رفعت مؤخرًا الولاياتالمتحدةالأمريكية شعار الحرب على جماعة الإخوان، بتصنيفها منظمة إرهابية، إلا أنها كلما اتخذت هذا القرار، تظل واقفة مكانها لا تراوحه بين التصريحات المتناقضة والمشاريع المؤجلة؛ ففي كل مرة يُطرح فيها مشروع قانون لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، تماطل، وكأن يدًا خفية لعبت من خلف ستار وأعادت هذا القرار بتصنيفها كجماعة إرهابية مرة أخرى إلى الأدراج، لتبقى الجماعة الإرهابية ورقة ضغط تستخدمها واشنطن في لعبة التوازنات الإقليمية، فهل تتردد أمريكا بسبب تعقيدات قانونية وتشابكات سياسية؟ أم أن الجماعة تؤدي دورًا وظيفيًا في الاستراتيجية الأمريكية يعوق اتخاذ القرار؟!، في هذا التحقيق نستعرض آراء خبراء في شئون الجماعات المتطرفة والإرهاب، يرصدون، يحللون طبيعة العلاقة بين أمريكا والإخوان، ويفندون الدلالات الخفية وراء التصريحات المتكررة بإدراج الجماعة على قوائم الإرهاب ثم التراجع عنها، كما نسلط الضوء على الأهداف السياسية الكامنة وراء تأجيل القرار، وما إذا كانت الولاياتالمتحدة تستعد لاستخدام الجماعة مجددًا في مخطط جديد بالمنطقة، وهل تقترب بالفعل مواجهة سياسية وأمنية مع جماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها في الولاياتالمتحدة وما تبعات ذلك؟!.. أسئلة كثيرة إجابتها في السطور التالية. ■ ماركو روبيو ◄ ماركو روبيو القرار سيأخذ وقتًا طويلا! ◄ لماذا تخشى واشنطن تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي؟! وكأنهما شيطان وتلميذه، كل منهما يتبادلان المقترحات الشيطانية، كلاهما يتبارزان في مخططات شيطانية، هكذا تكون طبيعة العلاقة بين أمريكا وجماعة الإخوان، او هكذا أراها، ووضح ذلك جليًا، بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن تحركات جادة تقوم بها إدارته لتصنيف جماعة الإخوان، كمنظمة إرهابية، لكن بعدها بقليل أخذ يفند الأسباب التي ربما تجعل هذا القرار يأخذ بعض الوقت؛ حيث يجهز ملفًا من الأدلة القانونية والوثائقية الكافية لتجنب أيّ طعون قضائية محتملة على القرار، بما يضمن تحصينه أمام القضاء الأمريكي، المعروف بصرامته في مسائل الحريات المدنية وحرية التنظيم على حد وصفه، هذا الإعلان، الذي جاء خلال مقابلة لروبيو في برنامج «سِيد أند فريندز إن ذا مورنينج»، لم يكن مجرّد تصريح عابر، بل بدا أقرب إلى رسالة مزدوجة، موجهة إلى الداخل الأمريكي من جهة، وإلى الشرق الأوسط من جهة أخرى وحلفائه، تؤكد أنّ واشنطن تتهيأ لخطوة غير مسبوقة في تاريخ علاقتها المعقدة مع التنظيم الدولي للإخوان، لكن ليس بغريب على الأمريكان هذا الدور فأكثر من 12 مرة صرحوا بتصنيف الإخوان إرهابية ثم وضعوا القرار في ثلاجة القرارات الميتة! ■ منير أديب ◄ منير أديب: واشنطن ليست جادة لأنها تستخدم الإخوان لتحقيق أهدافها ◄ انقلاب على الحلفاء السابقين! في هذا الشأن يقول منير أديب الباحث في شئون الجماعات المتطرفة: إن الولاياتالمتحدةالأمريكية غير جادة في وضع جماعة الإخوان على القوائم السوداء للإرهاب، ربما لأسباب سياسية لها علاقة باستخدام هذه الجماعة وغيرها من الجماعات الدينية المتطرفة، كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت تستخدم من قبل جماعات التمرد والتطرف للضغط