طائرات تحطمت وسياسات تجددت

عارف وعلياء وقرنق وكاشينسكي

طائرات هوت بسياسيين فتحطمت وتغيرت معها مسار السياسة التي غابت مع انتهاء حياة ضحايا الطائرات وتجددت مع من جاءوا خلفا لهم.
ولم يكن مصرع الرئيس البولندي "ليخ كاشينسكي" وعقيلته والوفد المرافق له في تحطم طائرة من طراز "تو- 154" عند هبوطها في مطار "سيفرني" العسكري في ضواحي "سمولينسك" غرب روسيا، الحادث الأول من نوعه بل سبقه طائرات أخرى سقطت بمشاهير السياسة.
ومن أشهرهذه الحوادث، مصرع أمين عام منظمة الأمم المتحدة "داغ همرشولد" في حادث تحطم طائرة في عام 1961 أثناء مهمة للتفاوض بشأن وقف إطلاق النار في الكونغو. وخلفه "يوثانت" الذي شهد فترة سياسية مهمة وقعت خلالها حرب 1967، وصدر قرار مجلس الأمن 242 الخاص بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة والذي ظل تفسيره مثار جدل.
وفي 13 أبريل/ نيسان 1966، كان الرئيس العراقي الأسبق "عبد السلام عارف" يقوم مع عدد من مرافقيه ووزرائه بزيارة تفقدية لمحافظة البصرة، عندما سقطت طائرته الهليوكبتر إثر هبوب عاصفة رملية. وخلفه شقيقه "عبد الرحمن عارف" رئيسا للعراق، ليكون نظامه امتدادا لسابقه.
ومن أبرز ضحايا حوادث الطائرات الملكة "علياء" قرينة العاهل الأردني الراحل حسين بن طلال، حيث سقطت بها الطائرة التي كانت تتقلها عام 1977 أثناء توجهها إلي جنوب الأردن في رحلة تفقدية للمناطق النائية، وسمي مطار عمان علي اسمها منذ ذلك الحين.
وفي 2 مارس/ آذار 1981، قتل الفريق أحمد بدوي و13 من كبار قادة القوات المسلحة مصرعهم، عندما سقطت بهم طائرة عمودية في منطقة سيوة بالمنطقة العسكرية الغربية بمطروح.
وفي 5 مايو/ أيار 1989 لقي وزير الدفاع العراقي الأسبق "عدنان خير الله" مصرعه إثر تحطم طائرة مروحية في منطقة بدوية نائية شمال بغداد، وأشار البعض حينها إلى أن الحادثة مؤامرة دبرها ابن اخته الرئيس العراقي "صدام حسين" الذي تم إعدامه في ديسمبر/ كانون الأول 2006.
ومن حوادث الطائرات الشهيرة أيضا، سقوط طائرة تقل رئيسي جمهوريتي بوروندي ورواندا "جوفينال هابياريمانا" و"سيبرين نتاريميرا" ومقتلهما في 6 أبريل/ نيسان 1994 فوق "كيغالي" – عاصمة رواندا - نشبت بعدها حرب أهلية عنيفة وواسعة النطاق في البلدين.
وفي السودان قتل الفريق "الزبير محمد صالح" النائب الأول للرئيس السوداني عمر البشير مع 20 من العسكريين والمدنيين إثر تحطم طائرة عسكرية في ولاية "أعالي النيل" في فبراير/ شباط 1998.
وفي يوليو/ تموز 2005، تحطمت طائرة رئاسية أوغندية كانت تقل الدكتور جون قرنق النائب الأول السابق للرئيس السوداني زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، وكان عائدا من أوغندا مع 13 آخرين، وأعلن أن سبب الحادث سوء الأحوال الجوية. وخلفه الفريق أول سيلفا كير ليصبح النائب الأول لرئيس السودان ورئيس حكومة الجنوب، واللاعب الرئيسي في الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان المقرر في 2011 إما باستمرار الوحدة أو بالانفصال.
وآخر هذه الحوادث، سقوط طائرة الرئيس البولندي "ليخ كاشينسكي" في 10 أبريل/ نيسان 2010 بسبب الضباب الكثيف، ليقتل "كاشينسكي" وقرينته وجميع ركاب الطائرة البالغ عددهم 97 شخصا بينهم رئيس أركان الجيش وحاكم البنك المركزي، حيث ارتطمت الطائرة القادمة من "وارسو" بقمم الأشجار أثناء هبوطها في "سمولينسك" غرب روسيا قبل أن تصل إلى مدرج المطار ب500 متر. وكان الرئيس البولندي يقوم بزيارة خاصة للمشاركة في الذكرى ال70 لضحايا مأساة "كاطين".
فالأمر ليس مجرد طائرات تسقط، وإنما هي سياسات تتبدد وأخرى تتجدد.