صيف ساخن جديد يواجه سكان قطاع غزة و"أمطار صيفية سياسية " تهطل عليهم بعد الأمطار التي هطلت العام الماضي، إثرقيام قوات الاحتلال بقصف محطة كهرباء غزة في يونيو 2006 في أعقاب عملية "الوهم المتبدد" التي نفذتها ثلاثة فصائل فلسطينية والتي أسفرت وقتها عن مقتل جنديين إسرائيليين من جنود الاحتلال واختطاف جندي ثالث " جلعاد شاليط " الذي لا زال مختطفا حتى اللحظة وإصابة سبعة آخرين بجراح. وقد لف الظلام في حينه قطاع غزة، واضطر سكان القطاع أن يعيشوا أكثر من 16 ساعة من يومهم في ظلام دامس جراء التوقف الكامل لعمل المحطة والاعتماد على القليل من الكهرباء الذي كان يتم الحصول عليه من إسرائيل. واليوم باتت مدينة غزة في ظلام دامس مرة اخرى بعد توقف محطة الكهرباء الرئيسية عن العمل ، ويستمر لليوم الرابع على التوالي انقطاع الكهرباء عن أنحاء قطاع غزة بعد أن علق الاتحاد الأوروبي دفع تكاليف شراء الوقود من الشركة الإسرائيلية التي تزود شركة توليد الكهرباء في القطاع بالوقود. ،ومن ثم توقف آخر مولدات الكهرباء الاربعة عن العمل. لا كهرباء ولا ماء ولا عمل ولا حياة معاناة السكان وصلت ذروتها ،فقد تعرضت أغذيتهم للتلف .. وليلهم حالك السواد..و المستشفيات معطلة،.واختفت الشموع من المحلات التجارية ويتسبب انقطاع التيار الكهربائي في معاناة كبيرة للسكان المدنيين، الذين يواجهون مشكلات حقيقية في إيصال المياه إلى منازلهم، بل وفي قدرتهم إلى الوصول إلى مساكنهم، خاصة وأن مدينة غزة تعج بالأبنية متعددة الطبقات، والتي يعني انقطاع التيار عدم قدرة كبار السن والمرضى من الوصول إلى منازلهم، وانقطاع إمدادات المياه عنها. وتتفاقم الأزمةخصوصا لدى المرضى حيث يعتبر شهر اغسطس الحالى من أكثر أشهر السنة ارتفاعا في درجات الحرارة التي تصل عند الظهر إلى أكثر من 30 درجة مئوية، فيما ترتفع نسبة الرطوبة أثناء ساعات الليل،.ويتعرض قطاع الخدمات الصحية لانعكاسات خطيرة بسبب هذه الأزمة خصوصا المستشفيات. وتوقفت محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة كلياً عن العمل بسبب نفاد الوقود مع توقف الاتحاد الاوروبي عن تسديد فاتورة الوقود وعدم وصول اموال جباية الكهرباء الى السلطة الفلسطينية بعد سيطرة حماس على قطاع غزة. جدير بالذكر ان الاتحاد الأوروبي يقوم بتمويل تزويد قطاع غزة بالوقود في إطار نظام مؤقت تم إقراره لتفادي تقديم تمويل مباشر لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). مسؤولون بالاتحاد الاوروبي برروا موقف الاتحاد بانه يخشى ان تحاول حماس استخدام محطة الكهرباء والعائدات الناتجة عن تزويد غزة بوقود يموله دافع الضرائب الاوروبي للتغلب على المقاطعة الغربية وتمويل حكومتها. وكانت اسرائيل قد فتحت معبرا حدوديا للسماح بإيصال الوقود إلى القطاع ولكن الشركة الاسرائيلية امتنعت عن تزويد المحطة بالوقود بعد امتناع الاتحاد الأوروبي عن دفع تكاليف الشحنة ، وكان الاوروبيون قد ابلغوا الشركة الاسرائيلية المتعهدة بادخال الوقود الخاص بالكهرباء بانهم لن يدفعوا لها نتيجة اشكالات مالية في عملية الجباية من سكان القطاع. يذكر ان الفلسطينيين كانوا يسددون فواتير الكهرباء للشركة الوطنية التي تحولها بدورها الى وزارة المالية ، وذلك قبل ان تسيطر حماس على القطاع في 15 يونيوالماضى ، وكان احد المراسيم الاولى التي اصدرها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد سيطرة حماس على غزة هو اعفاء سكان القطاع من دفع ضرائب في اجراء يهدف الى منع حماس من تحصيل اي عائدات محلية. غير ان حركة حماس استمرت في جباية هذه الضريبة (ما يبرر بحسب احد كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية تجميد التمويل الاوروبي.) ويتولى الجانب الاوروبي تسديد فاتورة الوقود المخصصة لادارة مولدات الكهرباء، شرط ان تعود الايرادات بشكل واضح الى خزينة السلطة، الامر الذي لم يعد اكيدا بعد تسلم حماس السلطة كاملة في القطاع،و حذر الاتحاد الأوروبي من أنه لن يستأنف تمويل عمليات تسليم الوقود إلى قطاع غزة إذا فرضت حماس ضريبة على فواتير الكهرباء. ويستهلك سكان غزة 200 ميجاوات من الكهرباء يأتي 120 منها مباشرة من خطوط الكهرباء الإسرائيلية و17 من مصر و65 من محطة غزة. كانت الأزمةقد بدأت يوم الجمعة عندما أغلقت إسرائيل معبر" نحال عوز" لأسباب أمنية وهو المعبر الذي تمر من خلاله الشاحنات التي تنقل الوقود إلى قطاع غزة. وعندما أعادت السلطات الإسرائيلية فتح المعبر الأحد كان الاتحاد الأوروبي قد قرر تعليق تمويل مشتريات الوقود لأسباب أمنية. وفى هذه الاجواء المظلمة تحولت الأزمة إلى معركة من الاتهامات المتبادلة بين حركتي حماس و فتح حيث يحمل كل طرف الآخر مسؤولية المستجدات الأخيرة في قطاع غزة.ومن المتسبب بهذه المآسي . وزير الأعلام الفلسطيني في حكومة تسيير الأعمال رياض المالكي دعا من رام الله الفلسطينيين بغزة إلى التظاهر وتحميل حماس مسؤولية الأزمة و نقص الطاقة . وبدورها حملت حماس حركة فتح والرئيس عباس المسئولية بخلق الأزمة عمدًا لدواعٍ سياسية ،مشيرة الى ان هذا يعد نوع من انواع الضغط بالاتفاق مع الجانب الاوربى على حد ادعائهم .. وعلى أية حال فان سكان غزة البالغ تعدادهم مليون ونصف المليون قد تعودوا على هذا الوضع السيئ، واصبح المواطن الفلسطيني العادي والفقير ضحية للتجاذبات السياسية وإصرار كل طرف على موقفه (الحكومة المقالة في غزة و الرئاسة في الضفة). فالمنطقة مغلقة منذ شهرين بشكل كامل بسبب الحصار الإسرائيلي لها، بعد الانقلاب الذي قامت به حماس ،الا ان السكان يتخوفون من أن تتدهور الأحوال وتصبح أكثر مأساوية خلال الأيام القادمة. 21/8/2007