أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    سعر الدينار الكويتي في البنوك اليوم الأحد 9 يونيو 2024    ارتفاع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الأحد 9 يونيو 2024    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    واشنطن: إسرائيل لم تستخدم الرصيف البحري لإنقاذ الرهائن الإسرائيليين في غزة    كيف يشكل قرار الحكومة الإسرائيلية إخلاء الشمال هدية لحزب الله؟ وكيف هي الصورة الآن؟    هيئة التجارة البحرية البريطانية تعلن عن هجوم استهدف سفينة في السواحل اليمنية    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    ترتيب مجموعات تصفيات كأس العالم لقارة افريقيا 2026    بيلينجهام الأعلى قيمة سوقية بين لاعبي أمم أوروبا 2024    ننشر أوائل الشهادات الإعدادية والإبتدائية الأزهرية بالوادي الجديد    أطول إجازة للموظفين في مصر خلال 2024.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    قرار صادم من نقابة المهن الموسيقية بشأن واقعة صفع عمرو دياب ل معجب    دعا لمقاطعة أعمال «الهضبة».. عمر هريدي: ابناء الصعيد يتضامنون مع الشاب «سعد» الذي صفعه عمرو دياب    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء استهداف طيران الاحتلال لشقة في غزة    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    خلال الربع الأول.. 129% نموًا بصافى أرباح بنك القاهرة والإيرادات تقفز إلى 7.8 مليار جنيه    استمرار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس المتوقعة اليوم    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    ضبط مصري يسرق أحذية المصلين بمسجد في الكويت وجار إبعاده عن البلاد (فيديو)    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    لميس الحديدي توجه رسالة للحكومة بشأن قطع الغاز الطبيعي عن مصانع الأسمدة    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    "دا مينفعش يتقاله لا".. القيعي يكشف أسرار تعاقد الأهلي مع ميدو    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الجدي الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أيمن موكا: الجونة لم يبلغني بمفاوضات الزمالك ولم أوقع    زراعة القاهرة تحصل على شهادة الأيزو لجودة المؤسسات التعليمية.. وعميد الكلية: جهد جماعي    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    دعاء ثالث ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم بشرنا بالفرح    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة والضبعة المركزي بمحافظة مطروح    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    قومي حقوق الإنسان يكرم مسلسل بدون سابق إنذار (صور)    «تخلص منه فورًا».. تحذير لأصحاب هواتف آيفون القديمة «قائمة الموت» (صور)    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير جهاز مناظير بمستشفى الضبعة المركزي    وزير التعليم الفلسطيني: تدمير 75% من جامعاتنا والمدارس أصبحت مراكز للإيواء    حظك اليوم برج العذراء الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تحرير 40 مخالفة تموينية فى حملة على المخابز والمحال والأسواق بالإسماعيلية    جامعة المنوفية تشارك في مبادرات "تحالف وتنمية" و"أنت الحياة" بقوافل تنموية شاملة    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى أبو كبير المركزي    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق حسنى «يتوعد» بعد الخسارة فى حوار ل«المصرى اليوم»: «القدس والعنصرية واليهود والتطبيع» هزمونى فى اليونسكو.. وسأعلن «الحرب الثقافية» ضد إسرائيل
نشر في المصري اليوم يوم 25 - 09 - 2009

لم يكن هناك فرق كبير بين فاروق حسنى، وزير الثقافة، الذى قال قبل الجولة الأولى من انتخابات اليونسكو إنه حتى لو خسر فإنه شعر بالنجاح، وحقق شهرة كبيرة من خلال المنافسة على منصب مدير عام المنظمة، لكنه يتمنى النصر ليفرح الشعب المصرى، وبين حسنى الذى عاد للقاهرة يوم الأربعاء الماضى بعد الخسارة ليقول إنه لم يشعر بالهزيمة، بل كسب وحقق شعبية أكبر، لكن عيناه دمعت عندما وصل مطار القاهرة لأنه لم يجلب النصر للشعب المصرى.
