اعتبر المبعوث الدولي كوفي انان ان خطته قد تكون "الفرصة الاخيرة لتجنب حرب اهلية" في سوريا حيث قتل ستة مدنيين الثلاثاء على الاقل برصاص القوات النظامية، غداة انتخابات تشريعية وصفتها الدول الغربية والمعارضة بانها "مهزلة". وقال مبعوث الاممالمتحدة وجامعة الدول العربية كوفي انان الثلاثاء امام مجلس الامن الدولي ان خطته بشأن سوريا قد تكون "الفرصة الاخيرة لتجنب الحرب الاهلية" في هذا البلد، كما نقل عنه دبلوماسيون. لكن انان، الذي ادلى بهذا التصريح خلال احاطته مجلس الامن بما آلت اليه وساطته في سوريا، حذر من ان مهمته "ليست فرصة مفتوحة الى ما لا نهاية". وبحسب دبلوماسيين تابعوا الكلمة، فإن انان عبر عن خشيته ازاء تزايد انتهاكات حقوق الانسان والاعتقالات والتعذيب في هذا البلد. ولفت خصوصا الى ان السلطات اعتقلت شخصيات معروفة بانها من دعاة اللاعنف. واشار انان الى "تقدم محدود" في تطبيق خطته على المستوى العسكري، مؤكدا في الوقت نفسه ان القوات الحكومية تستمر في "ممارسة الضغط على الشعب بشكل اكثر تحفظا". ودعا الى اطلاق حوار سياسي بين الحكم والمعارضة في سوريا، وهو من اهداف خطته. واضاف ان وجود مراقبين من الاممالمتحدة في سوريا يهدف الى "توفير الظروف الملائمة لتسهيل تقدم سياسي". من جهتها، قالت المندوبة الاميركية في الاممالمتحدة سوزان رايس الثلاثاء ان الولاياتالمتحدة ما زالت مصرة على تشديد الضغوط على الرئيس السوري بشار الاسد كي يرحل عن السلطة. وقالت رايس امام الصحافيين بعد اجتماع مجلس الامن الذي شارك فيه انان عبر الفيديو من جنيف ان "الوضع في سوريا لا يزال صعبا للغاية وخاصة بالنسبة للملايين الذي يتعرضون كل يوم للهجمات والذين يحتاجون الى مساعدة انسانية عاجلة". وشددت رايس على ان "الولاياتالمتحدة ما زالت مصرة على تشديد الضغوط على نظام الاسد وعلى الاسد نفسه حتى يرحل عن السلطة". وكان دبلوماسي غربي في الاممالمتحدة قال قبل ساعات من كلمة المبعوث الدولي "سنرى ان كان انان سيقدم مؤشرات على ان خطته لا تعمل". وقال دبلوماسي اخر "من الصعب التصور ان بامكان المعارضة الموافقة على الحوار (مع الحكومة السورية) اذا كانت تتعرض لاطلاق نار وقصف وتعذيب". وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ندد عشية هذا الاجتماع ب"وحشية" قوات الرئيس بشار الاسد مشيرا كذلك الى ان الهجمات التي تنفذها المعارضة المسلحة قد "تكثفت". وقال "نحن نقوم بسباق مع الزمن لتحاشي وقوع حرب اهلية حقيقية مع سقوط ضحايا باعداد كبيرة"، معتبرا ايضا ان الحكومة السورية قد تستغل وجود مراقبي الاممالمتحدة لمواصلة قمعها. ودعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء في روما لزيادة عدد مراقبي الاممالمتحدة في سوريا. وقال خلال لقاء صحافي مع نظيره الايطالي ماريو مونتي "نحن بحاجة الى الف او الفين وربما ثلاثة آلاف مراقب، اي مهمة كبيرة قادرة على تفقد البلاد باكملها ورؤية ما يجري فيها". واضاف "نحن ندعم خطة انان لكن اذا سألني احدهم عن آمالي فاني ساجيب اني فقدت كل امل" تجاه سلطات سوريا. ويعمل على مراقبة وقف اطلاق النار في سوريا حوالى ستين مراقبا، على ان يرتفع عددهم في الاسابيع المقبلة الى ثلاثمائة. وفي ظل استمرار اعمال العنف، دعا رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر جاكوب كيلنبرغر الثلاثاء الى زيادة تمويل عمليات اللجنة في سوريا وتحسين امكانات تدخلها في هذا النزاع. ويزداد عدد اللاجئين السوريين الواصلين الى شمال العراق حيث توزع المنظمة الدولية للهجرة المساعدات عليهم، بحسب ما اعلن الثلاثاء متحدث باسم المنظمة في جنيف. ووصلت الى مخيم دوميز للاجئين في محافظة دهوك شمال العراق نحو 98 اسرة سورية فرت من اعمال العنف في بلادها وتلقت مساعدة المنظمة التي تعمل في شراكة مع المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة. وتشير تقديرات مكتب منظمة الهجرة في دهوك الى ان نحو سبعة آلاف لاجىء اضافي يمكن ان