هناك علاقة وثيقة بين ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي العالمي وتحقيق الرواج السياحي، وباعتبار ان السياحة تدخل ضمن دائرة الرفاهية الإنسانية التي تتطلبها مواجهة ضغوط الحياة التي يتعرض لها الإنسان.. فإنه اصبح ينظر إليها علي أساس انها من الحاجات الضرورية لقضاء الاجازات. وانطلاقا من هذه الحقيقة يتحرك ترمومتر السياحة صعودا وهبوطا وفقا للحالة الاقتصادية للدول وبالتالي ينعكس ذلك علي الافراد. كل الاحصائيات والدراسات تشير إلي ان حركة السياحة شهدت نموا وازدهارا مع ارتفاع مؤشرات الرخاء الاقتصادي حيث يتصاعد الانفاق علي الرحلات السياحية مما يمكن توفيره من فائض الدخل الذي يتم الحصول عليه.
آخر البيانات والمعلومات الصادرة عن المنظمة العالمية للسياحة تقول ان آثار الأزمة المالية التي تعرض لها العالم من نهاية عام 8002 وحتي الربع الثالث من عام 9002 انعكست علي حركة السياحة في كل دول العالم سواء بالنسبة للاعداد أو حجم الانفاق. وفقا للاحصائيات الموثقة وصل عدد السياح الذين جابوا العالم عام 8002 قبل بداية الأزمة المالية إلي 29 مليون سائح لينخفض عام 9002 خلال الأزمة إلي 88 مليون سائح بينما انخفضت الايرادات بنسبة 6٪ في مقابل 21٪ في مجال التجارة العالمية.
وقد أدت تداعيات الأوضاع المالية والاقتصادية وما ترتب عليهما من ارتفاع معدلات البطالة والمديونيات إلي هذا التراجع في حركة السياحة العالمية بما في ذلك بالطبع دول الشرق الاوسط. ولقد شاء الوضع الخاص الذي تتمتع به مصر ان ينحصر هذا التراجع في انخفاض معدلات الزيادة في الحركة فحسب والتي كانت قد وصلت إلي 02٪ قبل الأزمة. ان أخطر مظاهر هذه الأزمة المالية علي صناعة السياحة تجسد في بث الخوف والرعب في قلوب إدارة المنشآت السياحية خاصة الفنادق مما دفعها إلي تبني سياسة تخفيض اسعار الاقامة. وقد كان للجهود التي بُذلت لمعالجة هذه التداعيات من جانب الدول الأكثر ثراء بحكم مسئوليتها عن اندلاع هذه الازمة إسهام في تحقيق التعافي الاقتصادي الذي تحقق بنهاية عام 9002 وان كانت المعاناة من الركود مازالت مستمرة حتي الآن.. وكان من الطبيعي وباعتبار ان هذه الدول تمثل الاسواق المصدرة للسياحة أن يكون لما أصابها من تأثير سلبي علي استعادة السياحة العالمية لمعدلات النمو المرتفعة التي سادت قبل الأزمة خاصة في منطقة الشرق الاوسط.
وتأكيدا للارتباط الكبير بين التحرك الانمائي للدول ومعدلات الفقر السائدة في العالم وبالتالي التأثيرات السلبية علي حركة السياحة.. جاء تحذير صندوق النقد الدولي من ان تصاعد معدلات الفقر يعني بطء التعافي الكامل من الأزمة المالية والاقتصادية التي يعاني منها العالم للخروج من هذه الدائرة. أكد الصندوق علي أن النمو القوي الذي يساهم في القضاء علي الفقر والجوع هو السبيل الوحيد لعودة انطلاق الاقتصاد، ويري الخبراء ان الأوضاع الاقتصادية تخضع لنظرية الأواني المستطرقة حيث ان ما يمكن ان تعاني منه الدول النامية والفقيرة ينعكس سلبا علي اقتصاديات الدول المتقدمة. من هنا يطالب الصندوق بالتعاون من أجل مكافحة الفقر والعمل علي زيادة معدلات النمو علي مستوي كل دول العالم. اذن وتجاوبا مع هذه الحقائق نجد ان هناك علاقة وثيقة بين حركة النمو الاقتصادي العالمي وزيادة أو نقص معدلات الفقر وهو ما ينعكس في النهاية سلبا أو إيجابا علي السياحة.. صناعة الأمل ودورها في حل الكثير من المشاكل سواء بالنسبة للدول الغنية أو الفقيرة.