أنهت جماعة الإخوان المسلمين مسلسل انتخاباتها والذي دارت حلقاته طوال أربعة أشهر مضت، لتعلن الجماعة عن مرشدها الجديد وهو الدكتور «محمد بديع» أستاذ الطب البيطري - 67 عامًا - ليكون المرشد الثامن في تاريخ الجماعة، وأدي مهدي عاكف - المرشد السابق للجماعة - البيعة لخليفته أمام وسائل الإعلام، داعيًا بديع وجموع الإخوان إلي عدم التردد أو التراجع أمام ما سماه الاستهتار بحريتهم والحرب الظالمة علي الجماعة، مطالبا الإخوان بأن يقتحموا المستقبل بدعوتهم.. وأكد عاكف في رسالة تبدو داخلية ردا علي استبعاد قيادات بعينها من مكتب الإرشاد وكذلك رسالة للنظام، أن الجماعة لا تعمل علي إقصاء أحد أو تهميش دوره كما أنها لا تقبل أن يتم إقصاؤها وتهميش دورها. واستقبل بديع - مرشد الجماعة الجديد - كلمات عاكف بالشكر للنموذج الذي قدمه في قيادة الجماعة وتسليمه لقياداتها، وقد خرج بديع أثناء كلمته المطولة عن أسلوبه الهادئ دائما بنبرة بدت قوية وصوت أجش وخطاب سياسي واضح المعالم، ولعل ذلك للخروج عن الصورة النمطية التي عرفها بها الإخوان وتناقلتها وسائل الإعلام والمحللون بوصفه داعية ومربيًا هادئًا. وسطر بديع خطابه للرد علي جميع التساؤلات والتحليلات التي شككت في المواقف السياسية للجماعة في عهد مرشد ينتمي لتنظيم 1965 إلا أن بديع رد وبشكل حاسم علي عدد كبير منها مؤكدا عزمه علي السير في خطة الإصلاح والتغيير التي تتبنها الجماعة من أجل مصر والأمة. وأكد في بداية كلامه أن الإخوان المسلمين جماعة من المسلمين وليست جماعة المسلمين، وأنها لا تحتكر الإسلام في تنظيمها، وأن الجماعة مستمرة علي النهج الإصلاحي المتدرج الذي وصفه بأنه «أسلوب سلمي ونضال دستوري»، وأوضح أن الإخوان ليست لديهم خصومة ولا يمثلون أي خصومة لنظم الحكم وأن موقفهم من هذه الأنظمة - دون أن يسميها - هو أنهم يؤيدون الحسن ويعارضون السيئ وأنهم حين يعارضون لا يقومون بذلك لمجرد المعارضة، فيما يوضح موقفهم الواضح من نظام الرئيس مبارك. وانطلق بديع في كلمته بقوله: إنهم يرون الأقباط شركاء في هذا الوطن وإن المواطنة لدي الجماعة أساس المشاركة الكاملة والمساواة في الحقوق والواجبات، مؤكدا أنهم يدينون كل أنواع العنف الطائفي. كما أوضح أن موقفهم من المرأة قد بينوه من قبل في وثيقة خاصة - صدرت عام 1994 - والتي تؤكد أحقيتها في المشاركة السياسية ودخولها انتخابات البرلمان، فيما لم يذكر موقف الإخوان الرافض حق المرأة والأقباط في الترشح علي رئاسة الجمهورية. واهتم المرشد الجديد للجماعة بتوضيح أولوية القضية الفلسطينية لدي الإخوان، حيث يرونها قضية الأمة الكبري، وكذلك موقفهم الداعم للأمتين العربية والإسلامية ورفض مشروعات الهيمنة الغربية والصهيونية، كما أكد أن الإخوان ليسوا في خصومة مع الشعوب الغربية ولكن خصومتهم مع النظم العالمية التي استكثرت الحرية والديمقراطية علي شعوب المنطقة. كما اهتم بالتأكيد علي التكوين المزودج للجماعة بأنها شاملة سياسية ودعوية. ورغم حسم بديع عددًا من القضايا والرد علي التساؤلات فإنه لم يتطرق لموقف الجماعة في عهده من عملية التوريث.. كما لو يوضح موقفه من دكتورمحمد حبيب - النائب الأول السابق - ورفضه أن يبايعه، واعترف بالأزمة التي مرت بها الجماعة في الفترة الماضية وانتهت باستقالة الدكتور حبيب «إن الجماعة قد أصابتها وعكة في الفترة الماضية، ولكن بفضل الله ثم أبنائها المخلصين سرعان ما عادت وتماسكت، والتفَّت حول فكرتها الإسلامية ومنهجها الرباني». وأكدت مصادر بالجماعة تأجيل إعلان اسم النائب الأول لفترة ليست بقصيرة، فيما أوضح الدكتور محمود عزت أن تسمية نواب المرشد والإعلان عنهم أمر يرجع له. وقد قام مهدي عاكف - المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين - عقب إلقائه خطاب الوداع بتقبيل كتف الدكتور بديع ومبايعته مرشدًا خلفا له وذلك بعدما رفض بديع أن يقبل أحد يده، ومن المعروف أن تقبيل يد المرشد عرف لدي الجماعة حيث تسمي «يد الإرشادية» بحسب توصيف دكتور «جابر قميحة» لها. وجمع المؤتمر أعضاء مكتب الإرشاد القدامي والجدد في صفين متتاليين، وجلس بديع علي مقعد عاكف خلال إلقاء الأخير خطابه في خطبة الوداع، بينما غاب كل من الدكتور محمد حبيب والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والمهندس محمد علي بشر عن مبايعة المرشد وأرجع الدكتور محمود عزت - أمين عام تنظيم جماعة الإخوان المسلمين وفي تصريحاته غياب «أبو الفتوح» لسفره إلي بيروت وحضور مؤتمر القدس السابع، فيما قال «لا أعرف سبب عدم حضور الدكتور حبيب». علي جانب آخر لم يحضر الدكتور محمد علي بشر الذي أفرج عنه أمس الأول نظرا لظروفه الصحية وخروجه في ساعة متاخرة بحسب تصريحات خص بها «الدستور». وقد أرجع الدكتور محمد بديع رفضه إجراء حوارات إعلامية في الفترة القادمة قائلا «نحتاج وقتًا نرتب فيه الأمور والأوراق الداخلية للجماعة حتي نجد ما نتحدث عنه». وبرز ظهور كل من الدكتور محمد مرسي والدكتور عصام العريان والدكتور سعد الكتاتني حول كل من المرشدين السابق والحالي فيما يحمل دلالة علي احتمالية حملهم ملف التعامل مع الرأي العام والإعلام في الفترة القادمة. وعقب مبايعة عاكف بديع هتف الحضور بمن فيهم أعضاء مكتب الإرشاد «الله أكبر ولله الحمد»، وبعد انتهاء الخطاب اجتمع بديع مع أعضاء مكتب الإرشاد في أول اجتماع له بعد مبايعته وذلك ليقوم بتوزيع الملفات ومهام الجماعة علي أعضاء المكتب.