د. سعاد الشرقاوى أثناء حوارها مع » الأخبار « أكثر من 90٪ من أعضاء التأسيسية من الذين تم اختيارهم ليس لديهم خبرة بالدساتير.. هكذا أكدت سعاد الشرقاوي استاذ القانون العام بجامعة القاهرة وطالبت في حوارها بضرورة ان تكون هناك مواد في الدستور تنص علي مدنية الأحزاب وألا تكون لها تشكيلات عسكرية، كما طالبت بأن يشمل علي وجود مواد تحدد ماهية الاعتصام وكيفية فضه وكشفت دكتورة سعاد علي ان هناك احتمالا كبيرا لقبول الطعن بعدم دستورية الجمعية التأسيسية لان تشكيلها لا يختلف كثيرا عن تشكيل الجمعية الاولي.. اشياء كثيرة ذكرتها دكتورة سعاد الشرقاوي في حوارها معنا اليوم ولسوف يبدو ذلك جليا من خلال تتبع واع لذا الحوار. ما رأيك في الجمعية التأسيسية للدستور وتعقيبك علي اعضاء اللجنة؟ كان من الافضل ان تحدد المادة 60 شروط عضوية الجمعية التاسيسية وتضع شروطاً لعملية الانتخاب.. ولكن بما اننا اصبحنا في هذا الوضع الان فاعتقد انها ستكون محل تعقيد وسينجح الطعن بعدم دستوريتها غالبا، لان تشكيلها بهذا الوضع الحالي شبيه بما قبله وعيوبه لاتختلف كثيرا عن النظام السابق وتتمثل هذه العيوب في احتكار تيار معين للاغلبية للجمعية التأسيسية وهو امر مرفوض تماما، وكنت اتمني ان يراعي فيها موضوعية الشخص وحياده وعدم انتمائه لاي سلطة من السلطات الثلاثة و بالمعني الضيق الحكومة والبرلمان وايضا المنتخبين من اعضاء الجمعية لهم شروط وليس كل من حصل علي دكتوراة في الدستور يحق له الانضمام الي الجمعية التاسيسية ويجب ان يكون لديه عقل وفكر وضمير الامة وشاعر بالامة ومشاكلها وأن يكون ذا رؤية استيراتيجية للمدي البعيد.. وان صياغة الدساتير مهنة في حد ذاتها ففي لجنة ال 30 عام 1923 كانت تضم اشخاصا مشهود لهم بالكفاءة والخبرة والقدرة علي الصياغة والتي تعني انتقاء ما هو يصلح للدستور ومالا يصلح له لان صياغة القانون تختلف عن صياغة الدساتير. من وجهة نظرك.. ما اكثر المشاكل التي تواجهها الجمعية التاسيسية الان؟ علي حد علمي بدرجة كبيرة بالمجتمع المصري اعتقد ان اكثر من 90٪ من الاشخاص المتواجدين باللجنة ليس لهم علاقة بها وتنقصهم الخبرة وبالتالي فإن هناك مآخذ كثيرة عليه وهي لا تمثل فكر الامة المصرية و لا طموحاتها. كما ان تمثيل المراة بها تقريبا يكاد يكون (صفر) علي الرغم من انها ساهمت في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية منذ بداية القرن العشرين وحتي يومنا هذا وهذا اهدار لحقها ودورها.. وحتي لو تم انتقاء المرأة يجب ان يكون علي اساس الخبرة مثلها مثل الرجال، فالخبرة والمهنية والعمل العام وليس مجرد النجاح فقط معايير هامة جدا يجب وضعها في الاعتبار. ما هي رؤيتك لمشروع الدستور الجديد؟ الدستور بصفة عامة به شقان الاول متعلق بالحقوق والحريات والواجبات و شكل المجتمع وهو ما يسمي بالدستور الاجتماعي والشق الثاني المتعلق بالسلطات وعلاقتها ببعضها من حيث اختيار اعضاء الحكومة واعضاء مجلس الشعب والسلطة القضائية وهذا هو الشق السياسي.. ونحن اذا نظرنا الي دستور مصر في المستقبل لا يكفي اطلاعنا علي الدساتير الاجنبية فقط بل يجب ان نأخذ ما يمكننا به سد الفجوة التي كانت موجودة خلال الفترة الماضية لان تطلعات الشعب المصري مختلفة عن تطلعات الشعب الامريكي والالماني وهكذا وبعد مرحلة الاطلاع يتم تبويب هذه الافكار علي ان يتم اختيار ما يوضع في الدستور وما يوضع في القوانين الكلمة للدستور والقوانين العادية وهذه مهنة ايضا ويجب مراعاة عدم حدوث تضارب بين نصوص الدستور كما هو الحال في دستور 71. في تصورك ما هي اهم المواد التي يجب ان يتم التركيز عليها في الدستور الجديد؟ من خلال تجربتنا التي نعيشها الآن نحتاج الي وجود نص متعلق بحق الانسان في تكامل جسده وعقله بمعني وجوب تجريم التعذيب وعدم الاعتراف باي دليل يتخذ تحت تاثير التعذيب وهذا النص موجود في دستور 71 حيث ينص علي ان التعذيب جريمة ولا تسقط بالتقادم ورغم ذلك كان التعذيب موجودا وكان احد اسباب قيام الثورة وهذا احد النصوص الهامة التي يجب ضمانها من خلال نص ما يؤكد علي الحضور البدني وهو لفظ لاتيني تم اعتماده في وثيقة واحدة خصصت له وتعني حضور بدني للشخص الذي اختفي في المجتمع وهي صدرت في القرن السابع عشر ومضمونها الذي اتمني ان يتم وضعه في الدستور الجديد انه اذا تم القبض علي شخص يتم اعلام اهله بمكانه ولا يستجوب الا بحضور محامي وان يحضر امام المحكمة وامام قاضي ليتاكد من سلامته وسيكون.. وتشير ان كل ذلك كان موجودا بالفعل في الدستور السابق ولكنه لم يكن مفعلا. ما هي النصوص الاخري التي يجب ان يتضمنها الدستور؟ حق التظاهر والاضراب هو حق منصوص عليه ونحن موقعين علي اتفاقات دولية لذلك وهذا لابد ان ينص عليه في الدستور والي جانب ذلك يجب ان ننص انه طالما المعتصم لم يستخدم العنف فلا يحق استخدام اي سلاح ضده سوي العصي والمياه.. فالمعني الذي يجب ان يتضح هو ان الاضراب ليس »كرنفال« فهناك بروتوكولله يبدا بالانذار اولالذا يجب ان ننص في الدستور انه يتعين في حالة الاضراب ان يدخل المضربون واصحاب الاعمال في تفاوض جماعي من خلال اتفاق للطرفين وينظم هذا قانون اساسي.. والنص الاخر هو ضرورة توفير المرافق العامة والاساسية للمواطن كهرباء ومياه والمواصلات العامة. وتضيف يجب ان يكون هناك نص متعلق بالاحزاب السياسية وان تتسم بالمدنية ولا يكون لها تشكيلات عسكرية و ايضا استقلال السلطات وعدم الجمع بين الوظائف. هناك جهات لديها دساتير معدة مسبقا مثل الدستور الذي تم اعداده في كلية الحقوق ودستور جماعة الاخوان ..كيف يمكن التوفيق بين هذه الدساتير؟ لا أمانع في الاستعانة بالدساتير المعدة سلفا فهناك دستور 71 و لكن هناك تطورات حالية يجب مراعاتها فنحن عانينا من الفوارق الطبقية والتعذيب وايضا هناك مؤسسات اصبحت تلعب دورا كبيرا مثل البنك المركزي الذي اصبح يلعب دورا هاما في الحياة الاقتصادية والسياسية.. وايضا البيئة لم تكن واردة في الدساتير السابقة ولكنها اصبحت مهددة الان وتحتاج الي نصوص في الدستور الجديد. علي ألا تكون عملية »قص ولصق« من الدساتير السابقة فقط ولكنها عملية فكرية في المقام الاول وتحتاج الي اشخاص اهل للثقة للقيام بها من اجل مصلحة الوطن. هل هناك اقصاء متعمد لفقهاء الدستور المنوط بهم في هذه المهمة في الجمعية التأسيسية؟ هذا واضح بالطبع واكرر انه بنسبة كبيرة سيتم الطعن علي هذه الجمعية وهكذا سنكون عدنا الي مربع الصفر لان التشكيل اغلبه من توجه معين والاقصاء متعمد لصالح توجه معين ولا اعرف اسباب ذلك الحقيقية واعتقد انها ستكون عملية متعسرة لانهم لا يتحدثون لغة واحدة في صياغة الدستور والدليل ان هناك تشريعات توقفت في اللحظة الاخيرة فهناك من يريد مصلحة معينة واخر يقصد هدفا معينا بينما الهدف الاساسي هو مصلحة الوطن. وكنت اتمني من اعضاء الجمعية ان يتجردوا من اي منصب اخر. ونظرته للمصلحة العامة فقط. وماذا عن اكثر المواد التي يجب الاستغناء عنها وعدم الاستعانة بها؟ بداية تصحيح الدستور يجب ان تتم بتعديل المادة 60 اولا ونصها يتعلق بان مجلس الشعب ينتخب الجمعية التاسيسية وبذك انقلبت القواعد ولذلك تعديلها واجب.. وبذلك يمكن ان نضمن دستورية اي مادة لانها الاساس الذي ستبني عليه الجمعية الدستورية. هناك مواد في الدستور الذي يتم اعداده الآن تثير مخاوف بعض القطاعات في المجتمع فكيف يمكن التغلب علي ذلك؟ يتم طمأنتها بمشاركتها مشاركة فعلية في الجمعية وليس رمزية والاطلاع علي ان ليس هناك دولة حديثة تقوم علي اقصاء مواطنين فيها، فتوعية المواطنين بالدساتير وادراكهم بالدولة الحديثة وانها ليست قائمة علي طوائف وشيع وان هناك اقباطا ومسيحيين لان من هذا المدخل يمكن تقسيم الدولة واخشي ان هذا السيناريو يتكرر في المنطقة كلها. وبالتالي لا داعي لتعميق الخلافات. ما هي الفترة التي يمكن ان ينجز فيها الدستور الجديد؟ هذا يتوقف علي ثقافة اعضاء الجمعية وعلمهم بدساتير العالم ومتطلباتنا.. واعتقد انه لو كان التشكيل من المحترفين من الممكن ان ان يأخذ شهرين او اكثر. هل فكرت في المساهمة مع الجمعية التأسيسية للمشاركة في هذه المهمة الوطنية؟ انا لا اقبل ان اعمل لدي اشخاص لا اعرف كيف سيكون صياغتهم النهائية للدستور ولا في هذه العملية بهذا الشكل فانا اتخوف عن ان اكون مسئولة عن الشكل النهائي له فكلمة واحدة قد تهد او تبني الدستور. وبالتالي قد نصل الي نتيجة غير مرغوب فيها. هل هناك دساتير لدول عربية او اجنبية يمكن الاستعانة بها ضمن مواد الدستور الجديد؟ هناك الكثير مثل الدستور الالماني والفرنسي والامريكي به عدة نصوص جيدة جدا منها فيما يتعلق بالمساواة يقول ان الله خلق الناس جميعا متساوين مساواة مطلقة.. وتضيف ان المهم في الدساتير هو التوافق وليس التصويت بالاغلبية بل يجب ان نصل لتوافق الجميع علي النص فاذا كلمة مثل فصل السلطات لم تلاقي اقبال الجميع عليها فلا يتم اقرارها حتي يتم التوافق عليها.. وايضا الدستور الالماني جيد لانه اثر الخروج من ويلات هتلر حرص علي ان النظام السياسي يقوم علي التعددية الحزبية وان اي حزب يعمل علي احتكار الحياة السياسية يعتبر غير دستوري. وهذا ما يحدث لدينا من وجود احتكار حزب لدينا للحياة السياسية الان لذا هذا نص هام يمكن الاستعانة به.