لم يخفِ هتلر أبدا أنه كان يعتزم محو الشيوعية من وجه الأرض وكان قد حارب الشيوعيين وهزمهم في ألمانيا نفسها في أوائل الثلاثينات وفاخر بعد توليه الحكم بفترة وجيزة بأنه سوف يطيح بنظام ستالين قريبا والحقيقة أن الكثيرين من السياسيين في الغرب ظنوا أنهم يستطيعون استخدام هتلر للقضاء على البلشفية في روسيا ومع ذلك فقد كان واضحا أن الهجوم النازي في يونيو 1941 قد فاجأ ستالين ولم يأت إعلان الحرب من جانب ألمانيا إلا بعد أن كانت القوات الألمانية داخل الأراضي السوفيتية في عملية زحف سريع . وبحلول شهر ديسمبر كان الألمان على أبواب موسكو ، ولكن قسوة الشتاء الروسي وشجاعة الشعب الروسي قهرتا هتلر في النهاية . وعندما فتح الحلفاء الجبهة الثانية ضد ألمانيا في الغرب عام 1944 كانت القوات الألمانية تتقهقر أمام الجيش الأحمر . وعلى هذا فإن ما يحتاج إلى تفسير ليس غزو هتلر للإتحاد السوفيتي في يونيو عام 1941 بل سبب عقده معاهدة عدم اعتداء مع السوفيت في عام 1939. والسبب هو أن هتلر لم يكن مستعدا لشن حرب على جبهتين في الوقت نفسه ،وكانت قواته قد أحرزت النصر في تشيكوسلوفاكيا وغيرها ، ولكنه لم يكن ليستطيع مهاجمة هدفه التالي بولندا، دون ضمان أن السوفيت لن يقاوموه هناك . ولابد أن النازيين كانوا يعلمون أن الهجوم على بولندا سيورطهم في حرب مع بريطانيا وفرنسا ، اللتين تعهدتا قبل أشهر من ذلك بتقديم العون إلى بولندا .. وهكذا وافق على التهام السوفيت لنصف بولندا الشرقي ومناطق أخرى ثمنا للحياد السوفيتي . ولم يستطع البولنديون أن يقاوموا مقاومة تذكر . وبحلول منتصف عام 1941 كان الفرنسيون قد انهزموا وبقى البريطانيون معزولين في أوربا وصار هتلر قادرا على تركيز قوته على الجبهة الشرقية . وكان ستالين على علم تام بنوايا هتلر وبذل مساعي مستمرة لإقامة حلف مناوئ للفاشية مع الدول الغربية . ولم يوقع ستالين على المعاهدة مع هتلر إلا بعد رفض هذه الدول الموافقة على ذلك .وكان يعلم أن روسيا لم تكن في وضع يمكنها من مقاومة هجوم نازي عام 1939 . فقد كانت روسيا متأخرة كثيرا وراء ألمانيا من حيث تطوير صناعاتها الحربية في ذلك الحين . كما أنها كانت قد أتمت لتوها سلسلة من عمليات التطهير القاصمة ، التي أضعفت زعامة الإتحاد السوفيتي السياسية والإقتصادية ولاسيما بعد أن أعدم ستالين نصف ضباط الجيش الأحمر لإرتيابه في ولائهم له .