على الأنظمة السياسية المستقرة في المنطقة العربية ومن هنا يأتي منطق استخدام جماعات العنف والتطرف والتمرد المعروفة بجماعات حقوق الإنسان لذلك أمريكا لا تبدو جادة في وضع الإخوان وتصنيفها كجماعة إرهابية، وعلى قوائم الإرهاب منذ فترة طويلة خاصة وأن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي تيد كروز تقدم بمشروع قانون جديد أمام الكونجرس عنوانه قانون تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية لعام 2025، والذي يمنح وزارة الخارجية سلطات موسعة لإدراج الفروع المرتبطة بالجماعة على قوائم الإرهاب. ووفق وثائق وزعها مكتبه، سيتعين على الوزارة إعداد قائمة شاملة بهذه الكيانات خلال 90 يومًا من إقرار القانون. وأوضح أديب أن كروز تقدم بهذا الطلب أكثر من 12 مرة لكن يتم إبطال القرار ولا يصدر تشريع من الكونجرس الأمريكي بوضع الإخوان على قوائم الإرهاب، ونوه إلى أن الولاياتالمتحدة باتت الآن جادة فيما يتعلق بوضع الإخوان على قوائم الإرهاب وتصنيفها إرهابية، لأمور تتعلق بأن أمريكا تريد تغيير خريطة الشرق الأوسط ومن ثم إعادة رسم هذه الخريطة يعني الانقلاب على الحلفاء السابقين ومن ضمن الحلفاء التنظيمات الإرهابية والمتطرفة وفي القلب منها جماعة الإخوان، إذا قد يكون الوعد الأمريكي بوضع الإخوان على قوائم الإرهاب هو محاولة استخدام أكبر للإخوان من قبل واشنطن ربما في إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط وهذا يبدو واضحا من التعاون الوثيق مع هذه الجماعة المتطرفة والدعم الذي كان ومازال يقدم لهذا التنظيم الإرهابي وبدا هذا ظاهرًا عبر مظاهرات قام بها الإخوان في تل أبيب أمام السفارة المصرية، الأمر الثاني قد يكون نية وإرادة أمريكية من تغيير الخريطة ومن ثم وضع الإخوان على قوائم الإرهاب تمهيدًا لتغيير الخريطة ومن ثم إعطاء الفرصة لعودة الإخوان للعودة إلى المشهد من جديد وكأنهم يعيدون الصورة من جديد استلهامًا من التجرية السورية واستحضارًا لهذه التجربة التي وضع فيها الجولاني على قوائم الإرهاب ثم باركت الولاياتالمتحدة وصوله لسدة الحكم وقيامه بقيادة سوريا وهو الآن موجود في قصر الشعب، ونوه أديب أن واشنطن تريد بذلك أن تضغط على أنظمة سياسية مستقرة في المنطقة العربية وتريد أن تغير ملامح هذه المنطقة وتريد أن تضغط على الجيوش العسكرية في هذه المنطقة ولهذا تستخدم هذه التنظيمات المتطرفة في لعبة خبيثة منها، ومن هذه التنظيمات جماعة الإخوان الإرهابية ولكن أرى أن فكرة وضع الإخوان على قوائم الإرهاب قد تكون محبذة من الناحية القانونية والقضائية وقد تكون هناك ضغوط على البيت الأبيض بخصوص هذه التسمية ووضع الإخوان على قوائم الإرهاب وتصنيفها كجماعة إرهابية ولكن سياسيًا الولاياتالمتحدة كانت ومازالت تستخدم هذه التنظيمات وجماعة الإخوان على وجه التحديد في الضغط على الأنظمة العربية المستقرة في المنطقة العربية، لذلك توظف هذه التنظيمات الإرهابية واستخدامها واستثمار وجودها لتحقيق هذا الهدف لذلك فوجئنا أن البيت الأبيض يخرج بتصريحات بين الوقت والآخر بإمكانية وضع التنظيم على قوائم الإرهاب وتصنيفها كجماعة إرهابية، وربما التصريح الأخير الذي أدلى به وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو فيما يتعلق بأن