يصلوا الى مخيم دوميز الشهر القادم. وفي عمان، قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة الثلاثاء ان عدد اللاجئين السوريين المسجلين لديها في الاردن بلغ 14 الفا و500 لاجىء. وقدرت المفوضية عدد اللاجئين المسجلين لديها ممن فروا من سوريا هربا من العنف منذ بداية الأزمة الى الأردن ولبنان وتركيا والعراق باكثر من 55 الفا حتى منتصف نيسان/ابريل الماضي "ما يضع عبئا متزايدا على الحكومات والمجتمعات". ويقول الاردن ان حوالى مئة الف سوري دخلوا المملكة منذ اندلاع الاحداث في سوريا. من جهة اخرى، قال وزير النفط والثروة المعدنية السوري سفيان علاو ان بلاده تكبدت خسائر نتيجة العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة على القطاع النفطي تقدر باكثر من ثلاثة مليارات دولار اميركي. وجرت في سوريا الاثنين اول انتخابات "تعددية" منذ خمسة عقود تنظمها السلطات، في حين سارعت المعارضة الى وصفها بانها "مهزلة" ودعت الى مقاطعتها. واشارت الصحف السورية الثلاثاء الى "المصادفة" التي حملها السابع من ايار/مايو الذي شهد "هزيمة نكراء" للرئيس الفرنسي المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي، وتسلم فلاديمير بوتين ولايته الرئاسية في روسيا، و"المشاركة الواسعة" في الانتخابات التشريعية في سوريا. وذكرت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم ان "يوم السابع من ايار/مايو شهد تحولات عالمية جذرية وجملة معطيات، اجتمعت اتفاقا ربما أو كشرط تاريخي، لكنها تصب حتميا في صالح القضية التي يخوضها السوريون في دفاعهم عن مستقبلهم". ميدانيا، واصلت القوات النظامية عملياتها العسكرية والامنية في عدد من المناطق الثلاثاء ما ادى الى مقتل 12 مدنيا وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. فقد قتل فلسطيني برصاص طائش من القوات النظامية في برزة في دمشق، فيما قتل اربعة مدنيين في محافظة ادلب (شمال غرب) وسبعة في محافظة حمص (وسط). واضاف المرصد "استشهد مواطن في مدينة حماة متاثرا بجروح اصيب بها مساء الاثنين، وفي محافظة دير الزور عثر في نهر الفرات على جثمان مواطن قرب مدينة الميادين كان قد اعتقل قبل يومين، كما عثر مساء الثلاثاء في مدينة دير الزور على جثة رجل مجهول الهوية". وقالت لجان التنسيق المحلية ان بلدة قلعة الحصن القريبة من الحدود اللبنانية تعرضت الثلاثاء لقصف عنيف مصدره القوات النظامية. وفي ريف دمشق، نفذت قوات الامن الثلاثاء حملة مداهمات واعتقالات في مدينة دوما "واعتقلت مجموعة من الشبان واقتادتهم الى مكان مجهول" بحسب المرصد. وافادت لجان التنسيق المحلية ان قوات الامن مدعومة بالدبابات والاليات العسكرية تشن حملة مداهمات في الزبداني. وفي حماة وسط البلاد، افادت الناطقة باسم المكتب الاعلامي للثورة في حماة مريم الحموية ان القوات النظامية "قصفت بالمدافع والرشاشات الثقيلة بلدة قلعة المضيق التي تشهد احتجاجات مستمرة والواقعة على مقربة من ريف ادلب الذي يعد أكثر المناطق سخونة في سوريا". وفي جنوب البلاد، افادت لجان التنسيق باستمرار الاضراب لليوم الثاني في درعا احتجاجا على تنظيم الانتخابات التشريعية الثلاثاء في ظل اعمال العنف، كما خرجت تظاهرة حاشدة في طفس (ريف درعا) رفعت فيها لافتات "الشعب السوري واحد والطائفية لا تعنينا"، وردد المتظاهرون هتافات للمدن المحاصرة. وافاد المرصد بحملة مداهمات للقوات النظامية واطلاق نار في درعا. وياتي ذلك غداة مقتل 27 شخصا بينهم مدنيون وعسكريون في الجيش النظامي ومنشقون في اعمال عنف ومواجهات في مناطق سورية عدة رغم دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ في الثاني عشر من نيسان/ابريل، وبوجود عشرات المراقبين الدوليين في سوريا. وقتل في سوريا منذ اعلان وقف النار 831 شخصا من بينهم 589 مدنيا، لترتفع حصيلة القتلى منذ بدء الاحتجاجات الى 11925 شخصا من بينهم 8515 مدنيا بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.