بعد حالات دفن المصابين بالايدز وهم أحياء التي سجلت في بابوا غينيا الجديدة هاهي حكومة جنوب أفريقيا ترتكب انتهاكا آخر لحقوق الإنسان لا يقل بشاعة وقساوة عن الأول وهو فرض حجر صحي على مرضى السل . وقد وصف المعنيون والناقدون هذه الخطوة بالانتهاك 'الصارخ' لحقوق الإنسان والأخلاقيات الطبية. ويقبع المصابون بمرض السل في جنوب أفريقيا داخل مبنى تحيط به الأسلاك الشائكة تحت حراسة دائمة لإحباط أي محاولات للهرب من المكان. وصاحب انتشار وباء 'الايدز' تفشي مرض السل Tuberculosis وظهور سلالة جديدة شرسة منه مقاومة للعلاج المتوفر. ويبلغ تعداد المصابين بمرض السل في جنوب أفريقيا 343 ألف مريض، بينهم قرابة 6 آلاف حالة مقاومة للعلاج، وفق إحصائية حكومية عام 2006، وهي أول حصيلة رسمية يكشف عنها حول أعداد المصابين بهذه السلالة من المرض الذي يطلق عليه Drug-resistant Tuberculosis أو XDR-TB. وتفشل الوسائل الطبية المتبعة، وباستخدام تقنيات بالية، في تحديد المصابين بالسل من بين المصابين بفيروس مرض نقص المناعة المكتسبة HIV إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن نحو 60% من مرضى السل في جنوب أفريقيا يحملون فيروس الايدز. وتأتي التطورات الأخيرة عقب فترة وجيزة من إطلاق خبراء دوليين لتحذيرات من أن ظهور فئة غير قابلة للعلاج لمرض السل بات تهديدا حقيقيا، مع تكرار إظهار المرض مقاومة للعقاقير. وقال رئيس قسم مرض السل في منظمة الصحة العالمية ماريو رافيلوني قوله إنه من دون شك فإن التهديد واضح وحقيقي، في إشارة إلى تزايد ظاهرة عودة المرض في العديد من أصقاع العالم. 2مليار مصاب: وعقدت منظمة الصحة مؤخرا مؤتمرا في جنوب أفريقيا لدراسة واقع المرض وقال الخبير الدولي إنه ورغم أن الاحتمال الكارثي يبدو غير ممكن إلا أنه ليس مستحيلا أيضا. وتظهر الأرقام أن نحو ملياري شخص حول العالم يحملون الجرثومة الخامدة للسل ويموت منهم أكثر من مليون ونصف مليون شخص، من ضمنهم مرضى الإيدز الذين يفتقدون إلى المناعة الضرورية. وسبق لمنظمة الصحة العالمية أن دعت إلى 'إجراءات استثنائية عاجلة' للوقاية من كارثة انتشار مرض السل في القارة الأفريقية. حيث أكثر من نصف مليون أفريقي يلقون حتفهم كل عام بسبب المرض وفي 15 سنة تضاعف عدد المرضى أربع مرات في 18 دولة، ليبلغ قرابة 2.5 مليون شخص. مرضى يدفنون وهم أحياء: وكانت الناشطة مارجريت مارابي، التي قضت أشهرا تتنقل بين دول وقرى القارة الأفريقية لتثقيف السكان حول مخاطر الايدز، هي التي كشفت عن حالات دفن مصابين بالايدز أحياء في بابوا. وتقول إن أقارب المرضى هم الذين يقومون بدفنهم مخافة انتقال العدوى إليهم أو بسبب عجزهم عن العناية بهم. وقالت الناشطة إنها شهدت ثلاث حالات دفن فيها المرضى وهم لا زالوا يتنفسون وأضافت أن السكان اخبروها بأن هذه الممارسات تعتبر اعتيادية. يذكر أن بابوا غينيا الجديدة مبتلاة بأعلى نسبة إصابة بمرض الايدز في منطقة حوض المحيط الهادئ، حيث تشير التقديرات إلى أن 2% من البالغين فيها مصابون بالمرض كما تشهد نسبة تشخيص الإصابة ارتفاعا سنويا يناهز 30%.