بقلم : نبيل زكي اليوم - الاثنين- يبدأ مؤتمر مراجعة المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي في مقر الاممالمتحدة في نيويورك بمشاركة 981 دولة موقعة علي المعاهدة. ويستمر المؤتمر من 3 مايو حتي 82 من هذا الشهر. وتنص المعاهدة المذكورة التي عقدت في عام 0791 علي ترتيب اجتماع لمراجعتها كل خمس سنوات.. كما تنص علي عقد مؤتمر بعد 52 سنة من تطبيقها لكي يقرر مدة سريانها.. وفي المؤتمر المراجعة عام 5991 تمت الموافقة علي مد أجل المعاهدة الي ما لانهاية. وفي نفس ذلك العام- 5991 - وافقت الدول الموقعة علي المعاهدة بالاجماع علي اخلاء الشرق الاوسط من الاسلحة النووية ومن كل اسلحة الدمار الشامل. والان.. بعد مرور 51 سنة علي هذا القرار.. مازالت الترسانة النووية الاسرائيلية قائمة، ومازالت سياسة »الغموض النووي« التي تطبقها اسرائيل.. قائمة.. ومازالت اسرائيل تحتكر الاسلحة النووية في المنطقة تحت رعاية وحماية الولاياتالمتحدةالامريكية والدول الغربية بوجه عام. وينص البند 71 في جدول اعمال مؤتمر المراجعة الذي يبدأ اليوم، علي ان المشاركين »يبحثون دور المعاهدة في العمل علي حظر انتشار الاسلحة النووية ونزع السلاح النووي، وتعزيز السلام العالمي والامن الدولي، والخطوات الهادفة الي دعم تطبيق المعاهدة وتحقيق شموليتها«.. والشمولية تعني ان تلتزم جميع دول العالم بهذه المعاهدة، وحتي الان لم تتحقق هذه الشمولية التي تؤدي الي منع الانتشار النووي. وعند توقيع المعاهدة كانت الدول النووية، خمس دول، هي الولاياتالمتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين. والآن توجد لدينا تسع دول نووية بعد دخول كل من اسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية الي النادي النووي. والدول الثلاث الاولي لم توقع علي المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي بينما انسحبت كوريا الشمالية من المعاهدة في عام 3002 بعد ان سبق ان صدقت عليها، واجرت تجربتين نوويتين في 6002و9002. وكانت الدول النووية قد وعدت عند توقيع المعاهدة بازالة الترسانات النووية بطريقة منظمة ومتدرجة.. فما الذي حدث؟ كان يوجد 03 الف سلاح نووي في ترسانات الدول النووية الكبري الخمس.. واليوم يوجد أكثر من 32 الف سلاح نووي في العالم بعد ان زاد عدد الدول النووية. مؤتمر المراجعة يمثل ساحة معركة مصيرية كبري بالنسبة لمصر والدول العربية وحركة عدم الانحياز. واذا لم يتخذ هذا المؤتمر موقفا واضحا وحاسما لازالة الترسانة النووية الاسرائيلية، فانها ستكون فضيحة عالمية، وسوف تسقط مصداقية المعاهدة الدولية.. وسيخضع العرب للابتزاز النووي الاسرائيلي، ويظل الامن القومي العربي تحت التهديد.. وفي مواجهة أخطار فادحة. بعد وقت قصير من تولي باراك اوباما الرئاسة الامريكية، وجهت الصحفية الامريكية المخضرمة »هيلين توماس« السؤال الي الرئيس عما اذا كان يعلم ان هناك اية دولة في الشرق الاوسط تملك اسلحة نووية. ورد اوباما وهو في حالة ارتباك- قائلا انه لا يريد ان يتكهن. وفي وقت لاحق، علقت »هيلين توماس« علي تلك الاجابة بقولها »إنني لم اطلب منه ان