رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    ارتفاع سعر الذهب اليوم بالسودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 9 مايو 2024    رسميًا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 9 مايو 2024 بعد الانخفاض في البنوك    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    مئات المستوطنين يقتحمون بلدة "كفل حارس" في الضفة الغربية | شاهد    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    ولي العهد السعودي يبحث مع الرئيس الأوكراني مستجدات الأزمة الأوكرانية الروسية والجهود الرامية لحلها    أنشيلوتي: هذا هو أفضل فريق دربته في مسيرتي    في بيان رسمي.. الزمالك يشكر وزارتي الطيران المدني والشباب والرياضة    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    «جريشة» يعلق على اختيارات «الكاف» لحكام نهائي الكونفدرالية    مع قرب بداية شهر ذو القعدة.. موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    ليس مرض مزمن.. سبب وفاة والدة كريم عبد العزيز    القضاء هيجيب حق أخويا.. شقيق ضحية حادث عصام صاصا يوجه رسالة مؤثرة    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    محافظ الإسكندرية يكرم فريق سلة الاتحاد لفوزهم بكأس مصر    هل يعود إلى الأهلي؟... مصدر يوضح موقف محمد النني الحالي مع آرسنال    أيمن يونس: واثق في لاعبي الزمالك للتتويج بالكونفدرالية.. وزيزو "قائد الأحلام"    تعرف على موعد إرسال قائمة المنتخب الأوليمبي    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    ماجد عبدالفتاح: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بفلسطين    أخبار الحوادث اليوم: حجز السودانية بطلة فيديو تعذيب طفل بالتجمع.. والسجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز القاهرة الجديدة    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    متحدث الوزراء: المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال مستمرة حتى 20 يوليو    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في ختام الأسبوع الخميس 9 مايو 2024    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح أسترازينكا|فيديو    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي الكبير فؤاد قنديل :
لامرسي ولاشفيق يناسبان هذه المرحلة
نشر في الأخبار يوم 31 - 05 - 2012

أعرفه وتعرفه الساحة الأدبية منذ فترة طويلة.. ومشهود له بدفاعه عن قضايا الوطن من دون خوف أو ملل..
إنه الروائي الكبير والأديب فؤاد قنديل الذي يعتبر من أوائل المفكرين المصريين الذين أسعدهم الحظ بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الآداب بعد ثورة 25 يناير..

صحيح رشح لها عام 2010 ولكن شاءت الأقدار أن يتم الإعلان عن اسمه كفائز بها بعد الثورة..
وربما بذلك يكافئه القدر علي ما قدمه لهذه الثورة سواء لمواقفه المشهودة ضد النظام السابق أو لتأثير أعماله الأدبية العديدة علي الشباب الذين قاموا بهذه الثورة..

لكل ذلك كان هذا الحوار الذي يأتي في هذه اللحظات الحرجة التي تمر بها مصر حاليا.. فتعالوا إلي التفاصيل.
نتائج الجولة الأولي أسوأ مايمكن أن يواجهه شعب
شهية التيار الاسلامي للامتلاك والسيطرة مفتوحة وأصبحت مرعبة!
لعلك لا تعرف أنني أتعمد في اسئلتي إثارة شهية ضيفا في الحوار.. لذلك أسألك من هذا المنطق.. هل تري أو تتصور أن هناك إبعاد متعمدا لكبار الأدباء والمفكرين المصريين عن المشاركة في حياتنا السياسية؟!
المسألة في هذا السياق ليست جديدة، ولكنها قديمة جداً.. جداً..
إذن أنت توافق علي ما قلته بشأن وجود حالة تعمد فعليه للأدباء والمفكرين عن المشاركة في حياتنا العامة والسياسية؟!
