيدا عن احترام إرادة الأمة، وأحذر من التعامل باستهانة مع إرادة الجماهير، مثلما كان يفعل النظام الفاسد، وأطالب جميع أعضاء مجلس الشعب بأن يستمروا في أداء دورهم التشريعي، حتي يتم علاج أزمة عدم الدستورية، كما أطالب المجلس العسكري بتسليم صلاحياته للرئيس المنتخب في أسرع وقت. إن مصر كانت ومازالت وسوف تبقي بإذن الله أكبر من كل مؤامرات المتآمرين، وأقوي من كل مخططات الطغاة والمستبدين.. أهلا بالأمل المشرق، ومرحبا بعصر الحرية والعدالة.