"العيد فرحة" .. مقولة اعتدنا أن نرددها ونتغني بها منذ الصغر ولكن الأوضاع الاقتصادية المتدنية التي يعانيها المواطن البسيط والتي غيرت من عاداته الاستهلاكية تقضي بتغيير المقولة لتصبح "العيد أزمة" .. فلم يكد الشهر الكريم ينتصف حتي بدأت الأسر المصرية تستعد لاستقبال العيد "بالكحك والبسكوت" وبعض الحلوي فضلا عن شراء الملابس الجديدة للأطفال والتي تدخل عليهم بهجة العيد تلك الأسر التي استقبلت شهر رمضان المبارك منذ أيام بالياميش والمكسرات رغم ارتفاع أسعارها هذا العام بنسب تجاوزت 30٪ في بعض الأنواع .. وهي عادات ليست بالجديدة ولكن الجديد هو ارتفاع الأسعار مقارنة بالعهود السابقة فالغلاء الذي طال الرخيص قبل النفيس وأصبح بطل كوابيس المواطن المصري لا يجد معاناة في الفتك بميزانية الأسرة البسيطة من كثرة المواسم والمناسبات التي ارتبط كل منها بتقاليد خاصة تتطلب ميزانية مستقلة فبالأمس القريب كنا نستعد لاستقبال رمضان واليوم نستعد لاستقبال العيد وغدا المدارس ولا عزاء لمحدودي الدخل . محلات الملابس والحلويات بدأت تستعد لاستقبال العيد بعرض ما هو جديد من الموضة وما تشتهي الأنفس من الحلوي والكعك بينما المواطن البسيط محدود الدخل تتعالي صرخاته وأنينه من كثرة المصاريف رغم انخفاض الرواتب حتي أصبح يعيش بين "نارين" فعاطفة الأبوة تدفعه إلي تلبية كافة مطالب أبنائه وضعف الميزانية يمنعه من الإنفاق إلا في الضروريات ولذلك فهو يقف أمام رغبات أبنائه حائرا ولسان حاله يقول "العين بصيرة واليد قصيرة" .. إبراهيم عبد الفتاح 54 سنة موظف يقول لم أعد قادرا علي تلبية متطلبات الأسرة من شدة الغلاء فالأسعار لا ترحم ولا تعترف بالظروف القاسية التي نعيشها في ظل انخفاض الدخول وكثرة الأقساط التي نسددها والدروس الخصوصية التي يتلقاها أبناؤنا وغيرها كثير من أوجه الإنفاق الضرورية ولذلك لم نشتر ياميش رمضان أو كعك العيد منذ عدة سنوات فرمضان بالنسبة لنا شهر عادي جدا إلا من العبادات والروحانيات وكذلك عيد الفطر فهو يوم عادي إلا من صلاة العيد صباحا وزيارة الأهل، وقال إن عددا من زملائه بالعمل اقتدوا به لتوفير النفقات وعدم اللجوء للاقتراض من الآخرين للوفاء بمستلزمات هذه المناسبات أما الحاجة فوزية إسماعيل - 26 سنة بالمعاش- فتتعجب من العادات المصرية التي ربطت المناسبات الدينية بالأطعمة والحلويات وهو ما تعتقد أنه ينتهك من قدسية هذه المناسبات وتقول إن أي أسرة تعاني عند استقبال شهر رمضان وعند توديعه فالبداية تكون بتكاليف الياميش والمكسرات والإسراف في موائد الإفطار التي تحفل بكل ما لذ وطاب من المأكولات رغم أن رمضان شهر العبادة وليس شهر الأكل والشرب، أما الوداع فيكون باستقبال عيد الفطر المبارك والذي اعتدنا أن نستقبله بالحلويات والكعك وغيرها بالإضافة إلي شراء ملابس جديدة للأطفال وحتي الكبار .. وتتساءل الحاجة فوزية كيف لميزانية أي أسرة متوسطة الحال أن تتحمل هذه الأعباء خاصة لو كانت أسرة كبيرة ؟! وعلي النقيض أكد أحمد عبد الونيس محاسب أنه لا يمكن أن يشعر برمضان أو العيد إلا من خلال العادات التي نشأنا عليها وتوارثناها عن أجدادنا فلا يمكن مثلا أن نشعر بقدوم شهر رمضان دون وجود البلح وقمر الدين علي مائدة الإفطار كما لا يمكن أن نشعر بفرحة ليلة العيد دون أن نستمع أكثر من مرة إلي أغنية أم كلثوم الشهيرة "يا ليلة العيد آنستينا" ولا يمكن أن نشعر ببهجة العيد دون أن نستعد لاستقباله بالملابس الجديدة ودون أن نعد حلوي العيد، وقال مهما ارتفعت الأسعار لن أتنازل عن هذه العادات معللا ذلك بأن الأرزاق بيد الله