انني بالفعل أوافق.. لانني اعتقد أن هذا الابعاد مقصود من حيث ان الحكام والتيارات والمسئولين علي جميع أصعدتهم تخشون المثقف.. حتي بعد الثورة وتحاول تجنيبه والابتعاد عنه قدر طاقتها.. ذلك المثقف وهم يعرفون ذلك جيدا قادر علي ترتيب الأمور عقليا قبل النزول إلي أرض الملعب.. وهذا ما لا يتقبلونه إنهم يريدون أن تمضي الساحة بشكل عشوائي ينجز لهم أفكارهم ومصالحهم.
جهل وعناد
معني ذلك أن هناك حالة من الاصرار علي هذا الموقف تجاه المفكر والأديب حتي بعد الثورة؟
نعم.. وسوف يظل ذلك إلي حد ما بحسب توافر القيادات الواثقة بنفسها لان الابعاد والاقصاء ناتج عن الجهل والعناد.. وهما يفسدان أي قائد أو سياسي أو أي مسئول.. لانه في هذه الحالة ليست لديه معطيات كاملة وشاملة لقضايا الوطن. وعندما يتحاور مع أي مثقف تجده قادرا علي فتح كل الآفاق وينزل إلي التاريخ ثم يعرج إلي الجغرافيا ويعود إلي السياسة ثم يستنطق الشعب وبالتالي فالحكام لا يستطيعون اللعب علي هذا المستوي.
وهل في تصورك أن قياداتنا تخاف من المثقف؟!
بالفعل هم يخافون من المثقف.. لانهم عاجزون.
كل الحكام العرب
وهل ينطبق ذلك علي كل الحكام؟
نعم كل الحكام العرب الذين نعرفهم وعرفناهم مع احترامي لهم ما عدا عبدالناصر. ولعلك تريد أن تسألني ولماذا أقول عن عبدالناصر أنه ليس منهم.. لانه كان مثقفا وليست لديه عقدة.. وكل ما هنالك أنه عندما أخذ مواقف متشددة من المثقفين في بعض اللحظات التاريخية كان خائفا علي بعض المستجدات في التحول الاشتراكي والصناعي.
بمناسبة ذكرك لعبدالناصر هل هذا القائد أو هذا الحاكم نجح في استخدام المثقفين لتحقيق بعض أغراضه؟.
لا أظن هذا.. وكل ما هنالك أنه كان من الطبيعي بعد قيام الثورة.. أن يتوقف بعض الأدباء والكتاب عن الكتابة مثل نجيب محفوظ لانه شعر بأن ما كان يطالب به في كتاباته الأدبية قد تحقق.
ألا تري أن المفكر والمثقف المصري يتحمل مسئولية كبيرة أمام التاريخ لانه قبل هذا الابعاد عن حياتنا السياسية والعامة؟!
طبعاً.. لان المثقف المصري لم يقم بواجبه بدرجة كافية.. واستبعاد المسئولين له لم يكن ليجعله بعيدا عن أن يمارس دوره حتي لو دخل في صدام مع هؤلاء المسئولين.. وتجد هنا أن عددا لا بأس به من هؤلاء المثقفين قد استسلموا بواقع الابعاد، وبعضهم الآخر قاوم، والبعض الثالث ترك الساحة بالكامل، والموقف هنا يؤخذ علي من استسلم وضد من انسحبوا أو آثروا السلامة أو اختاروا طريقة الكتابة وفقط!
رسالة المثقف
معني ذلك انك تري أن رسالة المثقف والكاتب لا تتوقف علي ما يكتبه فقط.. بل هناك مواقف معلنة لابد من مشاركته فيها؟!
إن المثقف جزء من مهمته الكتابة والتأليف.. والكتابة كما تعرف في الأصل تقوم علي التفكير.. كما انها انتماء للوطن.. لذلك تري أن أكثر المنتمين لأوطانهم هم المفكرون فإذا اكتفي بالتفكير فقط أو جلس في برج عاجي، وأن يؤلف المؤلفات وهو يسمع نبض الشارع الذي يئن، فهو في هذه الحالة يقترب من الخائن.. إذن المثقف هنا يصبح خائنا إذا لم يقاوم بكل ما يملك.. وبالمناسبة أقولك، الشباب يوم 25 يناير لم يخرج من تلقاء نفسه ولكنه خرج لأنهم تتلمذوا بإخلاص علي المؤلفين والكتاب بجميع أطيافهم.
