جماعة الدعوة والتبليغ تمثل كيانا كبيرا في المجتمع المصري ولها اتباع ومريدون يؤمنون بالشوري ويمكن ان يكونوا رقما هائلا وقوة لا يستهان بها في ترجيح كفة احد المرشحين لرئاسة الجمهورية. ولكن الغريب ان الجماعة علي اتساع حجمها وعمق انتشارها لم تتفاعل مع التحولات السياسية العنيفة التي وقعت في الشارع المصري وابقت موقفها غامضا حتي الان بالنسبة لدعم مرشح بذاته. وتركت الباب مفتوحا لكل التيارات والجماعات تحاول استقطابها والاستفادة من شعبيتها دون ان تباشر هي دورا سياسيا يعزز من مكانتها او تقدم بدورها مرشحا ليعبر عنها ويستثمر تواجدها العريض في كل المدن والاحياء والقري في مصر..
فماذا تريد جماعة الدعوة التبليغ من هذا الصمت؟ وهل هي صادقة في عزوفها عن الاشتراك في المشهد السياسي؟ وهل يمثل هذا العزوف اهدارا لفرصة ذهبية قد لا تتكرر للحصول علي مكاسب تعزز بها نشاطها. ولمن ينحاز اعضاء جماعة التبليغ والدعوة في الانتخابات المقبلة؟.. الداعية الاسلامي المهندس محمد وسام الدين احد اهم مسئولي الجماعة بالقاهرة فاجأنا في حوار صريح مع »الأخبار« بأن الجماعة لن تقف مع مرشح بعينه حتي ولو كان ممثلا لتيار ديني او ليبرالي. وانها ستترك لاعضائها كامل الحرية في اختيار المرشح المناسب اعتمادا علي حسن ادراكهم لمن يصلح من المرشحين لهذه المرحلة. واعرب عن سعادته باستبعاد خيرت الشاطر من سباق رئاسة الجمهورية وقال ان رئاسة الوزراء هي الافضل له مؤكدا ان الاشتغال بالسياسة ستدفع التيارات الاسلامية المتباينة لان تتخلي عن تعصبها وان تندرج في نهر وسطي معتدل ربما يقوده الازهر الشريف اذا انتبه لدوره واسترد اوقافه وعدل قانونه.. والي الحوار الذي لم تنقصه الصراحة.. ممارسة السياسة ستصهر التيارات الإسلامية المتباينة تجنب الصدام مع نظام مبارك حمي الدعوة لو أعيدت الانتخابات لن يحصل الإخوان علي نفس النسبة خصوم الأحزاب الإسلامية تتصيد أخطاءها وتتعمد إظهارها للمجتمع في مكتبه الاستشاري الهندسي الانيق بمدينة نصر تم الحوار الذي استمر ساعتين كاشفت فيها الداعية الاسلامي محمد وسام الدين المسئول بجماعة الدعوة والتبليغ بكل المآخذ والانتقادات التي وجهت الي جماعته وابرزها اتهامها بالتقصير في مواجهة الحاكم الفاسد وقبول ظلمه وعدم الخروج عليه. ثم في عدم استثمار الثورة سياسيا بما يكفل للجماعة تحقيق اهدافها الدعوية. في البداية سألته عن سبب عزوف الجماعة عن ان يكون لها موقف سياسي قبل ثورة 25 يناير وبعدها رغم قوتها وكثرة اتباعها؟ قال ضاحكا وهو يؤصل الفكرة: تقوم جماعة الدعوة والتبليغ علي جمع فكر مسلمي العالم رجالا ونساء، شبابا وشيوخ، فقراء واغنياء، حكاما ومحكومين علي تبني فكرتين الطاعة لله والمسئولية عن الدين، فليس لنا فصيل واحد نتحرك عليه ولا دولة واحدة نجتهد لتوصيل جهدنا فيها. وبالتالي فإن فكرة توجيه هذا الجهد تجاه نشاط سياسي محدد في دولة محددة- ولو كانت مصر- ليس مطروحا لانه ليس من اهدافنا اقامة دولة اسلامية بالمعني السياسي وانما نقيم مجتمعات اسلامية في كل العالم ومن هنا تأخرت الفكرة السياسية