وزير الثقافة بدا متماسكا وثابتا خلال حواره مع «المصرى اليوم» وقال إن خسارة الانتخابات عمقت الفجوة بين الشمال والجنوب، مشيرا إلى دور السفير الأمريكى فى اليونسكو واللوبى اليهودى فى شن حملات مضادة لترشيحه، وقال «إن هذه الانتخابات جلبت الشهرة لليونسكو، ومشاركة مصر فيها طلعتها السماء السابعة».
وأكد أن التعصب والعنصرية واليهود الذين هاجموه بسبب القدس والتطبيع الثقافى هم السبب فى الهزيمة، معلنا الحرب الثقافية على الطغيان ومتحديا إسرائيل بكل الأشياء لجعلها «قزمة» أمام مصر. وأشار إلى أنه مازال متمسكا بليبراليته وانفتاحه على الآخر، وأكد أنه كَفَرَ بالساسة وأن حوار الحضارات يكون بين الشعوب وليس السياسيين.
«المصرى اليوم» ذهبت للوزير بعد عودته من باريس، وكان هذا الحوار من منزله بمنيل شيحة..
■ بعد خسارتك لمنصب مدير عام اليونسكو، ما أكثر شىء أزعجك فى الخسارة؟
- أنا ذهبت للمنظمة ببرامج كلها ابتكار، أعجبت الكثيرين، وانفعلوا بها جدا وشعروا أن برنامجى ملىء بالابتكارات، لكن الشىء الوحيد الذى ضايقنى فى الخسارة، هو أننى كنت أريد أن أجلب النصر للشعب المصرى، ولم تذرف عينى الدموع إلا بعد وصولى مطار القاهرة لأننى لم أجلبه لهم.
■ لكنها كانت معركة شريفة؟
- نعم، عندما كنت فى باريس، لم تكن حملتى ضد مرشح واحد ولا ضد المرشحين الثمانية فقط، بل كانت ضدهم وضد الصحافة، وللدفاع عن نفسى، ودرء التكتلات الرهيبة ضدى، ثم أخيرا الحملة من أجل الفوز، هذه كانت المواجهة اليومية فى اليونسكو.
■ متى شعرت أنك ستفوز بالمنصب؟
- شعرت فى بداية الانتخابات أننى سأفوز، ولم يكن هذا شعورى وحدى، بل الجميع داخل المنظمة كان يستشعر ذلك، وكان الباب الرئيسى للمنظمة يفتح لى عند وصولى، ولم يكن هذا يحدث مع غيرى من المرشحين، وكانت جميع وسائل الإعلام تنتظرنى على الباب وهو ما دفع مدير اليونسكو إلى طردهم، وعند التعادل وحصولى على 29 صوتا مقابل 29 للمرشحة البلغارية ارينا بوكوفا، شعرت أنها قفزت قفزة كبيرة من 13 صوتا إلى 29، وهذا عليه علامات استفهام كثيرة، ويشير إلى إمكانية حصولها على الصوت الإضافى ببساطة،
وبالفعل أخذوا لها صوتين من عندى، وكان سفير الولايات المتحدة فى المنظمة ديفيد كيللين منهارا ويتحرك يمينا ويسارا، حتى إنه جمع المجموعة الأوروبية مرتين يوم الجولة الأخيرة من الانتخابات، مرة 9 صباحا، ومرة أخرى 4 عصرا، وكنا فى الوفد المصرى متفائلين فى الصباح لكن بعد الظهر بدأت الأمور تتغير.
■ استطاعوا النجاح فى الاجتماع الثانى؟
- يبدو ذلك، أعتقد أنهم قالوا إن نجاحى سيعد مأساة، لذلك حاولوا منعه.
■ ما الأصوات التى تشعر أنها ذهبت منك؟
- لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال.
■ هل هى دول أفريقيا؟
- لم نأخذ سوى 3 أو 4 أصوات من أفريقيا، رغم أننا حصلنا على تأييد الأفارقة فى قمتى أديس أبابا وسرت، وكذلك فى اجتماع وزراء الثقافة العرب والأفارقة فى الجزائر، وفى اجتماع دول عدم الانحياز فى شرم الشيخ، وفى كثير من الاجتماعات الأخرى واللقاءات معهم.