أساليب التعبير
وكيف يستطيع المثقف المصري أن يستعيد دوره المفقود رغما من موقف الحاكم الرافض لذلك؟
يستطيع أن يسلك هنا عدة أساليب أولها.. إذا ما كان كاتبا أو مفكرا. لا يتعين عليه أبدا أن يتخلي عن قلمه، وثانيا ضرورة أن يحاول قدر الامكان التعبير عن قضايا المجتمع بالأسلوب الذي يراه مناسبا لذلك سواء اسلوبا أدبيا أو سياسيا أو فكريا أو رمزيا فنيا وهكذا. ثالثا عليه أن يحاول الدخول في ثكنات جماعية نوعية ولا يتحرك فرديا حتي لا يتمكن من توصيل صوته. وهو هنا سوف يستمر دوره ويسمع صوته.
وحتي لو تعرض في هذه المسيرة إلي أي نوع من الأيذاء؟
في حالة التجمعات سوف تكون ملاحقة هؤلاء المفكرين قليلة وضعيفة لانهم هنا أصبحوا كتلة خاصة مع تقدم رسائل التكنولوجيا عابرة القارات وقوية التأثير.. ودعني هنا أؤكد مرة أخري علي خطورة المثقفين عندما يتوقفون عن المقاومة. لانني اعتبرهم طليعة الأمة.. كما أنهم يمثلون زرقاء اليمامة من حيث إنهم هم الذين يستشرفون المستقبل ويعرفون الأحداث قبل وقوعها.
وما هي في تصورك أساليب المقاومة التي يمكن ان يستخدمها المثقف؟!
دعنا نأخذ مثالا ينطبق ما كنت اكتبه وآسف لذلك، وهو سوف يوضح لك هذه الأساليب ان كل رواياتي وقصصي القصيرة تقريبا.. بل إن لم يكن معظمها من أجل الدقة.. تتناول قضايا سياسية واجتماعية خاصة بالمجتمع.. وعلي سبيل المثال أيضا تجد روايتي التي صدرت بعنوان »قبلة الحياة« والتي طبعت منذ عشر سنوات فيها وصف دقيق لما حدث يوم 25 يناير بعدد المتظاهرين الذين نزلوا إلي الميادين، حدث ذلك بعدما استعرضت الرواية كل نماذج السلبيات والفساد والإرهاب والنهب والسلب والفارق الهائل ما بين النخبة الرأسمالية وبين الشعب الكادح الذي لا يجد قوت يومه وهكذا فعل ادباء آخرون مثلما فعلت أنا كذلك.
أشكال المقاومة
وهل لمقاومة المثقف والمفكر والأديب مفهوم خاص في تصورك الشخصي؟
إن المقاومة ليس لها تصور آخر.. وليست لها حدود إنها يمكن أن تأتي حتي من طريق المراسلات مع غيره. هناك إذن الكتابة بأنواعها سواء المباشرة أو غير المباشرة، مثلما يحدث في عالم الصحافة إذ انني اعتبر الصحفي كذلك من هؤلاء الصنف من المقاومين. وهناك كذلك العديد من الأساليب الفنية. وفي تصوري أن أهم شيء لهذا المفكر ضرورة أن يشارك فريقا للنزول إلي البسطاء في القري والنجوع والمصانع.
وما رأيك في أن يتولي المفكر أو المثقف أو الأديب منصبا سياسيا؟
لا اؤمن بذلك كثيرا.
ولماذا؟!
لان المثقف يجب عليه أن يبقي مثقفا فقط.. ولكن علي الدولة وعلي المسئولين أن يجعلوه يدهم اليمني، حيث يستعينون به في كل صغيرة وكبيرة.
