أخطر نتائج الاجتماع الذي عقد مؤخرا بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هي ان اسرائيل لم تعد مضطرة للتوقيع علي المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي مع اعتراف واشنطن »بحق اسرائيل« في المحافظة علي سياسة »الغموض النووي« فيما يخص الترسانة النووية الاسرائيلية!! وهكذا تتحدي الادارة الامريكية اجماع 981 دولة في العالم طالبت في بيانها الختامي مؤتمر مراجعة المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي، الذي عقد مؤخرا في الاممالمتحدة، بأن توقع اسرائيل علي هذه المعاهدة. »التفاهمات« الامريكية - الاسرائيلية الجديدة.. غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، ولم يجرؤ رئيس أمريكي سابق علي التورط والتواطؤ مع اسرائيل الي هذا الحد في قضية خطيرة تمس الأمن العالمي كله. وللمرة الأولي، يتم ابرام اتفاقيات تمنح اسرائيل نفس المكانة التي منحتها امريكا للهند في المجال النووي. ووفقا لتصريحات وزير المالية الاسرائيلي »يوفال شتاينتس«، فان زيارة نتنياهو لواشنطن حققت هدفا مركزيا هو »الاعلان التاريخي بشأن التعاون في مجال التكنولوجيا النووية، واقرار الولاياتالمتحدة بان اسرائيل دولة مسئولة يمكن الاعتماد عليها في مجال التكنولوجيا الذرية، رغم عدم توقيعها علي المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي. وتقول صحيفة »هآرتس« الاسرائيلية ان زيارة نتنياهو لواشنطن كشفت سلسلة تفاهمات امريكية - اسرائيلية كانت تعتبر بالغة السرية في الماضي، واهم هذه التفاهمات هو التزام امريكي باحباط أي قرار يمس اسرائيل في الشأن النووي. ويعتبر الامريكيون ان ما طالبت به دول العالم فيما يتعلق باخضاع المنشآت النووية الاسرائيلية للرقابة الدولية.. تلك المطالبة كانت بمثابة »خلل« أي اكثر من مجرد خطأ!! ومن بين التفاهمات السرية، التي اصبحت علنية، التزام الولاياتالمتحدة بالعمل علي منع اي مبادرات دولية - مثل معاهدة حظر الانتشار النووي - من المساس بأمن اسرائيل حيث ان لهذه الدولة »وضع أمني خاص« »!!« وبالتالي فانها - اسرائيل - وحدها فقط، التي تحدد احتياجاتها الامنية!! وتشمل »التفاهمات« التزام الامريكيين بتمكين اسرائيل من »حق الردع«، مما يعني انه يصح ان تمتلك الدولة العبرية قدرات استراتيجية رادعة »خاصة« وبالتالي فان أي اقتراح امريكي ينبغي ان يلعب دور »مظلة حماية لكل تلك »القدرات« الاسرائيلية. وظهر اتجاه امريكي - اسرائيلي لطرح قضية الاسلحة الكيميائية والبيولوجية والصواريخ بعيدة المدي في الشرق الاوسط، مما يعني انه ينبغي اتخاذ خطوات لحظر هذه الاسلحة وحرمان دول الشرق الاوسط - ما عدا اسرائيل - من امتلاكها حتي لا تبقي في المنطقة سوي.. الترسانة النووية الاسرائيلية فقط!! والتفسيرات والتحليلات المطروحة في واشنطن تكشف ان البيانات والتصريحات الصادرة عن ادارة أوباما تؤكد اصرار الولايات علي ان لاسرائيل الحق في امتلاك ترسانة نووية »لاغراض الردع«! ووصل الامر الي حد ان مسئولين امريكيين صرحوا بأن التأييد السابق من جانب الولاياتالمتحدة لاعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الاسلحة النووية كان.. »غلطة«!! بل ان هؤلاء المسئولين الامريكيين يعتبرون ان موافقة الولاياتالمتحدة علي عقد مؤتمر لاخلاء الشرق الأوسط من الاسلحة النووية، في التصويت الذي اجري خلال المؤتمر العالمي لمراجعة المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي، .. كان »غلطة« اخري!! وكانت ادارة اوباما قد اعربت عن ضيقها، عقب ذلك التصويت، لان المؤتمر اشار الي اسرائيل بالاسم وان ذلك لم يكن تصرفا منصفا وعادلا!! وكان الرئيس اوباما قد صرح بأن أية جهود للتركيز علي اسرائيل أو »الاستفراد بها« سيجعل احتمالات عقد مؤتمر اقليمي لاقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الاوسط.. غير واردة.. أو مستبعدة!! وكانت الدول العربية والاسلامية ودول عدم الانحياز قد اعتبرت ان التوصل الي قرار بشأن عقد هذا المؤتمر الاقليمي يشكل انتصارا لفكرة اخلاء الشرق الاوسط من الاسلحة النووية. واذا كانت الولاياتالمتحدة ستركز جهودها وستعمل بشكل وثيق مع اسرائيل لضمان الا تمس مبادرات الحد من التسلح.. أمن اسرائيل، حيث ان اسرائيل »دولة مسئولة« وتتحلي بالقدرة علي »ضبط النفس« من وجهة نظر واشنطن. فماذا عن حق الدول الاخري في الدفاع عن نفسها في مواجهة دولة نووية مثل اسرائيل؟ وماذا عن تهديدات اسرائيلية سابقة بضرب السد العالي في اسوان؟ وماذا عن الاعتداءات الاسرائيلية التي وقعت علي سوريا؟ وماذا عن الحروب الاسرائيلية ضد لبنان وضد قطاع غزة؟ وماذا عن احتلال الاراضي الفلسطينية 34 سنة وقتل مئات الآلاف من الفلسطينيين؟ اين هي المسئولية وضبط النفس؟ وكيف يمكن ان تقبل الدول الاخري تجريد نفسها من السلاح مع الابقاء علي الترسانة الاسرائيلية؟ غير ان لقاء اوباما - نتنياهو لم يقتصر علي ذلك وانما شمل قضايا اخري خطيرة تحتاج الي موضوع آخر.