واشنطن عازمة على وضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب وتصنيفها كمنظمة إرهابية ولكن هذا يبدو أنه سيأخذ وقتا طويلا خاصة وقد يكون هناك معوقات وأشياء تحول ذلك ربما قضائيًا. ◄ اقرأ أيضًا | علامة استفهام لماذا تتلكأ الدول الكبرى فى تصنيف الإخوان جماعة إرهابية ■ ماهر فرغلي ◄ ماهر فرغلي: أمريكاوبريطانيا وإسرائيل يوظفون الجماعة لخدمة مصالحهم السياسية ◄ تقويض الإرهاب أما ماهر فرغلي، الباحث في الباحث في شئون الحركات الإرهابية فيقول: إن إعلان روبيو مؤخرا عن أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تجري مراجعة بصدد تصنيف جماعة «الإخوان» منظمة إرهابية، له أسبابه ودلالاته من بينها أنها بذلك تقوض جهود مكافحة الإرهاب، وسيكون له أثره بأن هناك الكثير منهم الذي يتجه إلى داعش وآخرون إلى القاعدة، لهذا تماطل أمريكا في إصدار مثل هذا القرار، وشاهدنا أن روبيو وزير الخارجية الأمريكي أشار إلى أن هناك عملية داخلية تتضمن إجراء مراجعة، وتوثيقها وتبريرها، بغية «التأكد من صحة الأمر»، ويجب علينا أن نكون حذرين للغاية على حد وصف روبيو، الذي أضاف، نحن نراجع باستمرار الجماعات التي نحددها على حقيقتها، داعمون للإرهاب، وربما إرهابيون أنفسهم، أياً كان، لم نفعل هذا منذ فترة طويلة، لذا أمامنا الكثير لنُكمله، منوها أنه ذكر بعض الأسماء، خصوصًا جماعة «الإخوان»، التي تُثير قلقًا بالغًا، ويوضح ماهر فرغلي، أن قرار تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية سيأخذ الكثير من الوقت لأن الجماعة أمريكا توظفها سياسيًا وليست وحدها ولكن بريطانيا وإسرائيل أيضا، لهذا فإن قرار مثل هذا بتصنيفها جماعة إرهابية يتم دراسته على جميع الجوانب، ومن هنا تأتي المماطلة والتأخر في كونها منظمة أو جماعة إرهابية، وخصوصا أن هذا القرار سوف سيرعب الكثير من التنظيمات الأخرى وربما يُحدث ذلك قلقا كبيرًا، فالعلاقة بين أمريكا وجماعة الإخوان قديمة مثل روزفلت. وأوضح الباحث في شئون الحركات الإرهابية؛ أن جماعة الإخوان توجد في دول كثيرة بالعالم وحينما يتم إعلانها منظمة إرهابية من قبل أمريكا السؤال هنا كيف يشمل القرار الإخوان وخاصة أن اسم جماعة الإخوان يوجد في مصر فقط، بينما في اليمن باسم التجمع اليمني للإصلاح، وفي الجزائر حركة مجتمع السلم، وفي الأردن حزب جبهة العمل وأيضا جمعية الإخوان، بينما في تونس يطلق عليها حركة النهضة، فهي في كل بلد باسم مختلف فكيف يتم تصنيفها، فالأمر معقد، لكثرة أفرعها على مستوى العالم، كما أنه في حال إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصنفها كمنظمة إرهابية سوف تعمل تحت أسماء أخرى ومسميات أخرى ومن هنا تأتي الأزمة لهذا كانت تصريحات وزير الخارجية الأمريكية تشوبها نوع من التعجل وهذا ظهر جليا في تصريحاته بعد ذلك حينما قال إن «هذا قيد الإعداد»، موضحًا أن هناك فروعًا مختلفة لجماعة «الإخوان»، وبالتالي «يجب تصنيف كل فرع منها منظمة إرهابية»، وإشارته إلى التحديات القانونية التي حالت حتى الآن دون فرض عقوبات على جماعة الإخوان، متوقعا أن يحصل طعن في هذا التصنيف بالمحكمة، لأنه يمكن لأي جماعة أن تقول :»حسنا.. أنا لست إرهابية»، وقال روبيو «عليك إظهار أوراقكعند مثولك بالمحكمة»، لهذا يتم