معني ذلك أن المنصب سوف يحد من انطلاقة المثقف فكريا؟
المنصب يقيد من حركة المثقف وقد يؤدي إلي انحرافه أيضا وقد حدث ذلك في أوقات كثيرة وعبرت عنه فيما كتبت عنه في مقالاتي التي نشرت في الأخبار.
المثقف بعد الثورة
هل تتوقع أن يعلو شأن المثقف في مصر خاصة بعد ثورة 25 يناير.. حيث يزيد ذلك من فعالية أدواره داخل المجتمع؟
لقد بدأ هذا الدور يتبلور بالفعل مع الشرارة الأولي لهذه الثورة عندما نزل المثقف إلي الساحة وكانت يده في أيدي الشباب حتي أنك تجد الشعارات مكتوبة من عبارات ألفها كبار المفكرين. كما نجدهم ألقوا هناك الأشعار.. وهتفوا، وحملوا إلي الثوار من الشباب طعاما وغطاء وهكذا.. من هنا تستطيع أن تقول إن هؤلاء المفكرين قد مهدوا للثورة واشتركوا في اشعالها.. وسوف يتناولون كل هذه الأحداث في أعمالهم الروائية والفكرية.. وأنا من بين هؤلاء الذين يخططون حاليا لعمل ابداعي عن هذه الثورة وهي تحتاج إلي بعض الوقت وربما تحتاج إلي عام من أجل اصدارها وربما سوف يبدأ عدد كبير من المفكرين ومن المبدعين في كتابة ابداعاتهم عن هذا الحدث العظيم.. بعد الهدوء وانقشاع الضباب المنتشر في الطرقات.
من هنا أسألك.. متي يمكن للمثقف والمفكر المصري أن يكون له تأثير مباشر في حياتنا في مصر؟
إذا ما توافر مناخ الحرية لأنه لن يستطيع أن يفكر أو يبدع أو أن يكتب حرفا واحدا بدون هذه الحرية.. لانني اعتبر أن الحرية هي الأضواء الكاشفة التي يسير الناس عليها خاصة بالليل.. والجزء الثاني توافر منابر التعبير مثل الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المقروءة والمرئية الأخري، وأن تتمتع كذلك هذه المنابر بهذا القدر الكبير من الحرية من جانب الدولة أو من جانب الحاكم.. اضف إلي ذلك ضرورة تواجد وعي لدي الناس بأهمية الفكر والثقافة ودورهما في حياته. ودعني أقولك أن عودة هذا الوعي اعتبره من أهم نتائج ثورة 25 يناير. لان الثورة حتي الآن لم تكتمل وبالتالي أراها قد حققت لنا أمرين هامين.. الأول كما قلت لك عودة الوعي للناس.. ثم إزاحة مبارك شخصيا عن النظام.. وأعود وأكرر لك أن الثورة لم تحقق بعد أهدافها المرجوة.
لم يتحقق أي شيء
وماذا في تصورك عن الأشياء التي لم تتحقق بعد ثورة 25 يناير؟
كل شيء لم يتحقق.. خاصة التغيير.. فليس هناك معني لكلمة ثورة إلا اذا ما نتج عنها تغيير.. لانك تعرف أنه لا يمكن أن نطلق علي أي شيء ثورة إلا اذا احدث تغييرا ليس ذلك فقط، بل أقولك.. ان عنوان اية ثورة هو احداثها للتغيير وهذا لم يحدث عندنا إلي الآن. وقد فتحت لي بجديتك هذه نافذة أخري حيث تم استبدال الحزب الوطني بالإخوان المسلمين والتيارات المتأسلمة، واخشي ما أخشاه علي مصر من هذه التيارات بما فيها الإخوان.. بل وأتوقع أن تكون هناك خطورة اذا ما استمر اجتياح الإخوان المسلمين لمؤسسات الدولة والاستيلاء عليها.
لماذا؟!