■ ما العوامل التى منعت الأفارقة من التصويت لك؟
- أشياء كثيرة، سياسية وغير ذلك.
■ وماذا كان موقف الدول العربية؟
- العرب كان موقفهم موحدا جدا، ولعبت دولاً عربية دورا كبيرا، واتصل رئيس وزراء عربى بماليزيا وتايلاند، لحثهما على التصويت لى.
■ أثناء الانتخابات سمعنا أن النظام الانتخابى لليونسكو به رشاوى وتربيطات، ومن الممكن أن تعطى الدولة تعليمات لسفيرها فى المنظمة بالتصويت لمرشح معين لكنه لا يفعل ذلك معتمدا على سرية التصويت؟
- هذا يحدث، وأحيانا يكون بشكل علنى، فيقول السفير لن أعطيك صوتى، وهم يعلقون ذلك على شماعة التعليمات، فدائما يتعللون بعدم وصول تعليمات بشأن من يصوتون له، لكننى شعرت أننى انتقذت من هذا الفخ، حيث قررت الولايات المتحدة ودول أخرى كبيرة أن يتم تسييس الموضوع لتكون الانتخابات بين دول، وأنا أشكر كل الدول التى منحتنى صوتها وهى نصف العالم، رغم أننا كنا وحدنا فى الحملة، فى حين كانت الدول الأخرى تقف وراء أى مرشح بخلاف فاروق حسنى.
الولايات المتحدة هى التى كانت تتزعم هذا؟
- طبعا.
■ لو وضعنا أسبابا للتكتل وتحولها لحملة سياسية، ماذا ستكون، خاصة أن اليونسكو لم تشهد مثل هذا الصراع فى تاريخها؟
- بالفعل هى لم تشهد صراعا كهذا على مدى تاريخها، والسبب الأول يرجع للعنصرية بين الشمال والجنوب، أما الثانى فمتعلق باليهود الذين حلفوا بأقسى أيماناتهم أنى لن أحصل على المنصب لأجل القدس، ولم تكن القضية متعلقة بحرق الكتب، فأنا لم ولن أفعل ذلك، لكنهم اعتمدوا على حجة «عبيطة» وضخموها لتكون حقيقة صدقها السذج، وليقنعوا بها الشارع، لكن هوية القدس كانت هى الأساس هل هى عربية أم لا وما مستقبل الحفائر التى تتم فيها،
أما السبب الثالث فكان موقفى من التطبيع الثقافى، لقد أرادوا الانتقام منى لهذا السبب، رغم وقوف مجموعة من اليهود إلى جانبى، مثل مجموعة النبى دانيال، والمثقف اليهودى وكارلسفيلد، لكن الصحف لم تكن تنشر ما يقولونه، وعندما يكتب شخص مثل كارلسفيلد مرتين عنى فى الصحف فهذا شىء كبير جدا، ورغم أنهم انتقدوه فإنه أكد أنه لا يخاف منهم وقال لهم: «أنا فى آخر العمر ولا أخاف من شىء»، وهو يعد لمقالة جديدة ستنشر قريبا.
■ هل هناك أسباب أخرى؟
- نعم، التعصب والهيمنة على المنظمة، فهم لا يريدون للجنوب أن يهيمن، والسؤال عندهم: «كيف تهيمن دول الجنوب وماذا تفعل دول الشمال.. عندها تقشر بصل».
■ هذا يعنى أنهم مازالوا عنصريين ؟
- مؤكد، هم من يتكلمون عن التسامح والحوار والتعاطف والتصالح، ونحن من ذهبنا بفكر التصالح، فمشروعى كان يعتمد على التصالح بين الإنسان والطبيعة، بين الماء والجدب، بين الأديان، لكن مشروعهم كان الانشقاق، ونفذوه من خلال اللوبى ضدى، وتهييج وسائل الإعلام، والمقالات التى كتبها يهود.
