للتوصل إلي نظام قضائي متكامل، ألحقت بالديار القضائية مجموعة من المعاونين القضائيين، نص عليهم القانون، كجزء لا يتجزأ من عمل القضاة، ويترتب علي صحة اعمالهم إصدار الأحكام، التي يرد عليها البطلان إذا لم يتبع أفرادها ما رسمه لهم القانون في المراحل المختلفة من سير الدعاوي. وعليه، تتضح حساسية التعامل معهم بنفس التعامل مع الهيئة القضائية. فبداية بمجموعة الكتبة الذين يراجعون الأوراق المقدمة من المدعي، والتأكد من استيفائها، وتحديد رسومها بحسب عدد الطلبات، وتحديد جلسة لها والدائرة التي سوف تنظرها، الذي يتم إليكترونيا، قبل قيدها بجدول قضايا المحكمة، ثم تصويرها بالميكروفيلم. وعندئذ تبدأ مرحلة الإعلان من خلال قلم المحضرين، وهو الجهة الوحيدة التي نص عليها القانون لصحة المواجهة القضائية وانعقاد الخصومة »م6 مرافعات« ويتوقف علي إجابة المحضرين سلامة الإعلان من عدمها »م91 مرافعات«، وذلك تمهيدا لتقديمها لهيئة المحكمة، حيث يتسلمها أمين سر الدائرة، ليودع صحيفتها المعلنة بملف يخصص لجميع المستندات المقدمة من الخصوم طوال نظر الدعوي. يضاف إلي ذلك أن أمين السر عليه ان يوقع علي جميع محاضر الجلسات بجانب توقيع هيئة المحكمة، وإلا أصبحت الدعوي باطلة »م52 مرافعات«! كما يترتب البطلان علي الأحكام التي لا يتلوها القاضي علنا فور صدورها، تأكيدا لقوتها »م471 مرافعات«، وهو أمر واجب الاحترام، وإن كان يصعب إثبات عدم وقوعه. ثم تأتي مرحلة تنفيذ الأحكام، التي يقوم بها محضرو التنفيذ، بعد ورودها من محضري إعلان الحكم، وهي مرحلة خاصة، تقع تحت رقابة قاض آخر، وهو قاضي التنفيذ. والقصد من ذلك السرد الموجز، الذي يوضح السلوك المطلوب والنظرة باحترام إلي المقيمين بديار القضاء عند التعامل معهم، ليبادلوا من يتعامل معهم بالمثل حيث ينطبق عليهم ما ينطبق علي رجال القضاء والنيابة بل ويجب ان يخضع لرقابة مشددة، بواسطة هيئة مخصصة لإدارة المحاكم، أكثر فاعلية مما هي عليه اليوم، ليستمر القضاء شامخا. وترتيبا علي ذلك يجب حظر مقابلة الموظف العمومي بالمحاكم، إلا بإذن خاص باعتباره عضوا في المنظومة القضائية سواء بهدف الاطلاع، أو لمعرفة قرار المحكمة، أو لتقديم المذكرات أثناء حجز الدعاوي للحكم، أو طلبات فتح باب المرافعة، وغيرها من الأحوال التي فتحت الأبواب للفساد، وتسيئ إلي سمعة المنظومة القضائية الموقرة. فاحترام القضاة من التزام مجموعة معاونيهم، بنص القانون، وهي مجموعة بلغت من الثراء ما لم، ولمن يبلغه، رؤساؤهم من القضاة وأعضاء النيابة بمرتباتهم المحدودة الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في الرواتب والبدلات لكل من يعمل في هذه المنظومة بالقدر الذي يتناسب مع مقام السلطة الثالثة في البلاد. خاصة بعد أن أصبحت وزارة العدل مصدرا للايراد الوفير، وليس للخدمات، بالإضافة إلي رفع مستوي قبول الاشتغال بتلك الوظائف، وتطهيرها مرحليا، صونا لهيبة القانون، وإفاقة للمسيئين في استعمال الحق. بقي أن نتناول ساعات العمل في المحاكم، باعتبار انها تتصل مباشرة بالأزمة المرورية الحادة، حتي لا يكون ذلك العمل سببا فيها. فلقد جري العمل القضائي علي البدء في الساعة »الثامنة افرنكي«، ثم امتد إلي التاسعة صباحا، وهو أمر تبين عدم امكانية تطبيقه عمليا، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الوصول إلي المحاكم يزيد من تزاحم الطرق، بغير داع للاستعجال، طالما كانت أغلب الجلسات تبدأ في الواقع متأخرة. كما انه يعفي السادة المحامين من انتظار مناد يصيح بصوت مزعج في استراحاتهم مع بداية كل جلسة بحسب اكتمال هيئتها. لذلك وجب التنظيم العقلاني بتأجيل فتح أبواب المحاكم إلي العاشرة صباحا، وبداية الجلسات في أوقات متقاربة حول الحادية عشرة. وبالتالي تسهم السلطة القضائية في تخفيف حركة المرور. كما تريح جميع أطرافها من عناء العجلة بلا عائد!.. وللحديث بقية.