لأن المنطلقات لديهم ليست منطلقات وطنية، وإنما هي منطلقات شخصية.. بل وترتبط بالأنظمة الخاصة بهم.
نريد منك أن تفسر لنا هذه النقطة أكثر.. فهل تسمح بذلك؟
نعم.. ان حزب الحرية والعدالة والذي يعتبر كرأس حربة للاخوان المسلمين، يريد تحقيق أهدافهم، وبالتالي يحاولون اكتساح كل الأجهزة من أجل الوصول إلي ذلك الهدف، والمصالح الشخصية التي اقصدها هنا ليست بالمعني المعروف بل بالمعني الجماعي.. ولدينا عدة نماذج وامثلة الان.. وعليك فقط ان تنظر الي البرلمان وما يحدث فيه، فإنك سوف تجده صادما للغاية، كما ان عليك ان تنظر أيضا الي تصرفات رئيس هذا الحزب، وأيضا سوف تجده مغايرا تماما لاصول القيادة.
سلوك مرفوض
وهل فوجئت بذلك؟ أم كنت تتوقعه؟
لقد فوجئت بسلوك كل من حزب الحرية والعدالة وما يحدث في البرلمان، لقد فوجئت بالممارسة المعكوسة وبالسيطرة التي يسعون إلي تحقيقها.. وبالمناسبة اقولك لقد كنت فرحا في بداية التجربة لدخول الاخوان البرلمان.. وكنت اتمني ان يكون عددهم في حدود 51 أو 02٪ فقط، لكن تصل الدرجة الي كونهم والتيارات الاسلامية الاخري يسيطرون بهذا الشكل علي البرلمان بجناحيه.. من هنا بدأ لدي الخوف ثم انتقل الخوف الي الواقع.. والسبب ان ما حدث هو اكثر مما كنت اتوقع. لقد كنت متصورا بحكم التربية الدينية وما ادراك ما التربية الدينية الاسلامية الحقيقية ان يكونوا مرتبي الافكار وليسوا جشعين للسلطة وليس ذلك فقط بل فوجئت بأنهم يخالفون مبدأ ادب الحوار الذي يدعو إليه الاسلام.
الخوف والفزع
هل تخاف علي مصر في الفترة القادمة من سيطرة التيارات الاسلامية؟
نعم.. بدليل ما يحدث في هذا البرلمان الصادم، وسعيهم للقبض علي اللجنة التأسيسية والاستحواذ عليها حتي الان، رغم اجتماع المجلس العسكري مع كل الاحزاب المصرية والقوي السياسية واتفاقه معهم علي ضرورة تشكيل توافقي لهذه اللجنة. لقد رفضت اللجنة التشريعية التي يسيطرون عليها في المجلس هذا التوافق. ومن ثم تراهم الان يسعون كذلك الي منصب الرئاسة فضلا عن احتلالهم لكل النقابات واتحادات الطلاب وغيرها من التجمعات.
من خلال مشاعرك الابداعية.. ما هو المدي الذي يمكن ان يصل إليه هذا الخوف من ممارسات التيارات الاسلامية؟!
مداها كبير وصغير.. كبير إذا استمر الايقاع والحال علي ما هو عليه.. جهة تهيمن وتمضي في طريقها والاخرون يتخبطون، في هذه الحالة اتصور ان عصر أو عهد حسني مبارك سيكون أفضل لانه كانت هناك قوي مهيمنة تمضي كما تشاء والاخرون يعملون ضدهم حتي ولو في صمت.. ولكن الان تم استبدال هذه القوة بقوة اخري تمضي في طريقها وتهيمن علي كل شيء والاخرون يتخبطون وهذا التخبط يعطيهم فرصة اكبر للاستمرار وتحقيق المكاسب لاننا نراهم الان الوحيدين المتحدين.