■ وهل عمق ما حدث الفجوة بين الشمال والجنوب؟
- نعم، لكن فى الجنوب هناك دولاً تعتمد على إمكانيات الشمال فى أفريقيا وبعض دول آسيا، بالإضافة إلى أنهم كانوا يريدون الهيمنة والتسلط، وهذا لا يمكن معى، ولا يمكن أن يحركونى.
■ ما هى الأساليب التى اعتبرتها قذرة فى الحملة؟
- خروج اثنتين من الدول التى كانت تؤيدنى، وعمل سفير إحدى الدول العربية فى المنظمة والتى ليس لها حق التصويت ضدى، حيث كان يطوف بسفراء الدول الإسلامية لمنع انتخابى.
■ وقصة «أكيلى لاورو»؟
- أنا فوجئت بها، وبتوزيعها فى أروقة اليونسكو يوم الجولة الأخيرة، وقد استخدمت ضدى لأن بها اتهامات عن المشاركة فى تهريب 3 أشخاص ارتكبوا جريمة.
■ هل كانت هناك رشاوى فى الانتخابات؟
- سمعنا هذا الكلام، لكننا لم نستخدم هذا الأسلوب.
■ ما الذى كان سيجلبه النصر لمصر؟
- لم يكن ليجلب مكاسب مادية، بل كان سيظهر للعالم أن هناك كفاءات يمكن لها أن تدير المنظمة وتعطيها بشكل كبير.
■ كان سيظهر الثقافة المصرية والعربية؟
- لا، الثقافة ظاهرة، واليونسكو موجود على حس الآثار المصرية وغيرها، لكن المنظمة ليست آثارا فحسب، بل فيها برامج لمحو الأمية والتعليم والعلوم الطبيعية والإنسانية، وكل هذا كان فى برنامجى لإدارة المنظمة، حيث قدمت مشروعا للتعليم والجزر الصغيرة التى تعانى من التغير المناخى وارتفاع حرارة الأرض.
■ ماذا خسرنا؟
- خسرنا ثقة دول كثيرة، أو كسبنا أننا عرفنا دولا كثيرة، عرفنا الصديق من العدو، ولم نخسر شيئا كبيرا، لم تكن اليونسكو بهذه الشهرة فى العالم، هذه المعركة جعلتها على كل لسان وفى الصحف، من خلال اسم مصر، وهنا ظهرت قوة الدولة والمرشح المصرى، فلماذا كانت الصحف تهتم بى أنا فقط رغم وجود 9 مرشحين، كانوا يتكلمون عنى وحدى؟! وإذا أرادوا الحديث عن مرشح آخر وضعوا صورتى، حتى مع المرشحة الفائزة.. دخول مصر الانتخابات «طلّع» المنظمة فى السماء السابعة، وجعلها فى دائرة الشهرة، وكانت كل الصحافة لأجلى، وفى الشارع فى باريس كان العرب يلحقون بى ويرفعون علامة النصر، وزيارتى لباريس اختلفت هذه المرات عن المرات السابقة.
■ ما الذى استفدته من التجربة؟
- تجربة جميلة وقوية، زادت من معرفتى من خلال إدارتى لمعركة على مستوى دول، كانت معركة «فظيعة»، كسب منها فاروق حسنى الكثير، فعندما جئت وزيرا للثقافة لم أكن أعرف شيئا عن الوزارة وتعلمت وكذلك عندما توليت منصب مدير قصر ثقافة الأنفوشى، فالتجربة مهمة أعطتنى نوعا من أنواع الرؤية المختلفة.
■ نظرتك للآخر وليبراليتك ودفاعك عن الحوار مع الآخر هل تغيرت؟
- لا، أنا قيمت معنى كلمة حوار وليبرالية وشعرت بأننى أكثر ليبرالية من كثيرين فى أوروبا يتهموننى بمعاداة السامية وبفرض الرقابة على حرية الفكر، وعندما سئلت فى المنظمة عن حرية التعبير ذكرت لهم 3 حكايات: الأولى قصة نشر رواية «وليمة لأعشاب البحر»، ونشر قصيدة «شرفة ليلى مراد» للشاعر حلمى سالم بمجلة إبداع، وحصول سيد القمنى على جائزة الدولة، وقلت تم رفع قضايا علينا فى هذه القصص واستأنفنا الحكم، ومازالت القضايا قائمة إلى الآن وهذا كفاح لحرية التعبير، قلت لهم اذهبوا وشوفوا المسرحيات والأفلام فى مصر.
