أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولى أن مصر باعتبارها دولة مصب تعنى فى نظر القانون والفقه الدولى والمعاهدات الدولية نظرة خاصة حيث يوليها اعتبارا متفردا، مشيرا الى أن اتفاقية عام 1929 التى أبرمتها بريطانيا الاستعمارية وحددت حقوق مصر القانونية فى مياه النيل نصت "ليست على كلمة مصر فقط ولكن بوصفها دولة مصب". وقال سلامة - فى تصريحات له قبيل المباحثات التى انطلقت فى القاهرة الاحد بين مصر وعدد من دول حوض نهر النيل - إن هذه المسالة لا تنطبق فقط على نهر النيل فى القانون الدولى، ولكنها تنطبق على كل دولة مصب للأنهار الدولية، وإذا كانت هناك دولة بحاجة الى المياه من دول حوض النيل، وحدثت لديها ظروف جوهرية، فستكون مصر نظرا لاحتياجاتها المتزايدة من المياه وعمليات التنمية. وأشار إلى أن دول حوض نهر النيل تدفع بنظرية التغير الجوهرى فى الظروف والتى تعنى أن هذه الدول قد طرأت عليها تغيرات اقتصادية وتنموية كبيرة منها الحاجة إلى المياه والزراعة والرعى والجفاف، ومن ثم تستند هذه الدول إلى تلك النظرية للتحلل من التزاماتها القانونية الواردة فى اتفاقية عام 1929. وقال إن القانون الدولى يتفق مع هذه النظرية ولكن بشروط أولها موافقة باقى الدول الأطراف فى هذه المعاهدة الدولية سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف، وثانيها أن تقوم هذه الدول التى تستند إلى هذه النظرية لإثبات أن هناك ظروفا جوهرية فعلية قد طرأت عليها وتجعلها لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها. وأشار الدكتور أيمن سلامة إلى أن الدافع المهم فى هذا المجال، يتمثل فى الموقف الذى ابتدعته تنزانيا فور استقلالها، وهو المبدأ الذى يسمى (هارمون) ويعنى أن دولة النهر الدولى لها سيادة مطلقة فى التصرف كيف تشاء فى ذلك الجزء من النهر الدولى المار فى إقليمها دونما اعتبار لاحتياجات ومطالب باقى الدول المتشاطئة والمشتركة فى هذا النهر الدولى. وقد ابتدعته امريكا فى القرن التاسع عشر ثم عزفت عنه يسبب مشاكل دولية وهو ما تواتر عليه العمل فى كافة المنتديات القانونية الدولية ولم تقره لا محاكم التحكيم الدولية ولا محكمة العدل الدولية. وتشير دراسات قانونية إلى أن اتفاقية عام 1929 حددت لمصر الحق فى الاعتراض (الفيتو) فى حالة إنشاء الدول المشتركة معها فى نهر النيل على أية مشروعات مائية على النهر من شانها تهدد مصالح مصر وحقها فى المياه. وقد طالبت دول حوض نهر النيل بإعادة النظر فى هذه الاتفاقيات القديمة بدعوى أن الحكومات القومية لهذه الدول لم توقع عليها , لكن الرد المصرى كان دوما يؤكد أنها حقوق مكتسبة ولابد من احترامها وإلا تحولت القارة الأفريقية إلى حالة من عدم الاستقرار والفوضى. وقد برزت بشدة فى السنوات الأخيرة فكرة حصحصة مياه النيل والتى من شأنها أن أثارت خلافات بين الدول , والمتتبع لاتفاقيات المياه التى وقعت منذ القدم يرى أنها كانت تدور حول استخدام مياه نهر النيل بما يعود بالنفع على كل دول الحوض دون المساس بحقوق دولة المصب وهى مصر على مدار التاريخ.