جلال عارف الحمد لله.. ها هو قضاء مصر العظيم يوقف »المهزلة« ويبطل قرار البرلمان بتشكيل لجنة الدستور، ويمنع هذا التحايل الذي تم لكي يستحوذ فريق واحد علي عملية وضع الدستور وضرب عرض الحائط بأول قاعدة ينبغي الالتزام بها وهي ان الدستور »أي دستور« لا يمكن ان يخضع لمنطق الاغلبية والاقلية، بل ل »توافق« حقيقي بين كل فئات المجتمع. التحايل بدأ مع رفض الاقرار بأن نضع الدستور أولا مثلما يفعل العالم كله، ثم نجري الانتخابات وفقا للقواعد التي يقررها. والتحايل استمر مع رفض كل المحاولات للاتفاق علي مباديء أساسية يلتزم بها الجميع وتضمن مدنية الدولة وحقوق المواطنة والحريات. ومع ذلك ظللنا حتي اللحظات الأخيرة نأمل أن يتصرف الجميع بمسئولية وطنية تضع مصحلة مصر فوق مصلحة الجماعات والاحزاب، وبإدراك بأننا امام فرصة لاستعادة الثقة بين قوي الثورة في وجه اخطار لا يعلم الا الله مداها. لكن المفاجأة كانت ان الاغلبية في البرلمان تصرفت بنفس منطق الحزب الوطني المنحل.. الاستحواذ والتكويش والغرور الجاهل. كل ثروة مصر من فقهاء الدستور تم استبعادهم. كل عقل مصر من كبار المفكرين في جميع المجالات تركوا اماكنهم ل»البلاكمة« من اعضاء البرلمان الذين استحوذوا علي نصف مقاعد اللجنة واختاروا النصف الآخر من الانصار والاصدقاء والحبايب والانسباء!! وبمنطق العزة بالاثم، قرروا الاستمرار في المهزلة.. حتي بعد انسحاب ممثلي الازهر الشريف والكنيسة الوطنية والمحكمة الدستورية وممثلي القوي والهيئات والنقابات. ولم يدركوا ان ترقيع اللجنة لن يجدي، وان القضية أكبر من استبدال شخص بآخر لان المطلوب استبدال منهج التوافق الحقيقي بديلا عن استحواذها يخاصم العقل وينكره القانون. الحكم بوقف قرار تشكيل لجنة الدستور ليس فقط تصحيحا لوضع خاطيء يتصور فيه البعض انه قادر علي فرض الدستور الذي يريده علي شعب مصر، ولكنه في الاساس ادانة لمنطق الاستحواذ والاستعلاء الكاذب الذي مارسته الاغلبية البرلمانية بأسلوب احمد عز دون ان تأخذ العبرة أو تستفيد من التاريخ. وهو اعلان للجميع بأن مرحلة العك الدستوري قد انتهت.. فاستقيموا يرحمكم الله، ويغفر لكم الشعب حين يضع الدستور الذي يجسد احلام الثورة.. هل تذكرون الثورة؟!