من ألطف ما قرأت هذا الأسبوع، التصريحات الكوميدية التي أدلي بها فضيلة الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين (وبالمناسبة هذه الجماعة محظورة فعلاً بحكم القانون وتم حلها عام 1954!). التصريحات وردت في رسالة فضيلته الأسبوعية، وطالب فيها (القوي السياسية المتناحرة حول اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، بضرورة تنحية الخلافات جانباً والعمل من أجل مصلحة مصر). مثل هذه التصريحات والحكم والمأثورات، ومنها الكثير في الرسالة الأسبوعية، لا يستطيع الواحد عندما يقرأها أن يكتفي بالابتسام، وأنا شخصياً انطلقت في قهقهة عالية الصوت، لأن معني تصريحات فضيلة المرشد العام أنه غائب في دنيا أخري، أو يعيش حلماً لا يقدر علي الاستيقاظ منه، أو أنه يتجاهل مغتراً بأكثريته البرلمانية. هل يصدق الواحد فضيلة المرشد العام عندما يطالب بضرورة تنحية الخلافات، فيما يتعلق بمسألة اللجنة الأساسية التي ستكتب دستور بلادنا وتحدد الحقوق والواجبات والثوابت.. إلخ.. هل تم تشكيل هذه اللجنة دون علمه؟ المؤكد بالطبع أنه يعلم وأن سياسة التكويش والجمع والجري هو أحد صانعيها الأساسيين سواء في البرلمان أو الرئاسة أخيراً أو الجمعية التأسيسية أو حتي تدريب المنتخب القومي للكرة، حيث طالب واحد من الناس علي الفيسبوك أن يتولي الدكتور الكتاتني- بالمرة- تدريب منتخبنا القومي! قد يكون مفهوماً أن يدافع فضيلة المرشد عن سياسة التكويش وإقصاء وتهميش وإلغاء المخالفين- وهذا حقه- أما أن يستغفلنا مطالباً المتناحرين بالعمل من أجل مصر وتنحية الخلافات جانباً، بينما تقصي جماعته وتهمش كل المخالفين. كذلك يضيف المرشد في الرسالة نفسها مطالباً الأحزاب والجماعات والأفراد والهيئات بأن تتحلي بالقيم والمثل العليا التي دعت إليها الرسالات السماوية، فهل من بين هذه القيم الإقصاء والتهميش للمخالفين، والتكويش علي البرلمان والرئاسة والدستور؟ وهل تدعو الديانات السماوية إلي مثل هذه التصريحات الكوميدية للفرسان الكبار أمثال بديع وصبحي صالح بل والمستشار طارق البشري نفسه، الذي بادر بمجرد نجاح الثورة بتدبيج التعديلات الدستورية التي كبلتنا وأطاحت بالمستقبل السياسي لبلادنا، ومازلنا نعاني منها حتي الآن، بل إنني أكاد أكون متيقناً الآن أن المستشار البشري المعروف بانتمائه للإخوان المسلمين صاغ هذه المواد علي هذا النحو الغامض والملتبس متعمداً ليحسم المستقبل لصالح الإخوان، وهو أمر يتعارض في الحقيقة مع ضمير القاضي بل ومع الضمير الإنساني. سياسة التكويش والاستحواذ من جانب الإخوان والسلفيين ستقود بلادنا إلي كارثة، ولا يمكن أن نحلم بمستقبل لبلادنا دون أن نقاوم هذه السياسة ونهزمها، مثلما سبق لنا- نحن المصريين- أن هزمنا مبارك وأركان حكمه.. فهل نستطيع؟ أغلب الظن أننا نستطيع!