داخل غرفة الحجز بمركز شرطة أطفيح تهمس فتاة فى الرابعة عشرة من عمرها فى أذن والدتها، 35 سنة، وتقول لها: «ده كان لازم يحصل من زمان أوى إحنا اتأخرنا فيه.. سنتين عايشين فى غلب وذل»، تشد الأم على يد ابنتها علا وتقول لها: «اسكتى انتى وملكيش دعوة بأى حاجة». الحديث يدور بين فتاة وأمها عن جريمة قتل ارتكباها معاً.. القتيل شحاتة محمد، 38 سنة، والد الفتاة، ابنة ال14 عاماً، وزوج السيدة المتهمة.. وده كله أخد نص ساعة مش أكتر.. روحه طلعت من غير ما حد يحس.. حاولنا نخبى الجريمة ونقول «منعرفش».. لكن الشرطة كانت صعبة.. وهو اتقتل فى البيت.. وخفنا نرمى الجثة بره.. وحد يشوفنا ويبلغ عننا. التحريات والتحقيقات تقول إن المتهمتين مزقتا بطن الضحية بسكين وأخرجتا أمعاءه ومثّلتا بجثته، بسبب سوء معاملته ورفضه الإنفاق عليهما وشراء مخدرات فى المنزل. الأم «أشجى» تحكى لابنتها علا حكاية ال15 عاماً من الزواج مع المجنى عليه، حتى انتهت بها داخل تلك الحجرة، تقصد الحجز. تقول: «من حوالى 15 سنة أنا كنت فى بيتنا مع أسرتى، وفوجئت عقب دخول والدى المنزل يخبرنى بأن شحاتة ابن عمه يطلب الزواج منى.. طبعا زمان مكنش البنت ليها رأى، يعنى هو كان بيقول لى من باب المعرفة بس.. المهم اتجوزت شحاتة وفضلنا عايشين فى البيت اللى احنا كنا فيه وارتكبنا فيه الجريمة.. وهو البيت متغيرش.. أوضتين وصالة وحمام.. وعبارة عن طابق واحد بالطوب». «شحاتة كان عنده أرض بيشتغل فيها حوالى 15 قيراط، وكان الحال الحمد لله مستور.. وبعد سنة من زواجنا انتى جيتى للحياة.. ومرت سنين كتيرة مش فاكرة كام يا بنتى من كتر الهم.. وخلال تلك السنوات أنجبت أنا إخواتك التلاتة.. وبعد كده إنتى كنتى وعيتى على المشاكل بتاعة والدك، أصلها بدأت من حوالى سنتين لما بدأ يرفض الإنفاق علينا، انتى مش فاكرة لما طلبتى منه مصروفات المدرسة ومرضيش يدفعها صح، وانا رحت استلفتهم من خالتك؟ بصى يا بنتى هو اتغير وبدأت المشاكل من حوالى سنتين.. إنتى كان عندك 12 سنة، من أول ما ورث 15 قيراط بعد وفاة والدته، باع الأرض.. اشترى عربية ربع نقل.. بعدين الفلوس كترت فى إيده، وبدأ يدور على عروسة تانية عشان يتجوزها ومسكتش إلا لما اتجوز.. من ساعتها وهو رفض الإنفاق علينا تماماً.. وبدأ يشترى المخدرات وزجاجات البيرة فى البيت ويجيب نسوان البيت.. انتى مش فاكرة لما كان بيخليكى تسيبى الصلاة عشان يخليكى تخدمى مراته -تقصد الزوجة الثانية-؟ ولما مرضيش يدفع مصاريف الدروس بتاعة إخواتك وانا برضه رحت استلف من أهلى؟». «الكلام ده كان لازم يحصل من زمان أوى.. من أول ما اتجوزنا.. أهلى اللى كانوا بيصرفوا علينا وهو شال إيده خالص عنا.. لدرجة إن هو سايب أوضة واحدة لينا إحنا الخمسة نعيش فيها. بس يا بنتى مكنتش عايزة أدمر حياتك بالشكل ده، وتقضى طول عمرك وشبابك هنا فى الحجز». تحضن الأم ابنتها ويدخلان فى نوبة بكاء شديدة على ما حدث لهما من المجنى عليه الذى دفعهما لقتله.. وما هى إلا لحظات ويدخل الحجز المقدم محمد فيصل، رئيس مباحث مركز شرطة أطفيح، وبدأ فى مناقشة المتهمتين حول الواقعة، قالت الأم: «بص يا بيه، اللى حصل إحنا وبنتى تعبنا من الراجل ده وفاض بينا وطفح الكيل، أنا استغليت غياب زوجته الثانية عن المنزل بعد أن تركته له بسبب خلافات بينهم، واتفقت مع بنتى إن احنا نتخلص منه بسبب سوء معاملته لينا». «الخطة جاءت كالتالى: أول ما دخل البيت حضرنا له الغداء، وبعد ما أكل دخل الأوضة بتاعته، دخلت وراه علا وقالتله عايزة أكلم معاك، وبدأت تهمس له فى أذنيه لحد ما راح فى النوم، وبعد كده حطت البطانية على وشه عشان ما يصعبش علينا واحنا بنقتله وبالمرة نكتم أنفاسه، وانا جبت سكين من المطبخ بتاع الشقة ورحت شقيت بطنه بالكامل وأخرجت أمعاءه ومثلنا بجثته من اللى عمله فينا». وأثناء المناقشة حضر اللواء محمود فاروق، مدير المباحث الجنائية، والعميدان أحمد الأزهرى، رئيس مباحث القطاع، ورشدى همام، مفتش المباحث، إلى المركز، واستكملت المتهمة طريقة ارتكابها للجريمة، وأخبرت المباحث أن تلك الواقعة استغرقت حوالى 30 دقيقة بس، وبعد كده هما خرجوا بره البيت وبدأوا يصرخوا حتى تجمع الجيران وأخبروهم أن لصاً قتل شحاتة. لحد ما المباحث جت واكتشفت الواقعة. تم إخطار اللواء محمد الشرقاوى، مدير الإدارة العامة للمباحث، والمستشار أحمد البحراوى، المحامى العام الأول لنيابات جنوبالجيزة، وباشر التحقيقات، وانتقل للواقعة محمد هانى، مدير نيابة الصف الذى استمع لأقوال الزوجة التى اعترفت بجريمتها تفصيلياً بحضور هانى شتا، رئيس النيابة، وخلال إدلاء المتهمة بأقوالها بدت متماسكة، تروى تفاصيلها ببرود أعصاب وعندما تعرضت للحظة طعن القتيل فى بطنه قالت: «شفت مصارينه بتقع لى الأرض، مخفتش فى الأول، بس شكلها كان عامل زى تعابين عليها دم.. وده رعبنى، بس مسكت نفسى عشان بنتى وقلت لها أبوكى يستاهل أكتر من كده كمان.. بصيت لعنيها، شفت دموع، قلت لها: لو مضحكتيش وشمتى فيه، هتفضلى طول عمرك هبلة وخايبة».