حين حوصرت الدعوة الإسلامية في مكة.. أوحي الله تبارك وتعالي لرسوله بالهجرة.. وهكذا تحرك النبي صلي الله عليه وسلم وخرج من مكة قاصدا المدينة.. كان له في المدينة أنصار.. ولقد لعب موقف الأنصار من المهاجرين دوره في بناء الإسلام, ولولا نبل الأنصار وصدقهم مع الرسول لما تحقق النصر للإسلام. كانت الهجرة تضحية من تضحيات المهاجرين وبذلهم في الإسلام.. إن المهاجر يترك بيته.. وعمله.. ورزقه وأقاربه وأصدقاءه ويخرج من هذا كله إلي عالم جديد مجهول تماما.. عالم لا علاقة له به.. ولا صلة تربطه به.. ولا مجال فيه لرزق أو كسب أو منفعة. وقد أدرك الرسول هذه الحقيقة, وأدرك صعوبة موقف المهاجرين, ومن ثم فقد دعا إلي الأخوة بين المهاجرين والأنصار, وأبدي الأنصار من معاني النبل ما يصعب وصفه. يروي البخاري عن نبل الأنصار القصة التالية: لما قدموا إلي المدينة آخي رسول الله صلي الله عليه وسلم بين عبدالرحمن بن عوف وسعد بن الربيع.. قال سعد الأنصاري لعبد الرحمن المهاجر: أنا أكثر الأنصار مالا وقد قسمت مالي نصفين, نصف لك ونصف لي.. ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي لكي أطلقها فإذا انقضت عدتها تتزوجها.. نريد أن نتوقف هنا قليلا لنسأل: أي أخ حقيقي من صلب أب واحد ورحم أم واحدة, يفعل ما فعله سعد الأنصاري تجاه عبدالرحمن المهاجر؟!.. كان موقف الأنصار قمة في السمو.. ولكن ماذا عن موقف المهاجرين أيضا؟! * نقلا عن جريدة الاهرام المصرية