يتكهن فالمفترض انه يعرف الاجابة« وحدث مؤخرا جدا »في 13 ابريل الماضي« ان اوباما بدا أشبه بالفريسة التي وقعت في الفخ.. عندما سأله محرر صحيفة واشنطن بوست »سكوت ولسون« عما اذا كان سيدعو اسرائيل الي الكشف عن برنامجها النووي ويطالبها بالتوقيع علي المعاهدة الدولية لحظر الانتشار. يقول المعلق الأمريكي »راي ماكجفرن« عليك ان تراقب شريط الفيديو الذي يسجل هذا المشهد.. سوف تكتشف ان رئيسنا الذي اشتهر بفصاحته وبأنه طلق اللسان.. وقد تعثر لسانه واخذ يتلعثم ويتمتم كما لو كان قد اصيب بحالة اعاقة مؤقتة قبل ان ينبطح علي الارض، وهو يعفر وجهه بالتراب قائلا »فيما يتعلق باسرائيل، فانني لن اعلق علي برنامجها«!!. تشير المعلومات الي امتلاك اسرائيل لعدد يصل الي اربعمائة قنبلة نووية تتراوح بين قنابل حرارية نووية قوية وقنابل تكتيكية للاستخدام في ميادين القتال. وتقوم العقيدة النووية الاسرائيلية علي اساس توجيه »الضربة الاولي« وأيضا علي اساس الضربة الاجهاضية ضد هجوم بأسلحة تقليدية أو غير تقليدية موجهة الي ترسانتها من اسلحة الدمار الشامل »سواء النووية او الكيماوية او البيولوجية« كذلك تلتزم العقيدة النووية الاسرائيلية بالحفاظ علي التفوق النووي، عن طريق منع اي دولة اخري في الشرق الاوسط من حيازة اسلحة نووية وسبق لاسرائيل ان شنت هجمات علي مفاعلات نووية عربية وقامت بعمليات اغتيال للعلماء العرب وغير العرب للحيلولة دون تطور القدرات النووية لأي دولة أخري في المنطقة وكل ذلك يشكل خطورة علي أمن المنطقة. ورقة العمل التي طرحتها مصر امام مؤتمر المراجعة تطالب بوضع معاهدة لجعل منطقة الشرق الاوسط خالية من الاسلحة النووية وتقف الدول العربية ودول عدم الانحياز الي جانب مصر وهناك مفاوضات جارية بين مصر والولاياتالمتحدة حول الاقتراح المصري. والموقف المصري قوي.. بينما الموقف الامريكي ضعيف في وقت تتعرض فيه واشنطن للاتهام بأنها تتغاضي عن الترسانة النووية الاسرائيلية بينما تركز كل حملاتها علي الملف النووي الايراني الذي لا ينكر احد انه سلمي حتي الان علي الاقل. وبطبيعة الحال فان اسرائيل لن تشارك في المؤتمر، لانها غير موقعة علي المعاهدة، ولكن مناوراتها بدأت تتحرك.. واحدث المناورات هي القول بأن تجميد اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط يجب ان يكون التتويج لعملية تبدأ باتفاقيات سلام ثنائية وفردية بين كل الدول في المنطقة.. وجاءت تصريحات »ايلين بوتشر« نائبة وزيرة الخارجية الامريكية لشئون الرقابة علي التسليح والامن الدولي في نفس السياق الاسرائيلي. مما يتطلب يقظة كاملة من جانب مصر حتي لا ننخدع بوعود كاذبة او مناورات تستهدف.. ان يمضي المؤتمر بسلام ودون ازمات ثم يبقي الحال علي ما هو عليه؟. وتطالب مصر ايضا بعقد مؤتمر دولي في العام القادم تشارك فيه اسرائيل، لمناقشة نفس الموضوع »منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل«. المهم هو ان نتشبث بموقفنا ولا نتراجع حتي نضع المؤتمر امام مسئولياته.. وعلينا- منذ الان- ان نبحث عن البدائل في حالة إصرار محور واشنطن- تل ابيب علي المراوغة والخداع وكسب الوقت.