جماعة التبليغ والدعوة جماعة إسلامية أقرب ما تكون إلى جماعة وعظ وإرشاد منها إلى جماعة منظمة، تقوم دعوتها على تبليغ فضائل الإسلام لكل من تستطيع الوصول إليه، ملزمة أتباعها بأن يقتطع كل واحد منهم جزءا من وقته لتبليغ الدعوة ونشرها بعيدا عن التشكيلات الحزبية والقضايا السياسية، ويلجأ أعضاؤها إلى الخروج للدعوة ومخالطة المسلمين فى مساجدهم ودورهم ومتاجرهم ونواديهم، وإلقاء المواعظ والدروس والترغيب فى الخروج معهم للدعوة. وينصحون بعدم الدخول فى جدل مع جماعات المسلمين أو الدخول فى خصومات مع الحكومات. كانت نشأة الجماعة هى الأسبق بين الحركات الإسلامية الأخرى، فقد نشأت على أرجح الأقوال سنة 1920 فى الهند على يد الشيخ محمد إلياس، فقد سبق تأسيسها تأسيس جماعة الإخوان المسلمين بثمانية أعوام، ومنذ منتصف الأربعينيات من القرن الماضى توجهت هذه الجماعة للعالم الإسلامى، والخروج بجماعاتها فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى إلا أن أول من أدخل جماعة «التبليغ والدعوة» إلى مصر هو الشيخ إبراهيم عزت، وذلك فى المنتصف من سبعينيات القرن الفائت. وأصبحت جماعة «التبليغ والدعوة» فى مصر إحدى الفصائل المهمة فى «الحركة الإسلامية التقليدية» تالية فى المرتبة بعد السلفية التقليدية من حيث الأهمية والعدد، ورغم أن جماعة «التبليغ والدعوة» أصولها هندية ولا تمت للأزهر بصلة مباشرة فإن مؤسسها الهندى (ولى الدين الكاندهلوى) هو من مشايخ الصوفية هناك، ومعلوم أن التصوف رافد رئيسى من روافد الأزهر الشريف. وعلى كل حال فإن جماعة «التبليغ والدعوة» عندما دخلت العالم العربى أخذت صبغة سلفية شكلية نتيجة لسيادة المنهج السلفى فى معظم فصائل الحركة الإسلامية على اختلافها من جهة بشكل عام ولسلفية مؤسسها فى مصر الشيخ إبراهيم عزت بشكل خاص، والذى يرى باحثون أنه أثر فى صبغ الجماعة بسلفية أكثر فى مصر. وجماعة «التبليغ والدعوة» كانت ومازالت من أكبر الجماعات الإسلامية المصرية عددا، إذ يقدر عدد نشطائها فى مصر بما يزيد على 250 ألف شخص وذلك بسبب الطبيعة البسيطة والسهلة لمنهجها الفكرى وأسلوبها البسيط والنشيط فى العمل وفاعلية وحماس أعضائها، وعدم اصطدامها بالحكومة وعدم منع الأمن لها، وإن ضيق عليها أحيانا. ويتلخص تصور جماعة «التبليغ والدعوة» للواقع الإسلامى المعاصر وسبل تغييره فى مثل يضربه عادة نشطاء جماعة «التبليغ والدعوة» عند شرحهم لمنهج جماعتهم وهو أن الأمة الإسلامية مثل كوب ماء يركد فى قاعه كمية كبيرة من السكر وكل ما تحتاجه الأمة هو تقليب هذا الماء بملعقة حتى يذوب السكر فيه ويصبح حلوا، فالأمة فيها الخير لكنها تحتاج لحركة تنشط هذا الخير الكامن فى نفوس الناس، وهذا التقليب هو ما تقوم به جماعة «التبليغ والدعوة» فى العالم كله، عبر دعوة الناس فى الشوارع للصلاة فى المسجد وعند ذهابهم للمسجد يلقون عليهم دروسا فى منهج الجماعة وكلاما حماسيا مؤثرا فى وجوب الصلاة والتحلى بالمظهر الإسلامى فى المأكل والمشرب والملبس والنشاط وفى الدعوة عبر جماعة «التبليغ والدعوة» لإنقاذ الأمة الإسلامية من النار، كما يعرضون على مرتادى المسجد «الخروج فى سبيل الله» للدعوة فى إطار جماعة «التبليغ والدعوة». وهذا الخروج هو وسيلة عملهم الرئيسية حيث يخرج العضو لمسجد بعيد عن بلدته أو حتى دولته لمدد تبدأ من ثلاثة أيام وتتدرج إلى أربعة أشهر وتمر بأربعين يوما، وهذا الخروج فى سبيل الله يتضمن المكث فى المسجد وعدم الخروج منه إلا فى الجولات التى يدعون فيها الناس من الشوارع والمقاهى إلى المسجد. وتلزم جماعة «التبليغ والدعوة» أتباعها بعدم الكلام فى السياسة أو الجماعات الإسلامية المختلفة أو الخلافات الفقهية أو الكلام عن غير المسلمين، كما تلزمهم بعدم الاشتغال بطلب العلم الشرعى لأنه سيشغلهم عن العمل الأهم من وجهة نظرهم وهو الدعوة إلى الله.