■ لكن لم تغير من نظرتك تجاه الآخر؟
- لا، بحكم وضعى من زمان، أنا أعمل على قبول الآخر واحترامه رغم عنصريته ورغم خطئه، وقبلت هنا من يتهموننى بظلم وعدوان للوصول إلى بطولة مزيفة وتعاملت معهم ومازلت أفعل ذلك، وأخدمهم حتى رغما عنهم لأننى وزير ثقافة.
■ لكنك لم تكن وزير ثقافة فى اليونسكو؟
- ولو، لكننى لابد أن أتفوق عليهم فى التسامح وفى التحضر، نحن دولة حضارة، ربما ليس لدينا تعليم كاف ولدينا أمية، لكن فى كل مصرى بذرة حضارة كبيرة، والدليل متابعة هذه الانتخابات من الإنسان المثقف للفرّان، وأنا دائما أقول: ممكن تُتهم بأى شىء، ولكن الأيام كفيلة بأن تنفيه، اتهمونى فى المنظمة بوجود فساد فى وزارتى، فقلت لهم أنا لدى 98 ألف موظف، إذا كان أحدهم فاسدا، فلتحسبوا النسبة، وتقارنوا هذا بالفساد الموجود عندكم على مستوى الرؤساء.
■ رغم ما سبق فإننا نشعر بأن بداخلك مرارة؟
- المرارة من هنا وليست من الخارج، مثلا سعيد اللاوندى خرج فى باريس ليهاجمنى فى ندوة، رغم أنه جاء لى قبلها بشهر و10 أيام طالباً وظيفة رئيس العلاقات الثقافية الخارجية، وأنا رفضت، وكان قبلها يشن ضدى حملة ابتزاز، لكنها لم تجدٍ، وهناك 5 أو 6 مثله ولا أريد ذكر أسماء.
■ هل هناك صحف محددة فى مصر ضايقتك؟
- نعم، إحدى الصحف اليومية الخاصة، وأنا لا أعرف ما هو اتجاهها هل هو قومى أم إسلامى أم مضاد لفاروق حسنى، والكل يعرف من الذى وراءها لكن لا يفصح عن ذلك، أنا بالنسبة لى لا أحب الاتهام المباشر، وأقول يجوز أن توجهها الذى يعرفه الجميع هو ما يجعلها تهاجم، وهناك علامة استفهام واضحة على توجهها.
■ هل قرأت مقال منى الطحاوى فى صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية؟
- نعم طبعا، والمكان الذى كتبت فيه يدل على أنها ليست مصرية وليست لديها رائحة مصر، هى لم تكن ضدى بل ضد وطن، والمنصب لم يكن طموحات شخص بل شعب ووطن، والشخص يمثل كل الشعب ويحمل تراثه.
■ لكن البعض يقول إنها مسألة شخصية؟
- أنا ذهبت للانتخابات بقرار رئيس، وليس بمزاج شخصى، لأن داخلى أكبر من اليونسكو، أنا بداخلى «عفريت كده»، بداخلى فنى، حياتى وأشياء كثيرة تجعلنى مستغنيا، وعندما كنت أحاول جلب النصر لمصر كنت أعرف أننى سأقع فى مصيبة، البعض يظن أننى ذهبت بحثا عن مال وجاه، وأنا لست محتاجا للاثنين، وأكبر دليل على ذلك أننى منحت الشهرة لمنظمة اليونسكو، حيث شهد الجميع بأن الانتخابات هذه المرة هى الأبرز وتابعها العالم كله باهتمام شديد لأننى موجود فيها.
