تعقد القمة العربية المقبلة بالعاصمة السعودية الرياض فى 28-29 من مارس الحالى برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وبمشاركة عدد كبير من الزعماء العرب باستثناء الرئيس الليبى العقيد معمر القذافى الذى اعتذر عن عدم المشاركة وذلك رغم الأنباء التى تتردد حول جهود واتصالات تجرى لعقد قمة رباعية ومصالحة تعيد ليبيا إلى مقعدها بالقمة . تنعقد قمة الرياض وسط توترات وأزمات عربية وملفات سياسية ساخنة مثل العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال ، وقد عبر عن ذلك عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية بأن القمة تعقد فى خضم وضع إقليمى مفعم بالمشاكل غير المسبوقة فى حدتها وعمقها وعددها وواقع تزداد أزماته حدة وتعقيداً واتساعاً ، وفى نفس الوقت فإن الجهود العربية مستمرة لحين انعقاد القمة العربية والتى سبقتها جهود لدعم القضية الفلسطينية باتفاق مكةالمكرمة ودعم مبادرة السلام العربية والتى استبعدت المصادر العربية فكرة تعديلها وكذلك الجهود لحل الأزمة اللبنانية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية . يعلق الكثيرون الآمال على قمة الرياض بأن تكون مختلفة عن القمم العادية ال 18 التى سبقتها بإصدار قرارات لا يتم تنفيذها ، ولذلك فالأهم هو القرارات التى ستنفذ ويشعر بجدواها المواطن العربى من المحيط للخليج لتكون قمة الرياض والقمم الأخرى ليست مجرد حبر على ورق ولكن قمة تغير الكثير من أوضاعنا العربية. ويرى المحللون أن مبادرة السلام العربية خطفت الأضواء من كل البنود المهمة المطروحة على جدول أعمال القمة العربية بالرياض رغم أنه تم إقرارها فى قمة بيروت 2002 أى منذ خمس سنوات وذلك للمحاولات الإسرائيلية وكذلك الضغوط الأمريكية لإدخال تعديلات عليها خاصة فيما يتعلق بحق عودة اللاجئين وحدود يونيو 1967 . ويتخوف البعض من أن بعض الأطراف العربية تحاول طرح الأفكار حول إمكان إجراء بعض هذه التعديلات بحجة أنها ضرورة للالتقاء مع إسرائيل فى منتصف الطريق بعد أن أعلنت على لسان رئيس وزرائها إيهود أولمرت ووزيرة خارجيتها تسيبى ليفنى بأن المبادرة العربية بها بعض العناصر الإيجابية وأنه ينبغى التعامل معها بمنتهى الجدية ، إلا أن كل التصريحات العربية استبعدت فكرة طرح أو القبول بهذه التعديلات على مبادرة السلام العربية والإشارة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذى تعقد القمة فى بلده السعودية وتحت رئاسته هو صاحب هذه المبادرة التى تقدم به لقمة بيروت عام 2002 عندما كان ولياً للعهد . إنه رغم انعقاد 29 قمة عربية سابقة بين عادية وطارئة واستثنائية بداية من قمة أنشاص فى مصر عام 1946 ، إلا أن مطالب وطموحات وآمال الشعوب العربية لا تزال تسبق إمكانات وقدرات وقرارات تلك القمم ، ولذلك مطلوب من القادة العرب المشاركة فى هذه القمة وأن يتبنوا مواقف تعكس نبض شعوبهم تجاه ما يحدث فى فلسطين والعراق ولبنان والسودان والصومال وأن يضعوا مصلحة العرب فوق كل اعتبار وذلك حفاظاً على استقلالية القرار واحترام الإرادة العربية . وتتهم الشعوب العربية القمم العربية المختلفة بالفشل فى تنفيذ أى استراتيجية يتم الاتفاق عليها للتعامل مع التحديات الكبرى التى واجهت الأمة العربية على مدى أكثر من نصف قرن ، والسؤال هو .. هل تنجح القمة العربية بالرياض فى وضع هذه الاستراتيجية .. ؟ ** جدول أعمال القمة العربية المقبلة : أكد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية أن قمة الرياض المقبلة التى ستنعقد فى 28-29 مارس الجارى ستشهد مشاركة واسعة من الزعماء العرب .. مُشيراً إلى أن القمة ستتخذ مواقف وقرارات محددة تجاه مختلف القضايا السياسية المعروضة عليها ، سواء بالنسبة للقضية الفلسطينية أو العراق أو لبنان أو سوريا أو السودان أو الصومال ، بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية والاجتماعية المهمة التى يتضمنها جدول أعمال القمة . وأوضح موسى أن الملف الاقتصادى والاجتماعى يُشكل أحد المحاور المهمة التى سيتم بحثها فى اجتماعات القمة ، مُشيراً أن جدول أعمال القمة يتضمن بنداً مهماً يتعلق بتحديث التعليم ويستجيب لقرار قمة الخرطوم ببدء معالجة هذا القطاع الحيوى الهام الذى يمس مصالح المجتمعات العربية ومستقبل أجيالها ، ومُضيفاً أن أمام القمة وثيقة خاصة للنهوض بالتربية والتعليم والبحث العلمى . كما يتضمن جدول الأعمال بنداً يتعلق بآلية فاعلة تتعلق بمحكمة الاستثمار العربية التى طالب بها المستثمرون من القطاعين العام والخاص . ومن ناحية أخرى أكدت مصادر عربية على أن هناك اتفاق عام بين الدول العربية على إلغاء فكرة صدور بيان ختامى عن أعمال القمة وإن كانت اللجنة التحضيرية تنسق من أجله والاكتفاء بإصدار القرارات بشأن القضايا التى يتضمنها جدول الأعمال والاكتفاء بإصدار إعلان نهائى للقمة الذى سيحمل اسم " الرياض " . ** المقترحات المصرية على جدول القمة العربية : كشفت مصادر سياسية على أن مصر تقدمت بعدد من المقترحات على قمة الرياض وتشتمل على ورقة حول الأمن القومى العربى وضرورة شموليته وورقة حول كيفية تعزيز العمل العربى المشترك فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية بالمشاركة مع ثلاث دول عربية هى الكويت والإمارات والسعودية ، كما تقدمت مصر بورقة ثالثة حول دعم وتأهيل المؤسسات والكوادر الفلسطينية لتكون قادرة على تسيير الأمور المدنية فى المرحلة الحالية وحتى مرحلة ما بعد قيام الدولة الفلسطينية . وكشفت المصادر أن مصر ستتقدم خلال أعمال القمة بمقترح لإنشاء وحدة داخل الأمانة العامة للجامعة العربية لرصد وتسجيل انتهاكات إسرائيل للقانون الدولى والإنسانى فى الأراضى المحتلة تقوم بالتنسيق مع المنظمات الحقوقية غير الحكومية بتجميع الشهادات والوثائق والأدلة والشهود المتعلقة بهذا الموضوع . وأشارت المصادر إلى أن هناك مشروع قرار تقدمت به مصر أيضاً حول القمم التشاورية ووضع الضوابط والمعايير التى تراها لهذه القمم . وأكد السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية ومندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية أن اهتمام مصر وتركيزها فى القمة ينصب على شمولية مفهوم الأمن القومى العربى والمزاوجة بين أبعاده الدفاعية والأمنية المباشرة وبين أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية . **الاجتماعات التحضيرية وقد بدأ مسؤولون كبار في الدول العربية ومندوبون دائمون لدى الجامعة العربية اليوم السبت في الرياض الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية التاسعة عشرة التي ستعقد في 28 و29 مارس. وقال الامين العام المساعد للجامعة احمد بن حلي ان مسؤولي الدول العربية والمندوبين الدائمين لدى الجامعة العربية "بدأوا الاجتماعات التحضيرية للقمة برئاسة المندوب السعودي". واضاف "انهم يناقشون بنود البيان الختامي للقمة واعلان الرياض الذي سيعرضونه على وزراء الخارجية خلال اجتماعهم الاثنين". وعدد بن حلي الملفات التي يناقشها المندوبون وهي القضية الفلسطينية ومبادرة السلام العربية والعراق والصومال والسودان والملف النووي والشرق الاوسط. واكد ان الازمة اللبنانية ستناقش من قبل رؤساء الدول "خصوصا بوجود اشارة مشجعة على تقارب بين اطراف النزاع في لبنان". من جهته, اكد الامين العام المساعد للجامعة العربية للشؤون الفلسطينية محمد صبيح رفض اي تعديل لمبادرة السلام العربية. وقال ان "هذه الخطة تمثل موقفا عربيا موحدا والمناقشات دلت على انها ستبقى كما هي ولم يدخل اي تعديل على هذه المبادرة التي تستند الى الشرعية الدولية". واضاف ان القمة العربية "ستؤكد مجددا تمسكها بهذه الخطة وستتبنى اجراءات لشرحهاعلى الساحة الدولية"