الإبداع والجماعات
وهل تري ان المثقف والمفكر والمبدع مسئول مسئولية كاملة عن تواجد هذا التيار وبهذا الشكل.. أم ماذا؟
ليس للمفكرين اية علاقة بهذه المسألة.. لقد انشقت الارض عن هؤلاء من الذين كانوا يعيشون تحتها بعد ثورة 52 يناير وانا اسميهم بالجماعات المتأسلمة لان الاسلام لابد ان نراه علي الأرض.. وهنا اسألك اين الاسلام الذي يتمسحون به الان؟ لقد قفزوا بعد ان انتظروا قليلا لاستجلاء ما يحدث في هذه الثورة بعدما ذهبوا الي الميدان ثم سرعان ما انقضوا علي الثورة وابتلعوها. ان الثورة التي فجرها شباب مصر لم يسلم هذه الثورة لقيادة فكرية بعينها ونراه قبل ان يفكر في البحث عن هذه القيادات الفكرية سيطر عليها هؤلاء.. وانا اشبههم هنا بالنسر الاخواني المتأسلم الذي اختطف هذه الثورة.. ليس ذلك فقط بل بدأ فورا في استخدام هذه الثورة من خلال اجهزته وشعبه المتعددة ورجاله ومن ثم نزل الي الشارع.. ثم جاءت الانتخابات البرلمانية فصعد الي هذا البرلمان.
وهل فوجئت وغيرك من المفكرين والمبدعين بما حدث؟
طبعا فوجئنا ولم نكن نتوقعه لاننا كنا نعتقد انهم سوف يأخذون فرصتهم بالتساوي مع الاخرين.. نظرا لما تعرضوا له من ظلم طويل.
بدأنا بالفعل
وما هو المطلوب من المفكر والمثقف من أجل إعادة الحياة الي مسارها الطبيعي؟
لقد بدأت هذه الخطوات بالفعل من جانب كل المفكرين والادباء والفنانين وإن كان يري علي استحياء سواء من خلال الكتابة أو من خلال وسائل الابداع المختلفة والتي يعرفها اكثر من 3 آلاف مبدع ومفكر مصري.. هذه البداية هدفها مقاومة ومواجهة هذه التيارات التي تهدد الوطن في الصميم.. ولكن ما يزال لم يحدث نوع من التشكيل المؤسسي من جانب المبدعين لكي تكون هناك قنوات ووسائل تعبيرية مؤثرة في هذا الاتجاه.
وهل مازال المبدع يبحث عن هذه الوسائل وتلك الادوات؟
المشكلة هنا ليست في عملية البحث عن هذه الادوات لانها معروفة ولكننا ننتظر قليلا لاكتمال التجربة السياسية.. أولا بانتخاب رئيس الجمهورية ووضع الدستور ومن بعدها ننطلق وفق مجريات الاحداث لانه ما يزال للمجلس العسكري دور في كبح جماح بعض التوجهات والتيارات الاسلامية وهو دور نسبي ومحدود ولكنه يكفي لتأمين الحياة المصرية الان. ومثل هذه الخطوات من جانب المبدعين والمفكرين وكما ذكرت لك لم تأخذ مسارها العملي المؤثر. انها الان في مرحلة المناوشات وتستطيع ان تقول اننا الان في حالة الدفاع فقط وتعرية ما يقومون به من خطوات ضد الابداع.. مثلما حدث مع نجيب محفوظ إذن المثقف حتي اليوم لم يبدأ الهجوم ضد هذه التيارات وعندك ايضا قضية عادل امام وهكذا.. وانا أري ان هذا تصرف ومنطق طبيعي لاننا مازلنا ننتظر الي اي مدي سيصل موقف هؤلاء وهل هم سيصعدون من هذه المواقف أم نراهم سوف يرتدعون والوضع السياسي حاليا يبين لنا ان هؤلاء لن يكتفوا لان شهيتهم للامتلاك والسيطرة قد انفتحت عن اخرها وبشكل مرعب.. لقد انفتحت بالفعل شهية هؤلاء لابتلاع كل شيء في مصر الان.. ومن هنا تكمن الخطورة مما يجعلني اقول ان مستقبل مصر في خطر لان انياب التيارات المتأسلمة مسنونة. وقد بدأت عملية الالتهام فعلا.. ونراها هنا توسع من مكانها رويدا رويدا كما يوسع الثعبان فكه لابتلاع غزالة.. وتخيل ذلك انت.. ثعبان وفمه الصغير يحاول ان يبتلع غزالة كبيرة.. فكيف يفعل ذلك؟ اذن لابد له من اعداد فكه لهذا الالتهام اذن هؤلاء ومن خلال مجلس الشعب ولجنة التأسيسية والنقابات وغيرها يهييء كل عضلاته لابتلاع الغزالة وهي مصر.