دراسة هذا القرار. ◄ الكتاتني: الاستخبارات الأمريكية لديها معلومات كاملة عن جرائم الجماعة ولكنها تستخدمها كورقة ضغط ■ إسلام الكتاتني ◄ ورقة للعب تأخر أمريكا في إعلان قرار تصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، له أسباب كثيرة، هكذا بدأ إسلام الكاتني الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة والإرهابية، منوهًا إلى أن إذا أعلن عن كون جماعة الإخوان منظمة إرهابية، تكون الولاياتالمتحدةالأمريكية بهذا تتخلى عنها بشكل صريح، لكنها لا تريد ذلك، فهي بالأساس تستخدم تنظيم الإخوان كورقة تلوح بها بين الفترة والأخرى، وهنا أشار الكتاتني إلى أن أمريكا تستخدم جماعة الإخوان حاليا كورقة ضغط في موضوع حركة حماس لأنها تعلم جيدا طبيعة العلاقة بين حماس والإخوان. وأوضح الباحث في شئون الحركات الإرهابية إسلام الكتاتني؛ أن قرار إدراج جماعة الإخوان كجماعة إرهابية قرارا سهلا جدا بالنسبة لأمريكا إذ أن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب الآن تمتلك أغلبية في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، فترامب في ولايته الأولى أشار إلى ذلك لكنه كان لا يمتلك أغلبية في الكونجرس إذ أنه وقتها كانت الأغلبية للجمهوريين في الشيوخ فقط، لكن الآن الأمر بالعكس والقرار الآن سهل، ولا يحتاج لمعلومات، فالاستخبارات الأمريكية لديها معلومات كاملة عن جماعة الإخوان على مستوى العالم، مشيرًا إلى أنها ورقة ضغط مهمة للأمريكان، فعلاقة جماعة الإخوان بأمريكا مبنية على تنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة، لهذا سوف يتم تسويف هذا القرار والأيام القادمة ستكشف. وأضاف إسلام الكتاتني؛ أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يتوقع رد فعله، فهو ليس سياسيًا عاديا، ولا تستطيع أن تتوقع منه أمرًا بعينه، فالآن بإمكانه أن يمدح والغد يحدث منه الأمر المعاكس لذلك تماما، فهو ليس لديه أفق سياسي مثل أي سياسي يمارس السياسة فهو قادم من خانة رجال الأعمال والمال إلى السياسة لهذا فتركيبته مختلفة وقراراته ليست متوقعة، ومثل هذا القرار بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية متوقف على ترامب نفسه، إذا استرجعنا الماضي بولايته الأولى سنجده ذكر جماعة الإخوان بكلام سلبي وكيف لأوباما أن يتعاون معهم ويستخدمهم، لكن في نفس التوقيت الإخوان في سوريا يلعب بهم كما يؤيد الإخوان الجولاني ويحققون مصالح في سوريا، وهنا السؤال كيف تستغني أمريكا عن الإخوان وتصنفهم إرهابيين، ربما يكون استخدام جديد لتنفيذ بعض المطالب في مناطق بعينها، ولكن أرى أن استخدام أمريكا في هذا التوقيت للضغط على حماس والتنظيم الدولي للإخوان وحماس جميعهم إخوان، منوها إلى أن ذلك لا يتعارض مع فكرة تعديل ميثاق حماس بأنها تنتمي فكريا ولا تنتمي كليا للجماعة الإخوانية. وأنهى إسلام الكتاتني قائلا: إذا ترامب اتخذ قرار تصنيف جماعة الإخوان كونها منظمة إرهابية سيتم التضييق عليهم وعلى مؤسساتهم ومراكزهم على مستوى العالم، حيث ستوضع جميع أموالهم ومؤسساتهم تحت أمريكا فالقرار الصادر من أمريكا هنا يختلف عن قرار صدر من دولة اخرى، وسيكون لهذا القرار تأثيرا كبيرا على الإخوان وتنظيمهم سلبًا، فعلينا أن ننتظر قرار أمريكا.