ماذا يريدون من مصر؟ وماذا يريدون لمصر؟ هذا التساؤل لابد أن يراود الذين يحبون مصر ويهتمون بأمورها باعتبارها صمام الأمن والاستقرار في كل منطقة الشرق الأوسط ليس هذه الأيام فقط ولكن علي طول تاريخها الذي يمتد لآلاف السنين في عمق الحضارة الإنسانية. ليس صعباً أبداً الإجابة عن هذه التساؤلات وكشف أهدافها المريبة. إن هذه القوي الخفية التي تسعي وتخطط لهز استقرار هذا البلد الأمين هي نفس القوي التي تآمرت وعملت علي تحجيم مصر ودورها علي مدي التاريخ. هذا المخطط كان واضحاً وجلياً في التاريخ الحديث منذ القرن ال91 عندما تحالفت كل قوي الشر والاستعمار القديم من أجل ضرب مصر- محمد علي باشا- والعمل علي تقزيمها ووقف انطلاقتها الحضارية. إنها نفسها التي فرضت حصارها علي عبدالناصر وتصدت لطموحاته القومية التي استهدفت وحدة العرب. وإذا كانت الدول الاستعمارية تولت هذه المهمة بشكل مباشر خلال بعض هذه الفترات إلا أنها وفي الآونة الأخيرة استخدمت اسرائيل وأطماعها وعدوانيتها لتكون مخلب القط في القيام بنشر الفوضي وعدم الاستقرار في كل منطقة الشرق الأوسط.. وبالطبع فإنها لتحقق هذه المهمة فقد كان لابد أن يكون هدفها الذي باركته وتباركه قوي التآمر الاستعماري.. مصر.. إن استراتيجية هذا التحالف التي يخدمون بها مصالحهم تتركز في عدم إعطاء مصر فرصة لالتقاط الأنفاس وأن تظل دوماً تواجه سيلاً من عمليات التآمر والتعرض لسهام الغدر حتي من أقرب الأقرباء. بنوا خطتهم علي أن تبقي غارقة في بحر المشاكل لا يسمح لها بالخروج منها إلا بالقدر الذي يتيح لها التنفس والحياة.. تواصلاً لهذه السياسة يعمدون هذه الأيام إلي نشر الشائعات حول صحة الرئيس مبارك مستهدفين من وراء ذلك إثارة موجة من القلق والهلع وعدم الاستقرار التي تقود إلي الفوضي التي سمونها الخلاّقة.. وحتي يُلبسون ما يروجون له ثوب المصداقية فإنهم يلجأون إلي سياسة.. »إضرب ولاقي« التزاماً بهذا المخطط فإن بعض عناصرهم يتحدثون عن وقائع كاذبة تتعلق بهذه القضية بينما يتولي آخرون ووفق ما هو مرسوم لهم تكذيبها والتأكيد علي أن صحة الرئيس علي خير ما يرام، في نفس الوقت يعملون علي إثارة البلبلة وتشجيع بعض القوي الوطنية المخدوعة في الشعارات التي يرفعونها لدفع الأمور لما يسمي بالفوضي الخلاقة إياها، حدث هذا رغم كل المظاهر التي تشهدها الساحة ويجسدها قيام الرئيس بكل التزامات الرئاسة والزعامة والمتمثلة في عقد اللقاءات السياسية المكثفة والقيام بالزيارات وافتتاح المشروعات التنموية وهي أنشطة لاتمارسها زعامات ورئاسات كثيرة لا يتناولها أحد من قريب أو بعيد. السؤال الآن هو: أليس من حق أي إنسان أن يمرض ويعالج ويشفي بإذن الله وأمره ويسترد بعد ذلك عافيته ويقوم بمسئولياته وممارساً لمهامه في الحياة، لماذا إذن الإصرار علي الشوشرة وإثارة البلبلة إلا إذا كان الهدف وكما ذكرت إشاعة مناخ من القلق وعدم الاستقرار. نعم قد يكون هناك قصور في إنجاز الإجراءات اللازمة لإغلاق الباب تماماً أمام هذه المخططات ولكن ما يجب الحذر منه هو ألا يُستغل ذلك للإضرار بمصر تحت ستارة تسليط الضوء حول هذه النواقص، وحتي تكون الصورة واضحة فإنه من الضروري أن أشير إلي أن الحرية السياسية مكفولة وفقاً لالتزامات الحقوق والواجبات وأنه ليس هناك ما يمنع من المطالبة بإزالة أي عقبات أو قيود تعوق ممارستها. إن مواجهة هذه الحرب التي تتعرض لها مصر مستهدفة أمنها واستقرارها تحتاج إلي حكمة وحنكة التعامل مع الموقف وهو أمر لا يعالج بتصرفات ردود الفعل.. وإنما يحتاج إلي مزيد من روح التوحد الوطني والتنسيق والتعاون والتشاور بكل سلامة النية والثقة وتبني كل ما يحقق الصالح الوطني والقومي.