يعتقد البعض أن القرن الحادي والعشرين هو القرن الصيني بامتياز وتميز ، ويجزم البعض ان الصين سوف تنحي الولاياتالمتحدةالامريكية لتحتل مكانتها وتفرض عليها مع بقية دول العالم هيمنة التنين الاصفر ، المسألة ليست توقعات أو تخمينات أو نبوءات مستخلصة من مؤشرات وارقام ودراسات ، المسألة قائمة علي شعور متزايد لدي الشعب الامريكي الذي يري ان الصين متجهة لهيمنة عالمية حتمية سوف تؤدي لتنحية الولاياتالمتحدة جانبا ، نفس الشعور الذي جعل البعض يتحدث حتي وقت قريب عن ان اليابان ستكون الدولة الاولي اقتصاديا وستنحي الولاياتالمتحدةالامريكية جانبا لتفرض هيمنتها علي اسواق العالم ، الامر الذي دفع بالمسئولين الامريكيين لدراسة مباديء الادارة الاربعة عشر التي طورتها شركة تويوتا باعتبارها واحدة من اهم واكبر شركات صناعة السيارات في العالم ، ولم يكن يتخيل احد ان تضرب شركة تويوتا في مقتل بعدما قامت باستدعاء ملايين السيارات المعيبة من الاسواق العالمية . نفس الشعور الذي يشبه الحمل الكاذب ساد بين منتصف الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي في كتاب من تأليف كلايد بريستوويتز بعنوان "تبادل الاماكن- كيف نعطي مستقبلنا لليابان وكيف نستعيده " ، وفي عام 1987 أشار رونالد ياتس الكاتب في شيكاجو تريبيون الي أن الاسواق الامريكية أتخمت بوفرة من كتب "اليابان المذهلة" التي تؤكد تفوق التكنولوجيا اليابانية ، وتؤكد أن الادارة اليابانية هي الافضل ، والمنتجات اليابانية التي تقف خارج المنافسة ، والشعب الياباني الذي يعمل بجدية أكبر، واليابانيون الاذكي ، واليابان التي ستكون رقم واحد ، ولكن ظلت اليابان في اطارها التنافسي وبقيت الولاياتالمتحدة في اطارها السيادي للهيمنة علي مقدرات العالم ،واذا ما تركنا الماضي القريب وعشنا الحاضر سنجد نفس شعور الحمل الكاذب مسيطرا علي تفكير البعض ومؤديا لحسابات غير دقيقة ، فالكاتب البريطاني مارتن جاك اصدر كتابا بعنوان "متي تحكم الصين العالم.. نهاية العالم الغربي ومولد النظام العالمي الجديد"، وما يرد في هذا الكتاب من نبوءات هو جزء من مكتبة متنامية من المقالات والتحليلات والكتب التي تزعم ان القرن الحادي والعشرين هو قرن الصين. لقد اثبت التاريخ القريب أن فكر مدرسة "وداعا امريكا.. مرحبا اليابان أو مرحبا الصين " هو خاطيء بدرجة محرجة مثلما كان التقييم في الثمانينات لنقاط القوة النسبية لليابان والولاياتالمتحدة. فالتوقعات طويلة الاجل تميل لان تكون في الاغلب خاطئة أكثر من كونها صحيحة وموضوع انحدار الولاياتالمتحدة موضوع يتكرر بصورة موسمية ، وكل المؤشرات تؤكد ان هناك طريقا طويلا جدا للحاق بالولاياتالمتحدة من دولة تعاني من مجموعة متنوعة من مشاكل العالم الثالث ، الي جانب ان الاحصاءات التي تنشر عن الصين تعطي صورة غير كاملة ، فجزء كبير من الصادرات الصينية هو منتجات مجمعة لحساب شركات دولية من مكونات مستوردة وليس ثمرة ابتكار صيني مبدع، وقد اكد تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية العام الماضي ان الزحف السريع للشيخوخة علي سكان الصين سوف يقلل من المستقبل المزهر للصين علي المدي الطويل .