بعد نجاح إسرائيل في التسلل إلي مهرجان قازان للسينما الإسلامية والتحذير من مغبة السقوط في شرك مخططات يجري تنفيذها تحت شعارات براقة من قبيل من حوار الثقافات إلي ثقافة الحوار الذي يرفعه مهرجان قازان مافتح الباب أمام وصول مايقرب من عشرين صحفيا إسرائيليا جري استقبالهم علي أعلي المستويات. ومن اللافت أن ظهور إسرائيل لأول مرة في مهرجان قازان جاء في أعقاب قرار موسكو بطرد شمويل بوليشوك الدبلوماسي الإسرائيلي بتهمة التجسس وهو المواطن السوفيتي الذي هاجر من أوكرانيا إلي إسرائيل في عام1979 وكان بوليشوك يعمل في موسكو ممثلا لوكالة ناتيف المسئولة عن تجنيد اليهود للهجرة إلي إسرائيل, مدعوما من جانب رفيقه المولدوفي المتطرف افجيدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلية زعيم حزب إسرائيل بيتنا وقد كشفت مصادر إسرائيلية وروسية عن أن هذا الحادث لم يكن الأول حيث سبق وطردت موسكو في عام1996 رينوفين دانيل المواطن الليتواني السوفيتي السابق ضابط الموساد الذي استطاع تجنيد أحد العاملين في المخابرات العسكرية الروسية. ويذكر التاريخ أن إسرائيل نجحت منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي في استقطاب مايقرب من المليون يهودي وغير يهودي من بلدان الاتحاد السوفيتي السابق للهجرة إلي الأراضي العربية المحتلة ولم يقتصر نشاط الدوائر الإسرائيلية علي تشجيع الهجرة حيث سجل الماضي القريب تنوع انماط الاختراق ومنها ما أختاره فلاديمير جوسينسكي أول رئيس للمؤتمر اليهودي الروسي ونائب رئيس المؤتمر اليهودي العالمي حين أكد أن روسيا هي الوطن وأن اليهود يستطيعون من موقعهم مساعدة الأشقاء في إسرائيل. علي أن جوسينسكي عاد هذا الأسبوع ليعلن بعد غياب اضطراري عن موسكو دام لما يقرب من التسع سنوات قضاها في المنفي بعد هروبه من روسيا رغبته في العودة ويسأل عفو سلطات الكرملين التي قد توافق علي عودته مقابل استعادة ماسبق وهربه من أموال. وبالمناسبة فقد صارت إسرائيل مرتعا للكثيرين من الهاربين من موسكو المتهمين بارتكاب الكثير من الجرائم وتطالب موسكو باستعادتهم لمحاكمتهم وهو ماترفضه إسرائيل. ذلك كله يعيد إلي الاذهان واقعة من واقع سجلات ارشيفي وزارتي الخارجية السوفيتية والإسرائيلية تقول ان جولدا مائير الأوكرانية الأصل رئيسة وزراء إسرائيل في ستينيات القرن الماضي حين عادت من إسرائيل سفيرة لبلادها في موسكو في مطلع الخمسينيات تقدمت إلي ستالين بطلب السماح لليهود السوفيت بالهجرة خاصة ان الاتحاد السوفيتي كان أول دولة في العالم تعترف بإسرائيل فضلا عن أنه سبق وأوفد إليها الكثيرين من أبرز قياداته الشيوعية اليهودية بغية اقامة أول دولة اشتراكية في الشرق الأوسط. وقالت المصادر ان ستالين طلب إبلاغ مائير باعداد قوائم باسماء الراغبين في الهجرة إلي إسرائيل ليأمر لاحقا بإرسالهم إلي سيبيريا لتعميرها أولا قبل تعمير إسرائيل بسبب تحول إسرائيل صوب التعاون مع الولاياتالمتحدة في مطلع خمسينيات القرن الماضي. الكثير من الشواهد يقول إن الدوائر الإسرائيلية الحاكمة جادة في الاستمرار في محاولات تجنيد اليهود في الفضاء السوفيتي السابق للهجرة. وقد كشفت المصادر عن وجود خطة تستهدف تهجير ثمانمائة ألف يهودي إلي إسرائيل ومن هذا المنظور يتوقف الكثيرون عند الغريب في أطوار علاقات القيادة الإسرائيلية بالكرملين ومنها ما تسبب في احراج القيادة السياسية الروسية. ويذكر المراقبون الزيارة السرية التي قام بها بنيامين نيتانياهو لموسكو في7 سبتمبر الماضي فقد أصر المتحدثان الرسميان لهاتين المؤسستين رفيعتي المستوي علي انكار خبر الزيارة في نفس الوقت الذي تعمدت فيه قيادة إسرائيل تسريب خبرها عبر الصحف الإسرائيلية بداية لتعود لاحقا إلي الاعلان عنها رسميا وهو مادفع الرئيس دميتري ميدفيديف إلي تأكيدها لاحقا معربا عن دهشته قائلا ما معناه إن القيادة الإسرائيلية هي التي طلبت التكتم علي خبر هذه الزيارة. وما لم يقله الرئيس الروسي هو: لماذا جاء نيتانياهو؟ طبعا الحديث عن انه جاء لبحث العلاقات الثنائية مسألة من نافلة القول, أما ماكشف عنه الجانب الإسرائيلي فيتلخص في أنه جاء للتحذير من أخطار البرنامج النووي الايراني وتسليم موسكو أسماء العلماء الروس الذين شاركوا إيران في تنفيذ خطة صناعة القنبلة الذرية. وهناك من أشار إلي أنه جاء للافراج عن عملاء الموساد مختطفي السفينة الروسية التي قيل إنها كانت تحمل منظومات صاروخية حديثة خاصة بايران, ويذكر المراقبون ايضا الحرج الذي وضعت القيادة الإسرائيلية فيه الرئيس ميدفيديف حين أعلنت تعليقا علي ما قاله حول انه يصدق الزملاء الإسرائيليين الذين وعدوه بعدم الهجوم ضد إيران بأن أحدا لم يعد ميدفيديف بذلك عموما غياب المعلومات هو أفضل مبرر لترويج التأويلات ولانقول الشائعات فقد كان خبر زيارة نيتانياهو لموسكو يندرج ضمن عداد الشائعات حتي الأمس القريب!