هل انت خائف علي المستقبل في مصر؟
اذا بقي الحال علي ما هو عليه أو حدوثالمزيد من التصعيد والمزيد من الهيمنة من جانب التيارات الاسلامية ومواصلتها التهام الحياة المصرية طبعا هنا المستقبل سوف يكون غير مرض علي الاطلاق بل ومرعب.
وهل هذا المستقبل الذي وصفته بأنه مرعب يمكن ان يحدث عندنا في مصر؟
طبعا.. ده وارد جدا خاصة عندما يكون اقوي الاطراف في اللعبة السياسية غير باق علي الوطن عندئذ عليك ان تنتظر الاسوأ بل وتكون النتائج اقل ما يفكر فيه الشيطان.
ما تعليقك علي أداء البرلمان؟
لابد وان يكون اعضاؤه رجال دولة ولهم احاسيس ومشاعر عامة بما يعانيه الناس.. وان تكون مناقشاتهم متوازنة بين الممكن والمتاح وعليه كذلك ان يفكر في الشأن العام قبل الخاص.
هل يمكن أن يكون لمرشحي الثوار تواجدا مؤثرا في المستقبل علي مستوي الأداء السياسي؟
المرشحون للانتخابات عن الثوار ومنهم حمدين وأبو الفتوح وخالد علي وأبو العز وغيرهم عازمون علي العمل بجدية كما اعتادوا علي تشكيل أحزاب وممارسة أدوار ملموسة والمشاركة عمليا في كل ما يساعد علي تحريك المياه الراكدة وتطوير وعي الجماهير حتي لا تنخدع مرة أخري .
وماذا عن نظرة العالم للانتخابات وما تقييمك لما أحدثته في سمعة مصر؟
كانت كل النظرات إيجابية لأن الانتخابات كانت بالفعل نزيهة ومرتبة إلي حد كبير وقام المجلس الأعلي للقوات المسلحة بدور كبير في خدمة آلياتها حتي تصل إلي بر الأمان ، وبرغم كل التحفظات فأري أن التجربة في العموم تمثل إضافة إيجابية للوعي السياسي للمصريين ، وخطوات منتظمة وواثقة نحو ترسيخ الديمقراطية التي لا تزال بحاجة إلي سنوات من العمل والقوانين وأهمية انتشار النماذج القيادية التي تعتبر قدوة مشجعة للقاعدة الشعبية والشبابية فبدون القدوة لن يكون هناك أي تقدم.
عواقب التوجه الجديد
هل نجاح مرسي ينبئ عن رغبة لتتحول مصر إلي دولة دينية ، أم كانت هناك أهداف أخري؟
القليل من الشعب تصور أن سوء الوضع أيام مبارك سببه أنه وزبانيته لم يراعوا الله فيهم وانتهوا إلي أن الحل هو منح فرصة لمن ينتمون إلي الدين، لكنهم لا يدركون عواقب هذا التوجه، كما أن البعض حاول أن يعطي مرسي هربا من شفيق والعكس حدث، وهو فخ وقع فيه المصريون وهاهي النتيجة. أو كما يقول المثل الشعبي " تيجي تصيده يصيدك" . أتعس نتيجة يمكن أن يعيشها شعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.