رئيس مجلس الشعب الدكتور الكتاتني تصرف بمسئولية بعد الحكم التاريخي بعدم قانونية تشكيل لجنة الدستور، فاتخذ قرارا بتجميد أعمال اللجنة، ورفض الاستماع إلي أصوات في صفوف الأغلبية افتقدت الحكمة في التعليق علي حكم القضاء التاريخي. تصرف الدكتور الكتاتني وتصريحات بعض قيادات حزب الحرية والعدالة عن احترام أحكام القضاء نرجو أن تكون بداية لعملية مراجعة لسياسات تم اتباعها في الشهور الأخيرة وقادت إلي زيادة الانقسام في صفوف القوي الوطنية، وإلي اخطاء عديدة تدفع جماعة الاخوان وحزبها، ويدفع الوطن كله معها ثمنها الفادح. لا يعني ذلك ان الجماعة وحدها هي التي اخطأت، ولكنها تتحمل المسئولية الأكبر لأنها تجلس في مقاعد الاكثرية البرلمانية، ولانها كانت تملك الفرصة كاملة لكي تكون طرفا أساسيا في توافق حقيقي يستطيع العبور بالوطن من هذه الظروف الصعبة، لكنها اختارت سياسة الاستحواذ، فكان ما كان من اخطاء وضعتها في مواجهة مع كل القوي الوطنية. الآن.. يأتي الحكم التاريخي بشأن لجنة الدستور ليوفر للجماعة وحزبها فرصة لن تتكرر لمراجعة حقيقية للسياسات الخاطئة التي قادت الي الأزمة.. انطلاقا من نقطة أساسية وهي ان منطق الاستحواذ قد فشل وانه لا بديل من توافق وطني شامل يجنب مصر ويلات كارثة تلوح بوادرها في الأفق. في آخر اجتماع للجنة الدستور »المعطلة أو الموقوفة!« كان المشهد بائسا.. غاب ممثلو الأزهر والكنيسة والمحكمة الدستورية والنقابات والاحزاب والشخصيات العامة وبقي ممثلو الأغلبية يحدثون أنفسهم.. وكان المشهد يقول ان هذه هي مصر التي تنتظرنا إذا انتصر منطق الاستحواذ وغاب معني الوطن وقيمة المواطنة. الآن.. ليس المطلوب لجنة جديدة تتغير فيها الأسماء، بل المطلوب أساسا ان توضع المعايير الموضوعية لاختيار أعضاء اللجنة ويصدر بها قانون عاجل. والمطلوب بعد ذلك التزام واضح بوثيقة الأزهر من كل الاطراف، وليس التزاما شكليا كما يفعل البعض حين يقولون انها ستكون وثيقة »استرشادية« أو انها ستكون »موضع الاعتبار« عند وضع الدستور. هذا كلام يحيل الوثيقة إلي مجرد نصائح مثل تلك التي تكتب علي صفحات كراسات التلاميذ لتنصحهم بأن »اغسل يديك قبل الأكل وبعده«!! وثيقة الأزهر ينبغي أن تتحول إلي مواد دستورية ملزمة للجميع تؤكد علي الحريات وحقوق المواطنة والدولة الوطنية التي تضمن المساواة لكل ابنائها. ومع قانون بالشروط والمعايير الموضوعية لاختيار لجنة الدستور، نصبح أمام بداية حقيقية لدستور يكتبه الشعب، ولتوافق يخرج الوطن من أزمته، ويتصدي لاعداء الثورة قبل ان يجهزوا علي ما تبقي منها!!