■ ماذا عن دعم الرئيس مبارك لك فى الحملة؟
- أنا أفخر بدعم الرئيس مبارك، كان الرئيس يتصل برؤساء الدول، وكذلك ابنه جمال، والدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء، وفايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولى.. كانت ملحمة عظيمة شارك فيها الجميع، وأحمد شفيق وزير الطيران كان موجودا فى باريس بالصدفة، وجلس معنا يقارن ويحسب ويخطط للحملة، وكنت متفوقا حتى الجولة الأخيرة، وهذا ما كانت جميع الصحف تكتبه: «المصرى المتفوق»، لكننا شهدنا مناورات و«لعبا» رهيبا فى الجولة الأخيرة، وأذكر أنه عند التعادل فى الجولة الرابعة قال أحد السفراء: مبروك، فكانت الإجابة عن دول أوروبا وأمريكا: «مبروك على إيه نحن كنا منتظرين 34 صوتاً، ومن يقول إن الحملة كانت لنفسى، عايزينه يروح ويجيب هذه النتائج».
■ لو شخص غيرك لم يكن ليحصل على هذه النتائج؟
- لا أزعم هذا، لكن كان هناك «غل» تجاهى من إسرائيل ومن اليهود وهذا مكسب بشكل شخصى وكسبت كأننى فزت .
■ هل هذا الغل سيجعلك تغير قناعاتك من ناحية إسرائيل؟
- أنا ذهبت بمشروع إنسانى وتوجه سلام فى كل مكان، وما سيجعلنى أغير قناعاتى، أن هؤلاء ليسوا أنصارا للسلام، ولا يريدونه، هم يطالبون بالتطبيع للسيطرة علينا، وهذا واضح.
■ كيف تقارن بين السفير الأمريكى الذى لم يكن ينام للعمل على خسارتك، وبين خطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما للعالم الإسلامى؟
- فيه «كونتراست» كبير، بلغة الفن، لونان مختلفان اختلافا شديدا.
■ وهل تعتقد أن خطاب أوباما كما يقول البعض كان للاستهلاك الإعلامى، وأن الولايات المتحدة رسبت فى أول اختبار؟
- لا أعتقد أن هذه هى عقلية أوباما شخصيا، لكن الإدارة هزمته، هو شخصيا رجل تصالح وسلام.
■ وهل هذا مؤشر على الفترة المقبلة وعلى تعامل أوباما مع معركة السلام؟
- اليونسكو كانت أول معركة، وهى مؤشر خطر ولو رأى أنه كان ضحية لإدارته لابد أن «يستعدل» أمورا كثيرة جدا .
■ كواحد من أبرز الليبراليين فى مصر هل ستستطيع الدفاع عن الانفتاح الفكرى والعقلى فى وجه التعصب؟
- عندما تدخل فى الحسابات الشخصية والسياسية نعم، لكن السؤال هل تتعامل للمواقف الشخصية أم لمبدأ عام، أنا لا أكره أحدا حتى من يكرهنى، لأننى وزير ثقافة وخادم للجميع حتى من يكرهنى.
■ لكن عندما تخرج فى منتديات وتتكلم عن حوار الحضارات، كيف سترد على من يقول لك إن ما حدث كان صراعا للحضارات؟
- نحن من سنأخذ حوار الحضارات، أنت تتحاور مع الشعوب وليس مع الساسة.
■ هل كفرت بالساسة؟
- هذا واضح، عندما تسيّس اليونسكو ما الذى لن يسيّس بعد ذلك، انتهى الأمر وسُيّست المنظمة التى لابد أن تكون لها سياسة ثقافية بعيدة عن هذا الموضوع.
■ قبل الانتخابات قلت إنك ستستقيل إذا خسرت وإذا لم ير الرئيس عكس ذلك، فهل حدث كلام فى هذا الموضوع؟
- حصل كلام غير مباشر، الرئيس مبارك اتصل بى وقال لى: «بص لشغلك وارمى ورا ضهرك»، ونحن نعرف لغة بعض، كما أن رئيس الوزراء أحمد نظيف اتصل بى فور نزولى من الطائرة وهنأنى بالحملة وقال لى: «كسبناك فى مصر، كمّل مشروعاتك العظيمة، ونحن نحتاجك، وهم خسروك»، ولا تستطيع الرد على هذا بالاستقالة، بالطبع أنا لى رغبة فى الراحة، لكننى كنت ذاهبا لمهمة انتحارية فى اليونسكو من أجل مصر، فهل أرفض العمل فى مصر؟!
