كثير الحمد كان (محمد) أبدا. كأن الرمل في الصحراء كان لحمده عددا. كأن الموج عند الشاطيء النبوي صار لحمده مددا. كأن أشعة الشمس التي تهمي إلي يوم انحسار الشمس مسبحة علي حباتها حمدا. كثير الحمد كان (محمد) لله في الأفراح والأتراح.. في السراء والضراء.. يحمده اذا ما قام.. يحمده اذا رقدا. ويحمده علي العين التي شهدت عوالم من جمال خالص صيغت.. ومن نور ترجرج سائلا في بعضها.. وببعضها جمدا. ويحمده علي الأذن التي سمعت لحون الله.. تعزفها قياثره العصافيرية الأوتار عزفا رائع النغمات.. مجتمعا ومنفردا. وموج البحر ايقاع ينظم نبض هذا الكوكب الرملي وهو يوزع الزبدا. وناي الريح ينقل عن محاوره النسيم منوعات.. تأخذ الانسان من تكراره اليومي.. توقظ حسه الغافي بصوت مشفق وصدي. ويأتي الرعد يضرب بالنحاسيات.. مفتتحا مواسم خصب أرض الله.. يحصد خيرها الانسان.. ثم يضل عن حمد الذي أعطاه ما حصدا. كثير الحمد كان (محمد) لله.. يحمده علي القدم التي تسعي.. تجاهد في سبيل الله.. تمشي في الرقاع علي هجير الشمس.. تعبر جمر حصباء الفيافي الشاسعات.. وتعبر التاريخ.. تطويه مدي فمدي. ويحمده علي الكف التي انبسطت تبايعه.. ويحمده علي الكف التي قبضت علي سيف يحارب في سبيل الله مجتهدا. كثير الحمد كان (محمد) لله.. يحمده اذا ما صام.. يحمده اذا صلي.. ويحمده اذا ما سار.. يحمده اذا قعدا. ويحمده علي المكروه.. اذ والاه بالصبر الذي لولاه ما صمدا. ويحمده علي (بدر) وأزر الله تحمله ملائكة السماء له.. ويشمل حمده (أحدا). ويحمده علي أن رد عن أصحابه الأحزاب.. يحمده علي النصر الذي وعدا.. ويحمده علي صلح الحديبية الذي أجراه منتظرا سخاء الله مشتاقا.. ويحمده علي الفتح المبين (لمكة) البلد الذي في أرضه ولدا. ويحمده.. ويحمده.. ويحمده.. كثير الحمد كان (محمد) أبدا. رسول الله معجزة رعي التاريخ سيرتها ونحن شهودها فعلا إلي الآنا. نعيش بمسرح الأحداث.. بين شخوصها.. وإزاء مجراها.. ونحياها كتابا دونت آياته بالنور قرآنا. رسول الله معجزة.. نعايشها حياة.. فرغت من كل أوقات الفراغ.. ونزهت عن كل فعل غير ذي مغزي.. وطابت رحلة لله.. ترحل إثرها طلبا لعفو الله دنيانا. نعايشها حياة برئت من كل معصية.. وصيغت قدوة للناس في كل العصور.. وأين كانوا فوق سطح الأرض بلدانا. فلا فضل لقوم غير تقواهم.. ولا عز لانسان تمرد مثل ابليس وعاش العمر شيطانا. وتحت ظلال معجزة الرسول تجمع العربي والحبشي والعجمي والرومي.. ندعوهم (أبا ذر).. (بلالا) أو (صهيبا).. لا نفرق بينهم ورعا.. ولا ننسي بآل البيت (سلمانا). فقد أضحي جميع الأتقياء علي بساط المصطفي في الله اخوانا. رسول الله معجزة.. نلوذ بها اذا مس النفوس الجدب.. رحنا نطرق الحجرات ينصح بعضنا بعضا بخفض الصوت.. نسأله السقاية مثلما سألوه.. يبسط كفه.. فيسيل ماء الله من بين الأصابع.. ترتوي الأعضاء ريا.. لا ظمأ من بعده أبدا.. وإن جفت عيون الأرض أحداقا وأجفانا. رسول الله معجزة.. نلوذ بها اذا عميت بصائرنا يرد ضياءها رأيا.. وتبيانا. رسول الله معجزة تحدث عن سناها المعجزات أجل.. ولكن يارسول الله أبقي معجزاتك سيدي ان أصبح الإنسان انسانا. دعيت (اقرأ).. قرأنا يارسول الله آيات الوجود علي وريقات الورود.. علي جناح فراشة.. في ريش عصفور.. وفوق دفاتر الأشجار أغصانا وأوراقا. دعيت (اقرأ).. قرأنا صفحة النفس التي طويت بداخلنا.. وخارجنا قرأنا الكون آفاقا. دعيت (اقرأ) وكنت (محمد) في الناس أميا.. فراح وراءك القراء اطلاقا بكل بقاع سطح الأرض.. في كل العصور يطالعون أمامك القرآن.. يتصلون أرواحا.. وينفصلون أشداقا. وصرت معلم العلماء.. علمك من لدن مولاك.. علام الغيوب.. وصار علم الدين دين العلم.. صرت (محمد) للجاهلية والجهالة يارسول الله ترياقا. هو القرآن كون الله مسطورا.. وكون الله قرآن تلته الكائنات تلاوة.. سبحان من أوحي به وحيا.. كتابا أنطق الآفاق انطاقا. تنزل بالهدي هديا.. وبالأنوار تنويرا.. وبالحق الذي قد شاءه رب السماء لخلقه في الأرض ميثاقا. رسول الله يا شمس المعارف كلها مذ جئتنا صرنا كما البلور شفافين.. ننهل من أشعتك البهية.. نرتوي بالنور يجري في خلايا الروح دفاقا. فنعكسه علي الدنيا.. فتنبت حولنا هدبا وأحداقا.