ما زالت مسألة خسارة وزير الثقافة فاروق حسني لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو تثير شهية الكتاب والمحللين الذين يرى بعضهم من خلالها كيف أن العرب مازالوا بعيدين عن دائرة التأثير العالمي في جريدة"الأهرام" كتب د. سليمان عبد المنعم يقول: كان قرار الاعتراض علي وصول وزير ثقافة مصر إلي سدة اليونسكو قد اتخذ منذ فترة طويلة وبمجرد الاعلان عن نية التقدم للترشيح ولعل هذا الاعتراض وربما الفزع من احتمال ترؤسه اليونسكو سببه الحقيقي والبعيد هو قضية القدس, فليس سرا أن إسرائيل تسعي بكل الطرق والوسائل إلي تهويد المدينة المقدسة, وقد نجحت إسرائيل في عهد المدير الحالي لليونسكو الياباني ماتسورا ومنذ أن تم انتخابها عضوا في لجنة التراث العالمي في تسجيل مدينة عكا القديمة ومدينة تل أبيب البيضاء والتلال التوراتية ضمن قائمة التراث العالمي, ولا شك أن السنوات المقبلة تبدو حاسمة علي طريق تحديد وضع المدينة المقدسة وسيكون التراث الثقافي للقدس أحد الملفات التي سيدور حولها الجدل وإسرائيل لاتطمئن لوجود عربي مسلم رئيسا لليونسكو في هذه الفترة المقبلة, فما الذي يضمن لها حين يجد الجد ألا يقف المدير الجديد لليونسكو حجر عثرة أمام مخطط التهويد الثقافي للقدس ويصف صلاح منتصر فشل حسني بأنه فشل بطعم الفوز فقد نقلته المعركة الشرسة التي خاضها من شخصية مصرية محلية إلي فاروق حسني الشخصية العالمية التي تتجه إليها الأنظار في كل مكان يدخله, كما حدث مع عمر الشريف عندما انتقل من المصرية إلي العالمية ويتذكر فيصل صالح الخيري في "الأهرام المسائي" قول الزعيم الصهيوني مناحيم بيجين أمام ممثلي الجيش الاسرائيلي بتاريخ1958/10/28: "إن قلوبكم أيها الإسرائيليون لايجب أن تتألم وأنتم تقتلون عدوكم, ولا ينبغي أن تأخذكم به شفقة, طالما أننا بعد لم نقض علي ما يسمي بالثقافة العربية, التي سوف نبني علي انقاضها حضارتنا الخاصة" ويضيف وإذا كان الأمر كذلك, فما أسخف تعرض المرشح المصري لحرب شرسة خلال جولات التصويت, قادها مندوب الولاياتالمتحدةالأمريكية الدائم لدي اليونسكو, وشاركت فيها كل من المانيا واليابان, بدعم من المنظمات الصهيوينة. واستخدمت في هذه الحرب كل الوسائل ما بين ترهيب وترغيب, لإثناء الدول الداعمة للمرشح المصري عن موقفها, وهذا لم يحدث بهذه الصورة منذ إنشاء اليونسكو قبل ستين عاما وتحت عنوان نجح حسنى وُهزمت الثقافة العربية حسب صورتها فى العالم بعد 11 سبتمبركتب سمير فريد في "المصري اليوم" يقول: الكثير من ردود الأفعال المنشورة تجاه عدم فوز فاروق حسنى، بمنصب مدير عام اليونسكو، تعتبر أدلة فى يد من وقفوا ضده بأنهم كانوا على حق. فالموقف مركب مثل واقع الدنيا وتاريخها، بينما أصبح السائد فى مصر والعالم العربى أن كل شىء إما أبيض أو أسود، أو أن العالم، على حد تعبير أسامة بن لادن صانع 11 سبتمبر، ينقسم إلى «فسطاطين». ويضيف نجح فاروق حسنى بجدارة كفرد، وكممثل لدولة مصر، ومعبر عن الثقافة المصرية، وهى القلب من الثقافة العربية الإسلامية، عندما حصل على 29 صوتاً، ولم يفز بالمنصب لتراجع صوتين فقط، ولكن الإصرار على عدم فوزه من أمريكا والدول الغربية الكبرى التى تحكم العالم لا يرجع إلى موقفهما من شخصه، ومن الدولة التى يمثلها، وانتمائه إلى حكومة ترفض التطبيع الثقافى مع إسرائيل فقط، وإنما أيضاً إلى أنه يمثل ثقافة مهزومة ومأزومة منذ 11 سبتمبر. وفي جريدة"الدستور" الأردنية تنتقد ليلى الأطرش النظرة لخسارة فاروق حسني للمنصب على أنها خسارة لمصر والعرب وترى أن وصول فاروق حسني لليونسكو لم يكن ليغير سياسات موضوعة ، فقد تبوأ عرب كثيرون مناصب رفيعة في اليونسكو دون أن يتركوا بصمات ، ومروا في سياسات موضوعة دون أثر واضح. وترجع الضجة التي صاحبت نبأخسارة حسني الى استمرارتعامل الحكومات العربية مع منظمات الأممالمتحدة المختلفة كقوة مؤثرة ومستقلة عن مموّليها ، ولهذا يصاب العرب بخيبة أمل جديدة في كل مرة يكتشفون فيها أن هذه المنظمة إما عاجزة ، أو تنفّذ ما يملى عليها. وتضيف ...لم يكن مؤملاً في حال فوز الوزير فاروق حسني بتغيير واضح في نهج وسياسة اليونسكو ، ولا أن يجترح المعجزات في تقريب الثقافات في العالم ، فهي كمنظمة دولية تعتمد مثل أمها الأممالمتحدة على مموليها ومن يدفع نفقاتها ورواتبها ، وأن حال العرب وشرذمتهم وانقسامهم يجعل التعامل الدولي معهم مائعاً ، فلا أحد يراهن على حصان ضعيف. وأن خسارة فاروق حسني مؤشر فقط على أن العرب ما زالوا بعيدين جداً عن ان يكونوا قوة مؤثرة في المحافل الدولية الثقافية كما السياسية.