في حياتنا ليس من باب الضعف وانما لان طموحنا يتسع عن العمل السياسي الضيق ليشمل العالم كله وهذا ما جعل لجماعة الدعوة والتبليغ شعبية جارفة في 200 دولة. ولكن انتقادات عنيفة وجهت الي الجماعة بسبب هذا الموقف بالذات وقيل انكم تتجنبون المواجهات وتخضعون لظلم الحاكم وهو ما دعا كثيرين لان ينظروا الي جماعة التبليغ علي انها رقم خارج السياق ينضم الي »حزب الكنبة«؟! ضاحكا في صبر: تصور لو ان جماعة التبليغ اصطدمت بالفعل مع نظام الدولة ستكون النتيجة ربما هي منع افراد الجماعة من الحركة سواء داخل هذه الدولة او بين دول العالم لنشر فكرها.. وبالتالي يصبح النشاط السياسي معوقا لي في تحقيق رسالتي لذلك كان لابد من التجرد من الفكرة السياسية ليس من باب الضعف وانما الوعي بطبيعة رسالة التبليغ والدعوة مع الانتباه اننا لا نتجرد من الفكرة الوطنية فنحن نحب اوطاننا ونحميها كأفراد من الاستبداد والظلم والفساد ونسعي للمحافظة علي فكرة الامان والحرية والعدل والكرامة لجميع المواطنين. وماذا عن مواجهة الحاكم الظالم؟ عندنا احد موقفين، ان نقوم بانكار المنكر من اجل الامر بالمعروف اذا كنا نمتلك القوة لذلك، واذا لم تتوافر هذه القوة فليس امامنا الا ان نستكين، فليس من الحكمة ان ننزلق الي السياسة ونتصادم مع الانظمة في العالم لتغلق امامنا ابواب العمل بالدعوة وندخل في صراع مع الحكام يصرفنا عن هدفنا الاساسي. في تقديرك لماذا يخاف المجتمع من المتدينين اذا عملوا بالسياسة؟ هي مجرد فكرة شائعة روجتها الانظمة السابقة حتي تخلو لها الساحة، فمنعوا علي مدي اكثر من 60 سنة المتدينين من القيام بأي نشاط علني وظاهر سواء في السياسة او في غيرها وانتقلت هذه الفكرة الي الناس ثم زاد عليها تزكية فكرة الانفصال بين الجماعات وشرذمتها حتي لا تعلن بوضوح عن وجودها او تتوحد صفوفها. جماعة الدعوة والتبليغ لها دائما مقولة اشتهرت عنها ان »السياسة هي فن توجيه مخلوق لمخلوق آخر، بينما انتم ترونها فن توجيه المخلوق الي الخالق« فهل تغيرتم؟ لم نتغير لان فكرة الانشغال بالسياسة تضرب فكرة الدعوة الي الله في مقتل.. وفي اعتقادي ان جميع فصائل الامة تعمل علي توجه واحد واضح وهو الدعوة الي الله والمسئولية عن الدين وهذا يفرض علي جماعة التبليغ ان تتحمل وجود فوارق بين الناس وتسعي الي تجميعها تماما مثل الام التي تحتضن كل اولادها دون تمييز بينهم. وبالتالي لا يجوز ان انساق وراء فكرة سياسية معينة واترك معها وظيفتي الاساسية وهي دعوة كل الناس للعمل بالدعوة. هل هذا يأتي في اطار فكرة التكامل بين التيارات بحيث يكون لكل منها دوره المستقل عن الآخر؟ نحن كالاصابع في اليد الواحدة.. كل منها له دور والاستغناء عنه مستحيل والواقع اثبت ذلك ومن يريد ان ينجح في السياسة لابد ان يتلاحم مع كل فصائل الامة مهما كانت مختلفة عنه. الي اي مدي تعتقد ان السياسة ستساهم في فرض التقارب والوحدة بين تيارات الاسلام السياسي؟ اذا نظرت بحيدة وموضوعية الي جميع التيارات الاسلامية ستجدها متكاملة والتمايز بينها ليس خلافيا وانما اختلاف في طبيعة الاهتمام والنشاط. فهناك من يهتم بالتنظيم الهيكلي مثل الاخوان المسلمين لخوض غمار العمل السياسي وهيكلة الاقتصاد الاسلامي وكنا ممنوعين تماما من مساندتهم لانهم كانوا اكبر فصيل يهدد الحاكم المستبد وهناك من يهتم بفكرة التعليم مثل الاخوة السلفيين وهم يركزون بالطبع علي العلم الشرعي ثم الصوفيين يجتهدون بمناهجهم في تزكية النفس والروح. اما نحن فنحاول ان نقوم بكل هذه الجهود معا بصورة متوازنة مثل الدعوة والتزكية والتعليم ولكن بما يتناسب مع الانسان العادي وبما لا يمنع العوام من الدخول.. فعندنا شعور المسئولية عن الجميع وببركة هذا الشعور وهذا الجهد انتشر عمل الدعوة والتبليغ في كل العالم تقريبا ولا يوجد مدينة او حي او قرية الا وبه نشاط لجماعتنا. ما مظاهر تصادم جهاز أمن الدولة بجماعة التبليغ؟ منعونا من دخول اماكن بها نشاط سياحي وكأن المصريين في الاقصر او الغردقة او اسوان او اماكن في سيناء فصيل اخر ممنوع عليه ان نتواصل معه. ووصل الامر الي ان احد جماعات التبليغ خرجت مؤخرا في منطقة قرب ابوسمبل فاذا بأهل المنطقة هناك يستقبلونهم استقبال الفاتحين وقالوا ان هذه ربما المرة الاولي التي يصل اليهم من يدعوهم الي اقامة علاقة صحيحة مع الله بعد عمرو بن العاص!! كما حرمت الاماكن التي يسكن فيها وزراء او اغنياء من ان نزورها او نتواصل مع اهلها فضلا عن منع النشاط النسائي او الخروج في سبيل الله الي دول بذاتها. قلت اكثر من مرة ان السياسة ستجمع التيارات السياسية الدينية في نهر واحد وليس العكس.. كيف؟ كل تيار سيكون لديه حسن فهم وتقدير وقبول للتيارات الاخري الموجودة في الشارع وربما نصل الي نهر وسطي متزن يستوعب جميع التيارات علي اختلاف توجهاتها لان كلها تصدر من منبع واحد لا خلاف عليه. وحتي اذا وجدنا هناك تباينا بين ممثلي تيار معين واخر فسيكون هذا اختلافا مقبولا في الفهم وليس خلافا في العقيدة، كما انه لم يعد هناك من يتصيد الخلاف في الرأي او الاختلاف في طبيعة النشاط والاهتمام، ويكفي القول ان نظام الامن كان يشجع خروج الاخ الاخواني علي اخيه السلفي ويؤجج الصراع بينهما من منطلق نظرية »فرق تسد« وبلغ الامر ان زواج التبليغي من اخوانية يمثل مشكلة في حد ذاته. ما ابرز التيارات الاسلامية الظاهرة في الشارع المصري الان؟ الاكثر وضوحا في الشارع المصري الان هم جماعات التبليغ والدعوة والصوفية والاخوان المسلمين والسلفيين والجماعة الاسلامية، ثم انبثق من هؤلاء افكار اخري كانت تريد ان تتحرر من بعض القيود. هل حددت جماعة التبليغ والدعوة مرشحا بذاته لتأييده في انتخابات الرئاسة؟ نحن نقوم باستمرار بتنوير وتثقيف أفراد الجماعة ونباشر نشاطا تربويا يكفل لكل فرد القدرة علي الاختيار الصحيح دون ان نحجر علي احد، فلا يوجد لنا رأي جماعي في هذه المسألة لاننا لسنا فصيلا سياسيا ولذلك نترك لافراد الجماعة الاختيار بحرية. ولكنكم بدون شك تؤيدون حكم التيار الديني؟ نؤيده اذا كان ناجحا في مهمته.. واذا لم يكن ناجحا قد نختار مرشحا من تيار خارجي ولا حرج في ذلك، وهذا يتم بصفة فردية وشخصية فهناك حرية في الاختيار. ولكن هذه الحرية قد تأتي بتيار لا يؤمن بالاسلام السياسي فيصبح الاكثر امانا لك ان تعزز الاختيارات الاسلامية ما رأيك؟ الشعب المصري من اكثر شعوب العالم تدينا، واقوي وسيلة لانقاذ المجتمع من الخطأ ان يتثقف ويتنور ويتعلم والاسلام دين فطرة واذا ادرك الانسان فطرته السليمة فانت لست في حاجة لتعلمه ماذا يفعل وكيف يختار.. ولكن بدون تثقيف وتنوير تحدث خلافات مثل التي تشاهدها الان بين الاخوان والسلفيين والليبراليين لان فكرة الاملاء والفرض تؤدي الي هذه المشاكل. اشرح لي لم طريقتكم في التثقيف والتنوير بجماعة الدعوة والتبليغ؟ نحن نؤمن ان الاصلاح للانسان يأتي باستخدام 3 وسائل، وجود الصحبة الصالحة التي تساعده علي الابتعاد عن مواطن السوء ثم ان يحصل علي فترة تربية في بيئة صالحة لمدة يومين او ثلاثة وقد تزيد لكي يتعود الصلاح ويتذوق طعمه ويعرف الفرق بينه وبين غيره، كما يعتاد علي القيام بالاعمال الصالحة لفترة فيدرك اثرها علي نفسه وعلي بيته، وبذلك يحدث التغيير وتنشأ عنده الرغبة في العلم والمعرفة وهذا يمكنه من الاختيار الصحيح في كل شيء في حياته. وما رأيك في هذا التناقض الفريد عندما يقوم المجتمع بثورة ليطيح بنظام سياسي ثم يعود ليهتف ويطالب بعودة بعض رموز هذا النظام الي الحكم من جديد؟ يحدث هذا نتيجة عدم القيام بمهمة اساسية علي مدي زمن طويل هي تنوير وتثقيف وتعليم الناس.. فجاءت هذه الظاهرة الشاذة نتيجة الجهل الذي تم تعميمه علي الشعب فلم يعرف اين مصلحته والجموع كالاطفال تتحرك بالعواطف لا بالعقول، ومن يدرس علم الاجتماع يعرف انه يستطيع ان يؤثر في قرار الناس باثارة مشاعرهم، وقد حدث ذلك عندما صور الاعلام هؤلاء المرشحين علي انهم قادرون علي استعادة الامن والامان وبعث اقتصاد قوي بوسيلة خبيثه هي الافراط في سرد احداث الضعف الامني والاهتزاز الاقتصادي بسبب الثورة فآمن الناس بلا وعي ان وجود شخص قوي في الحكم مثل رجل مخابرات سابق صاحب ملامح جامدة وتحيط به هالات من الغموض سيكون هو المخلص او المنقذ. اما كان اجدر بالتيارات الاسلامية ان تتفق علي مرشح واحد تناصره وتقف خلفه بدلا من تشتيت الاصوات بين المرشحين الاسلاميين؟ عندي رؤية تقول ان هذه بداية النهايات وان الله سبحانه وتعالي يرتب لنهاية العالم وهذه الرؤية تقتضي ان ينتشر الدين وان ترفع الانظمة المستبدة سيفها عن اعناق الشعوب وان هذا الذي حدث في مصر سينتقل الي اقصي الشعوب لتنادي بحقها في الحرية والعدالة والمساواة وستحدث مقاومة بالتأكيد ولكن الله غالب علي امره، وفي مصر تظهر بوضوح هذه المقاومة باتحاد الفصائل المضادة للثورة لمواجهة التيار الاسلامي. وبالتالي يجتهد التيار الاسلامي لتوسيع نفوذه وزيادة قوته ولكن الاخوان وعدوا واخلفوا وعودهم اكثر من مرة وهذا قلل من مصداقيتهم؟ السياسة ليس فيها وعود وانما فيها مصالح.. والدليل ان شخصا مثل عمر سليمان الذي كان احد اعمدة النظام الفاسد يتقدم من جديد ليرشح نفسه دون ان يحاسبه احد او يتهمه بالكذب علي الشعب، وفي المقابل كان مجرد اعلان الاخوان المسلمين عن نيتهم الترشيح لرئاسة الجمهورية ان اتهموهم بالكذب والخداع رغم ان السياسة لا تعرف غير المصالح. وما مظاهر هذا التصيد للاخطاء كما تراها؟ انت تلاحظ ان هناك من يتعمد اظهار التيار الديني في صورة المخطيء دائما سواء كانت مواقفه في اتجاه اليمين او اليسار، فمجلس الشعب مثلا يمثل سلطة تشريعية ولايملك سلطة تنفيذية ومع ذلك يتهمون الاغلبية الاسلامية فيه بانها لم تغير شيئا علي ارض الواقع، بينما هو لا يملك ذلك.. واذا طالب المجلس بتغيير الحكومة رفضوا طلبه، واذا ابدي رغبته كحزب اغلبية في تشكيل حكومة ادعوا انه يريد ان يستحوذ فأحاطوا التيار الاسلامي بكثير من المتناقضات ليظهروا فشله وعجزه! في تقديرك ايهما انجح لنشر فكر الدعوة.. ان تبدأ من القاعدة الجماهيرية العريضة مثلما تفعل جماعة التبليغ ام من اعلي بتقلد المناصب العليا والاستحواذ علي مراكز صنع القرار كما يفعل الاخوان المسلمون؟ لا يوجد دليل شرعي يقول ابدأ من اسفل او من اعلي، فالنبي لم ينتق.. دخل في الدعوة معه فقراء الناس مثل بلال وعمار مثلما دخل ابو بكر وعثمان، فالمهم ان تبدأ بالسهل او الذي تقدر عليه، فانا اتكلم مع اصدقائي ولو كانوا وزراء ومع حارس العمارة وسايس السيارة اتحدث عن نفس الفكرة مع الشباب والكبار والاغنياء والفقراء، ليس هناك شروط لاني لا اعرف مفاتيح كل انسان.. فانا اتحدث وابذل الجهد علي الجميع مثل المطر ينزل علي الناس دون انتقاء والجميع ينتفع كل في حدود دائرته الوزير والفقير.. فالمهم هو العمل علي انقاذ الناس من دخول النار. من اهم المآخذ علي حركة التبليغ تجنبها لفكرة الجهاد والحاكمية وربما كان ذلك سببا في تساهل النظام معها وانتقاد الجامعات الاخري لها.. فما رأيك؟ نحن متفقون مع كل الجماعات الاسلامية في كل الشرع ولكن نشاطنا له سمات مميزة والتميز غير الاختلاف لاننا مثلما اوضحت مثل الاصابع في اليد نساعد بعضنا في العمل الدعوي بصورة متكاملة ونقف امام المتطرفين سواء بالمغالاة في الدين او التفريض فيه، فهذا مرفوض عندنا وعندهم. يصفونكم في ادبيات السياسة انكم مثل الماء تتسللون الي داخل الشقوق وتصلون الي الاماكن الصعبة ولكنكم بلا موقف ظاهر من الاحداث السياسية والاجتماعية فما قولك؟ ضاحكا: الماء الناس تحبه ولا تختلف علي اهميته اما عدم وجود موقف من الاحداث او من التيارات الاخري فهذا كما قلت ليس ضعفا يؤخذ علينا وانما هو رؤية واسعة تستوعب كل الناس دون تمييز بينهم للقيام بجهد تبليغ رسالة الحق لكل العالم. ولكن ليس كل الناس قادراً علي القيام.. بجهد التبليغ؟ هذا هو الخطأ بعينه، فكل انسان عنده دائرة هو مسئول عنها، أمام الله ، ولابد لهذا الانسان ان يعرف واجبه الحقيقي والشرعي تجاهها ويقوم به لا يختلف في ذلك رئيس الدولة او اصغر موظف، فالذي يحمل في قلبه وعقله رسالة التبليغ تجده مهموما بالناس ويبحث عن الوسيلة التي تجعل كل انسان علي ظهر الارض يدخل الجنة بايمانه ومعرفته طريقة الوصول اليها. وبالتالي فان جماعة التبليغ شديدة الحرص علي عدم الدخول في اي صراع طبقي او عرقي او سياسي، فكما قلت نحن مثل الماء يطلبه كل الناس ومثل الاسمنت يلحم كل التيارات بعضها ببعض. وهل نجحتم؟ نعم وبشكل كبير جدا.. وفي مصر مثلا تجد انصار الاخوان المسلمين والسلفيين يتحركون معنا وبالطبع هذه المخالطة والقبول بين التيارات الاسلامية كانت ممنوعة في فترة سابقة، لان امن الدولة كان بدوره يجتهد للتفرقة بين الجماعات ولا يسمح بالتداخل بينها لاحكام قبضته علي كل فصيل. هل تعتقد ان الاخوان مازال لديهم نفس الشعبية في الشارع المصري؟ المؤكد انهم فقدوا نسبة كبيرة من هذه الشعبية ربما بسبب عدم وجود خبرة في الممارسة السياسية العلنية وبالتالي قد لا يحصلون علي نفس ما حصلوا عليه في الانتخابات البرلمانية الاخيرة رغم انهم لم يختبروا فعليا في مجال العمل التنفيذي. وما رأيك في اقدام رموز النظام السابق علي الترشح في سباق الرئاسة؟ بصراحة.. انا اشعر بالدهشة كيف ان رجلا مثل عمر سليمان يقبل تعريض نفسه لهذه المخاطرة وفي هذه السن، وكان اكرم له ولنا ان ينأي بنفسه عن هذا الطعن والتجريح في حياته وتاريخه، وان يحمل نفسه مسئولية دولة بحجم مصر في هذه المرحلة التاريخية المهمة وبعد ثورة عظيمة رفض الشعب كله فيها نظاما فاسدا كان هو احد اهم اركانه، فكيف يعود وكأنه لم يفعل شيئا ويقدم نفسه وكأنه طوق النجاة لهذا الوطن. وهل كنت تظن ان خيرت الشاطر افضل لمصر كرئيس دولة؟ بصراحة كنت اتمني ان يكون رجلا مثل الشاطر هو رئيس وزراء مصر وليس رئيس جمهوريتها، فتجارب الرجل وخبراته تؤهله لممارسة هذا العمل بجدارة وربما كان ابعاده عن سباق الرئاسة فرصة ليعيد حساباته لمثل هذا الدور المهم. كيف تري مؤسسة الازهر في مجتمع تروج فيه تيارات اسلامية مختلفة تسعي للحكم، وتدعو لافكارها وارائها؟ في زمن ثورة 2591 بدأت فكرة اضعاف الازهر كمؤسسة دعوية وتم الاستيلاء علي اوقاف الازهر وجردوه من حريته واصبح شيخ الازهر موظفا يعينه رئيس الجمهورية وتحول الازهر من مؤسسة عالمية ومرجعية دينية الي مؤسسة تعليمية دينية محدودة التأثير وانتقلت الرئاسة الدينية او المرجعية الدينية العالمية الي دول الخليج.. ولكن الازهر في تقديري مازال قلعة بعلمه وعلمائه ووسطيته مثل الاسد الرابض ينتظر اشارة البدء ليعود ويباشر دوره المفتقد. وجامعة الازهر؟ في رأيي انه يجب ان يظل التعليم الشرعي في جامعة الازهر تحت ادارة وتوجيه الازهر وتفصل تماما العلوم الدنيوية من الجامعة لتأخذ اي مسمي آخر فلا محل مطلقا للضغط علي طالب الطب او الهندسة لتعلم العلوم الشرعية فيتخرج ضعيفا في كليهما. وقانون الازهر: الجزء الاهم في هذا القانون هو تحرير شيخ الازهر من سلطات رئيس الجمهورية بالكامل، فالازهر ليس مؤسسة سياسية يخشي منها رغم اهمية العودة اليه لاستطلاع رأيه وانما هو مؤسسة دينية موكول اليها مهام كبري للدعوة الي الدين وتقديم الفتوي وارسال البعوث للدعوة وارساء قواعد التعليم الشرعي وما يتبعه. رسالتك لشيخ الازهر الدكتور احمد الطيب؟ انا ادعو شيخ الازهر لقراءة الواقع ولتبني قضية التواصل مع التيارات الدينية لانشاء نهر وسطي يضمها جميعا وسوف يكون هذا العمل العظيم في صحيفته الي يوم القيامة.