■ وكيف سترد على إسرائيل بعد موقفها منك؟
- موقف إسرائيل جعلنى أتحداها بأكثر الأشياء فى العالم التى ستجعلها «قزمة» أمام مصر وثقافتها.
■ إذن أنت تعلن الحرب الثقافية؟
- نعم، الحرب الثقافية ضد الطغيان ولكن ليس ضد الثقافة نفسها.
■ دخلت الكثير من المعارك لكنك كنت دائما تخرج منتصرا، هذه المعركة ونتيجتها هل أثرت فيك؟
- لم أشعر بالهزيمة أنا متأكد لو أن الموضوع مرّ بشكل عادى، ونجحت بلا ضجيج، لم يكن المكسب ليظهر، نحن كسبنا اسم دولة «جامدة» ومرشح «جامد» واسمى أصبح فى كل مكان وشعبيتى زادت مع المفكرين العظماء فى أوروبا.
■ لكن الإنسان بطبيعته عندما يكون مستعدا للحصول على شىء ولا يحدث ذلك يشعر بقدر من المرارة؟
- طبعا، لكننى لم أستشعرها لذاتى لأننى شخصيا كسبت، المرارة الوحيدة التى جعلتنى أذرف الدموع عندما نزلت مصر، وشعرت بالحزن الشديد لأننى لم أستطع أن أجلب النصر للناس.
■ جماعة الإخوان المسلمين قالت إن ماحدث خسارة للنظام المصرى، فما تعليقك؟
- هذا لأنهم لا يرون خلف المواقف، وهذا هو اختلافنا معهم، هم لا يدخلون فى العمق، ولا يرون سوى شىء واحد وهو الدولة الإسلامية، وأتساءل: خسارة لأى نظام ونصف العالم كان معنا؟!
■ لو دخل «الإخوان» هذه الانتخابات هل كانوا سيحققون النصر؟
- نصف من منحونى أصواتهم فعلوا ذلك لأنى ضد الإخوان المسلمين.
■ ماذا عن أداء الوفد المصرى فى الانتخابات؟
- أداء الوفد المصرى كان رائعا، الرئيس كان يتابع ويكلمنا، ونترك له قائمة بأسماء الدول ليكلمها، وكذلك كما قلت من قبل ابنه جمال ونظيف، إضافة إلى دور وزارة الخارجية وهى وزارة عتيدة، لها تراث دبلوماسى عتيد وقديم، وأحمد أبوالغيط كان يعمل أوركسترا فى كل سفارات العالم، وكذلك الدكتور هانى هلال لعب دورا جيدا جدا والتقى بأعضاء اللجان الوطنية لليونسكو فى العالم وعمل ليلا نهارا، وشادية قناوى، السفيرة المصرية فى اليونسكو، كانت «نحلة» رائعة ووزيرة التعاون الدولى ووزير الطيران، وسامح فهمى وصفوت الشريف وحبيب العادلى، كانت مسؤولية شعرت بها وأثّرت فىّ بشكل كبير.
■ هل يمكن أن تكرر التجربة فى محفل دولى آخر؟
- انا سأكررها فى فنى كمحفل دولى، هذا هو ملعبى وقدرى.
■ لو رسمت لوحة عن اليونسكو كيف سترسمها؟
- فنى ليس حكايات، بل مشاعر تخرج فى ألوان، وكل مشاعر الإنسان عبارة عن ألوان.
■ لو جسدت اليونسكو فى لوحة فلأى مدرسة ستنتمى؟
- لو تكلمنا عن الحدث نفسه وهو الانتخابات، فسنضع منطق العبثية، لكن عندما ترسمها لا يمكن ترسمها إلا بالتجريد.
■ وما الألوان التى ستستخدمها؟
- أنا أحب الأسود، لكن لن أرسمها بهذا اللون بل بأى لون آخر لا أحبه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.