تابعوا الانتخابات النيابية الاخيرة في العراق قد يظنون ان العراق هو الدولة الديمقراطية الاولي في العالم بسبب الاضواء الدولية التي سلطت عليها. لا يكفي ان نتحدث عن مهرجان الانتخابات واندفاع قطاعات عريضة من المواطنين الي صناديق الانتخابات بهدف اجراء التغيير المنشود في العملية السياسية الطائفية وواقع الحال السييء في عموم الخدمات في ظل الاحتلال والفساد الحكومي. فهناك جانب آخر من الصورة يحكي انتهاكات حقوق الانسان المستمرة في العراق المحتل من قبل الولاياتالمتحدة وايران. وقد كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية مؤخراً معلومات من عدة مصادر ومقابلات لمعتقلين سابقين أنه يجري في المعتقلات العراقية انتهاك كبير لحقوق الإنسان من تعذيب بالجلد والماء الحار والبارد والتعليق بالمراوح السقفية وقطع الأصابع وقلع الأظافر وكي بالسجائر والصعقات الكهربائية وما هو أسوأ من ذلك.. وهي ممارسات حولت العراق إلي سجن حكومي كبير بالإضافة إلي السجون الأمريكية السرية الأخري التي انتشرت في شتي أرجاء البلاد, والتي يعاني نزلاؤها شتي صنوف الظلم والتعذيب والهوان مما يفضح زيف الادعاءات الاميركية عن الديمقراطية وحقوق الانسان. وكانت تقارير من مصادر عديدة بينها نائب الرئيس العراقي الحالي طارق الهاشمي افادت بوجود عدد من السجون السرية في العراق, وان هناك آلاف العراقيين مازالوا يُقتادون إلي أماكن غير معروفة، استنادا إلي الشبهات وبغية الابتزاز من دون تهم أو أوامر إلقاء قبض. ولا تقتصر السجون السرية في العراق علي السجون الأمريكية وإنما أيضاً السجون التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية العراقيتين والسجون التابعة للميليشيات وبضمنها ميليشيات البيشمرجة الكردية. وقد وجه ناشطون انسانيون اتهامات الي "وزارة حقوق الانسان" العراقية بالتستر علي هذه الجرائم ومرتكبيها واخفاء معلومات عن حجم التعذيب والإعدامات داخل السجون العراقية. وبعض هذه الاتهامات يطال وزيرة حقوق الانسان نفسها التي تدافع عن أحكام الاعدام بالجملة. وآخر مستجدات الاعتقالات في العراق اطلاق سراح بعض المعتقلين الابرياء لأيام معدودة ثم اعادة اعتقالهم لابتزاز ذويهم بالاف الدولارات! وتشير الارقام المتداولة إلي أن هناك ما يزيد علي 35000 معتقل في أماكن سرية تابعة لوزارة الداخلية وما يسمي بجهاز مكافحة الارهاب ولواء بغداد الذي يشرف عليه رئيس الوزراء نوري المالكي شخصيا ويمارس ضد هؤلاء المعتقلين التعذيب اليومي المبرمج علي أيدي جلاوزة بعض الميليشيات والاجهزة القمعية. وذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية انه يجري في المعتقلات السرية لوزارة الداخلية وللأحزاب الحاكمة قتل "علمي" عن طريق التعذيب علي جهة القلب إلي أن يموت المعتقل بعد فترة. وهو اغتيال سياسي مبرمج للأبرياء لمجرد الاختلاف معهم مذهبيا وسياسيا أو معارضتهم للاحتلال الامريكي. ووصف التقرير الدولي الذي أعده كل من المقرر الخاص لحماية حقوق الإنسان في إطار الحرب ضد الإرهاب والمقرر الخاص لمناهضة التعذيب وفريق العمل المعني بمناهضة الاعتقال التعسفي وفريق العمل المعني بالاختفاء القسري.. وصف الممارسات التي ترتكب في هذه السجون بانها جرائم ضد الإنسانية.. وذكر التقرير أنه في الوقت الذي زعمت فيه القوات الأمريكية تطبيق بنود معاهدة جنيف, لم يسمح حتي للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة مراكز الاعتقال في العديد من الحالات.. كما أن بشاعة الاعتقال في سجن ابو غريب لم تعرف إلا بعد نشر صور لإساءة معاملة المعتقلين من قبل المشرفين عليهم. وقد أشار التقرير استناداً الي مراجع أمريكية إلي وفاة ثمانية وتسعين معتقلا كانوا رهن الاعتقال في أبو غريب وفي مراكز اعتقال أمريكية أخري بالعراق. نحن نشعر بالاهانة ليس بسبب هذه الاتهامات وحدها.. ولكن بسبب الحديث الاجوف عن الديمقراطية الامريكية ودولة القانون العراقية.. أي ديقراطية وأي قانون وأي بطيخ!