تعدّ "الحمار الذهبي" أوّل روايةفي تاريخ الإنسانية، وبلك فهي تسبق "دون كيشوت" لسرفانتس، و"روبنسونكروزو" لدانييل ديفو، فمن كاتبها؟ ومتى ألّفت؟ وما موضوعها؟ وما خصائصها السرديةوالجمالية؟ وما ملا شهرتها عالميا؟ مؤلفها: هو أبوليوس المفكّر الأمازيغي (125م-170م) من مواليد مدينة مداوروش بضواحي سوق أهراس شرق الجزائر، كان ضليعا في كلّ علومعصره التي أخذها من قرطاج،ثمّ أثينا ثمّ إيطاليا و آسيا الصغرى، "هوية أبوليوسجزائرية المولد، وأفريقية المنبت، وأمازيغية الأصل، ولكنها رومانية الجنسية، وإغريقيةالثقافة والفكر، وشرقية المعتقد"(1) مضمون الرواية: إنها قصة إنسان يهتم بالسحر، ويحب أن يتحولإلى طير، ولكنه يتحول إلى حمار. يتوجه شاب يوناني، يدعى لوكيوس، من مدينة كورنث، لأسبابعائلية إلى مدينة هيباتا بمقاطعة تيساليا. فيلتقي في طريقه إليها بمسافرين، سمع منأحدهما حكاية بشعة، ولكنها مثيرة عن الأعمال السحرية، حركت فضوله. وعندما وصل مدينةهيباتا، نزل ضيفاً على غني بخيل يدعى ميلو، والتقى في المدينة بصديقة لأمه، حذرته منالأعمال السحرية، التي تمارسها بامفيلا، زوجة مضيفه ميلو، وتمضي الأحداث لتمكنه الظروفمن رؤية بامفيلا وهي تمارس أعمالها السحرية، وشاهدها كيف تأخذ بالمرهم الذي تدهن بهجسمها للتحول إلى بومة، ومن حينها حرص لوكيوس أن يعيش هو نفسه تجربة تحول من هذا النوع،فألح على خادمة بامفيلا فأحضرت له المرهم المطلوب، إلا أنها أخطأت في تناول العلبةالمناسبة، فكانت نتيجة ذلك هو أن تحول لوكيوس بعد أن دهن جسده إلى حمار بدل أن يتحولإلى طائر، وراح هو نفسه يشاهد كيف أخذت تبرز في جسمه كل أعضاء الحمار وكيف أخذ يتصفبجميع صفاته الظاهرة باستثناء عقله، الذي ظل عقل إنسان بما له من إحساس وإدراك وتدبير.وهنا تبرز المفارقة، وتأخذ الأحداث مجراها الممتع الذي يأخذ أبعاداً فلسفية نفسية اجتماعيةتاريخية"(2) ينتقل البطل من يد إلى أخرى فيستطيع بشكلهالحماري وعقله البشري أن يطّلع على خبايا البشر و عيوبهم وحقدهم وقسوتهم، وفي ذلك تنديدقاس للانحطاط الأخلاقي الذي تدنّى له الإنسان، ورغم أنّ موضوع المسخ قديم إلا أنّ أبوليوساستطاع أن يضفي بصمته الخاصّة بما أضفاه على نصّه من قيم أخلاقية، " و يعبر تحوللوكسيوس إلى حمار عن فكرة المسخ الحيواني والعقاب القاسي لكل متطفل فضولي لم يرض برزقهوبشريته وإنسانيته، كما يحيل على ذلك الجزاء الذي يستحقه الزناة ومنحطو الأخلاق ،ذلكأن لوكسيوس سيدخل في علاقات جنسية غير شرعية مع خادمة مضيفه ميلون، وقد يدل هذا المسخعلى انحطاط الإنسان وعدم سموه أخلاقيا. ولن يعود البطل إلى حالته البشرية إلا بعد التوبةوالدعاء باسم الآلهة والتخلص من نوازعه الإيروسية وانفعالاته البشرية العدوانية وتدخلالمنقذة إيزيس."(3) لغة الرواية: اختلف الدارسون في اللغة الأصلية التي كتبتبه "الحمار الذهبي" فذهب بعضهم إلى أنّها كتبت بالأمازيعية، قال آخرون أنّهاباللاتينية، وقال فريق ثالث أنها بالرومانية،وقال آخرون أنّها جمعت اللغات الثلاث بمستوياتمتفاوتة، لأنّ الشمال الإفريقي كان أمازيغي الأصول ومحتلا من قبل الرومان المتأثرينبالثقافة اليونانية.. شهرة الرواية وتأثيراتها: نالت الرواية شهرة عالمية بتأثيراتها علىالآداب الغربية والعربية على حدّ سواء فقد ألهمت غيرها بموضوع المسخ، والأجواء العجائبية،وتداخل الواقع بالخيال،..ومن الأدباء الذين تأثّروا بها نذكر على سبيل المثال لا الحصر:جيمس جويس و"كافكا" وگوي دو موباسان وألفونس دوديه، ومن الروائيين المغاربة الذين تأثروا كذلكبالحمار الذهبي محمد الهرادي في روايته (أحلام بقرة) ، وبنسالم حميش في روايته"سماسرة السراب"و "محن الفتى زين شامة"، ومحمد عز الدين التازيفي روايتيه "المباءة" و"رحيل البحر"، وشغموم لميلودي في"عين الفرس"، ويحيى بزغود في روايته الرائعة "الجرذان"